كرس الدستور اللبناني حقوقا للطوائف التي اعترف بوجودها ، ولكن المفارقة ان الدولة اللبنانية ، ومنذ انشائها، تمول من خلال الموازنة العامة كافة نفقات الهيئات والمجالس والمحاكم الشرعية الاسلامية ، بينما تحرم من هذا التمويل الهيئات المسيحية وتحصل فقط المحاكم الروحية المسيحية على مساهمة صغيرة في نفقاتها ما يسبب خلالا ماليا لصالح المسلمين على حساب المسيحيين.
الطوائف في الدستور
كرست المادة 9 من الدستور اللبناني وجود وحقوق الطوائف اذ نصت: «حرية الاعتقاد مطلقة والدولة بتاديتها فروض الاجلال لله تعالى تحترم جميع الاديان والمذاهب وتكفل حرية اقامة الشعائر الدينية تحت حمايتها على ان لا يكون في ذلك اخلال في النظام العام وهي تضمن أيضا للأهلين على اختلاف مللهم احترام نظام الاحوال الشخصية والمصالح الدينية» ويستفاد من هذا النص ان لكل طائفة الحق باعتماد نظام خاص بها في احوالها الشخصية من زواج وطلاق وارث وغيرها ، وهذا شكل تمييزا بين اللبنانيين تبعا لانتمائهم الطائفي ، ولم تنجح كل المحاولات التي جرت منذ عقود لاعتماد نظام موحد للاحوال الشخصية لكل اللبنانيين حتى لو كان اختياريا في المرحلة الاولى وذلك لان سلطة رجال الدين اقوى من سلطة المجتمع الاهلي والمدني.
الطوائف في القانون
كرس القرار الرقم 60 ل.ر.الصادر عن المفوض السامي الفرنسي د.دي مارتيل في 13 اذار 1936 ( نظام الطوائف الدينية ) وتعديلاته في السنوات اللاحقة وجود 18 طائفة ، وهي 12 طائفة مسيحية ، 5 طوائف اسلامية ، وطائفة اسرائيلية ( اي يهودية) وهذه الطوائف هي:
الطوائف المسيحية:
المارونية- الروم الارثوذكس –الروم الكاثوليك- الارمن الارثوذكس – الارمن الكاثوليك –السريان الكاثوليك – السريان الارثوذكس- الاشورية- الكلدان الارثوذكس – الانجيلية – اللاتين – الاقباط الارثوذكس.
الطوائف الاسلامية:
السنة – الشيعة – الدروز – العلويين – الاسماعليين .
ولكل طائفة من هذه الطوائف مرجعيتها الدينية المستقلة التي تعترف بها الدولة ويعامل رؤساء هذه الطوائف في التشريفات الرسمية كرؤساء دولة .
اما في نظام المحاكم الروحية فهناك محكمة واحدة للطوائف المارونية والكاثوليكية ومحاكم مستقلة للطوائف المسيحية الاخرى ، ومحاكم لكل طائفة اسلامية ( المحاكم العلوية مع المحاكم الشيعية ).
الدولة تمول الهيئات والمحاكم الاسلامية
خضع لبنان منذ العام 1516 ولغاية العام 1918 لسيطرة الدولة العثمانية التي كانت تعتبر نفسها دولة الخلافة الاسلامية وكان المفتي السني والمحاكم الاسلامية السنية جزءأ من هذه الدولة تتولى تمويلها ، وبعد انشاء لبنان الكبير والاستقلال عوض الغاء هذا الامتياز وتحقيق المساواة توسع ليشمل الطائفة الشيعية والدرزية واخيرا” العلوية في العام 1995 مع انشاء المجلس الاسلامي العلوي، ( انشيء بالقانون الرقم 449 تاريخ 17-8-1995) بينما ظل المسيحيون خارج هذا التمويل الحكومي للمزيد من الاستقلالية عن الدولة .
واداريا تتبع هذه الهيئات والمجالس والمحاكم الاسلامية الى رئاسة مجلس الوزراء وليس الى وزارة العدل كون رئيس مجلس الوزراء دائما ووفقا للعرف من الطائفة الاسلامية السنية ، بينما وزير العدل قد يكون يكون مسلما وقد يكون مسيحيا وهذا هو الاغلب وتبعا للدين الاسلامي لايمكن ان يكون لغير المسلم امرة على المسلم.
وفي مشروع قانون موازنة العام 2023 وصلت كلفة الهيئات والمجالس والمحاكم الاسلامية الى 252 مليار ليرة موزعة كما في الجدول التالي.
ويشمل هذا التمويل كافة النفقات من رواتب وارجور وتعويضات – ايجار مقرات ومكاتب – نفقات مكتبية – اتصالات ومياه وكهرباء.
جدول :يبين كلفة الهيئات والمجالس والمحاكم الاسلامية كما وردت في مشروع قانون موازنة العام 2023
مساهمة للمحاكم الروحية المسيحية
لا تمول الدولة الهيئات الروحية المسيحية ويقتصر التمويل على مساهمة في نفقات المحاكم الروحية المسيحية من خلال مساهمة صغيرة ترصد ضمن موازنة وزارة العدل ووصلت في مشروع قانون موازنة العام 2023 الى 3.075 مليار ليرة ، مايشكل نسبة 1.2 % من كلفة الهيئات والمحاكم الاسلامية .
في ظل الازمة التي يمر بها لبنان قد يكون الافضل الغاء تمويل الدولة للهيئات والمحاكم الاسلامية وايضا الغاء المساهمة للمحاكم الروحية المسيحية تحقيقا للمساواة وتوفيرا للنفقات، على ان يتولى ابناء كل طائفة تمويل نفقات طائفتهم .
تقديرات اعداد رجال الدين
لايوجد احصاء رسمي ودقيق لعدد رجال الدين في لبنان ولكن وفقا لتقديرات المرجعيات الدينية المختلفة يصل عدد رجال الدين الى 4795 رجل دين موزعين:
مسيحيون :2300 رجل دين منهم 900 راهب و1400 كاهن( متزوج ويقيم خارج الاديرة )
مسلمون : 2495 رجل دين منهم 1400 شيعي– 900 سني- 170 درزي -25 علوي.