شهد لبنان خلال الاشهر المنصرمة ارتفاعا كبيرا في جرائم العنف الاسري معظم ضحاياها من النساء – الزوجات ، يحصل هذا مع وجود قانون اقر قبل نحو عشر سنوات يشدد العقوبات على مرتكبي هذه الجرائم ، فماذا في هذا القانون ، وما هي اسباب ارتفاع هذه الجرائم ، وماهي الابرز والاحدث منها ؟
في القانون
قبل سنوات ومع تزايد جرائم العنف الاسري، وبغية الحد منها اقر مجلس النواب القانون الرقم 293 تاريخ 7-5-2014 (حماية النساء وسائر افراد الاسرة من العنف الأسري) . ولكن وبعد 6 سنوات تبين أن هذا القانون لم يحقق الهدف المطلوب لذا تم تعديله بموجب القانون الرقم 204 تاريخ 30-12-2020 بهدف سد الثغرات التي ظهرت عند الطبيق وكذلك تشديد العقوبة «وحسن تطبيق العدالة والنيل من المرتكبين لتفعيل تامين الحماية لافراد الاسرة جميعا»، وانسجام احكام المحاكم مع بعضها، وذلك وفقا لما ورد في الاسباب الموجبة لهذا التعديل .
في المادة الاولى من القانون عرف الاسرة : «انها تشمل أي من الزوجين والاب والام لأي منهما والاخوة والاخوات والاصول والفروع شرعيين كانوا او غير شرعيين ومن تجمع بينهم رابطة التبني او المصاهرة حتى الدرجة الثانية أو الوصاية او الولاية او تكفل اليتيم او زوج الام او زوج الاب» . اي انه شمل العدد الاكبر من افراد الاسرة الاقربين والابعدين. اما العنف الاسري فقد عرفه: «اي فعل او امتناع عن فعل أو تهديد بهما، يرتكب من قبل أحد افرادها ضد فرد من الاسرة أو أكثر، وفق المفهوم المبين في تعريف الاسرة، يقع اثناء الحياة الزوجية أو بسببها، ويترتب عنه قتل أو ايذاء جسدي أو نفسي أو جنسي او اقتصادي». وبهذا المعني يكون القانون قد شمل كل انواع العنف واشكاله.
وتم في مواد هذا القانون النص على تشديد العقوبة على جرائم العنف الاسري كما يلي :
• من دفع قاصرا دون الثامنة عشرة من عمره الى التسول عوقب بالحبس من ستة اشهر الى سنتين وبغرامة تتراوح بين الحد الادنى للاجور وثلاثة اضعافه.
• من حض شخصا أو اكثر ذكرا كان او انثى لم يبلغ الحادية والعشرين من عمره على الفجور أو سهله له او ساعده على اتيانه عوقب بالحبس من سنة الى ثلاث سنوات وبغرامة بين ضعفي الحد الادنى للاجور واربعة أضعافه.كما ويعاقب بالعقوبة ذاتها من تعاطى الدعارة او سهلها .
• من قتل انسانا قصدا عوقب بالاشغال الشاقة من خمس عشرة سنة الى عشرين سنة، تكون العقوبة من عشرين سنة الى خمسة وعشرين سنة اذا ارتكب فعل القتل احد الزوجين ضد الاخر .
• من اقدم بقصد استيفائه للحقوق الزوجية في الجماع او بسببه على ضرب زوجه او ايذائه عوقب باحدى العقوبات المنصوص عنها في المواد 554 و559 من قانون العقوبات .اي الحبس ستة اشهر على الاكثر وغرامة مالية وزيادة العقوبة من الثلث الى النصف ومضاعفة الغرامة .
• يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر الى ثلاث سنوات وبغرامة تتراوح بين الحد الادنى للاجور وثلاثة اضعافه او باحدى هاتين العقوبتين، من مارس عنفا داخل الاسرة الحق ضررا معنويا او اقتصاديا باحد افراد الاسرة، او ادى الى حرمان احدهم من الاحتياجات الاساسية .
جرائم العنف الاسري
القانون وتشديد العقوبة لم يمنع او يحد من الجرائم بل شهد النصف الاول من العام الحالي 2023 ارتفاعا ملحوظا في عدد جرائم العنف الاسري التي وصلت الى 6 جرائم اي بمعدل جريمة واحدة شهريا مقارنة ب 4 جرائم كمتوسط سنوي في السنوات الماضية ، وقد جاءت هذه الجرائم ال 6 كما يلي والجامع بين بعضها ان المرتكب هو رجل امن سابق او حالي.
• 24 شباط وفي بلدة درايا في قضاء الشوف، اقدم حسن بيه ( 30 عاما ) على خنق زوجته وطفله ( 3 سنوات ) ثم انتحر برمي نفسه من سطح المبنى حيث تسكن الاسرة .
• 28 شباط وفي طرابلس، أقدم عيسى سمية وهو مؤهل متقاعد في قوى الامن الداخلي على قتل طليقته منى حمصى ( 53 عاما ) ولهما 3 اولاد.
• 25 اذار في الشويفات، اقدم حسن موسى زعيتر ( 27 عاما ) على قتل زوجته زينب زعتير ( 26 عاما ) امام اطفالهم الثلاثة ونقلت وسائل الاعلام ان اشقاء الضحية دعموا وايدوا ما فعله الزوج بشقيقتهم .
• 24 ايار في بلدة بسابا قضاء الشوف، اقدم علي العاكوم وهو دركي متقاعد على قتل طليقتها وابنة عمته راجية العاكوم ودهسها بالسيارة امام اطفالهما الثلاثة وذلك بعد 5 ايام من حصول الطلاق واثر خلافات بينهما.
• 8 حزيران في بلدة عازور في قضاء جزين، أقدم ربيع فرنسيس وهو عنصر في امن الدولة على قتل زوجته سحر داغر وحماته تريز الحايك ومن ثم انتحر مسببا اليتم الى اولاده الثلاثة .
• 30 حزيران في بلدة العديسة في قضاء مرجعيون في الجنوب، اقدم خليل قاسم الحاموشي ( 76 عاما ) على قتل زوجته سلوى حلاوى.
اما ابرز جرائم العنف الاسري التي شهدها لبنان في العقود الماضية فكانت الجريمة التي وقعت في بلدة بعقلين في الشوف في نيسان 2020 عندما اقدم مازن حرفوش على قتل زوجته وشقيقيه و7 اشخاص اخرين من غير اسرته.
والجريمة التي وقعت في راس النبع في بيروت في ايلول 2011 عندما اقدم هادي الحاج ديب على قتل والدته و4 من اشقائه ومن ثم انتحر.
والجريمة التي وقعت في بحر صاف في المتن في اذار 2010 عندما اقدمت الوالدة غريس كساب على وضع السم في طعام بناتها الثلاث، وشاركتهم الطعام والموت .
الاسباب.
غالبا ما تعزى هذه الجرائم وارتفاع عددها والوحشية التي تظهر، الى الاوضاع الاقتصادية والمعيشية التي تعيشها اكثرية اللبنانيين منذ نحو 4 سنوات، ولكنها سبب تضاف اليها اسباب اخرى منها انعدام التوافق والانسجام، وايضا الانكشاف المجتمعي من خلال الانتشار والاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي الذي يوجد في الاسرة والمجتمع اوضاعا جديدة. كما ان الادمان على المخدرات والمشاكل والامراض العقلية والنفسية من الاسباب .