لودريان يمهّد.. بري يعبّد.. طريق الرئيس!

أسهم قائد الجيش ترتفع.. وفرنجية صامد

.

بداية الأسبوع الطالع يصل الموفد الفرنسي – الدولي جان إيف لودريان إلى لبنان، في مهمة «وداعية» قبل تسلمه ملفاً مهماً في العلاقات الفرنسية – السعودية على رأس مجموعة فرنسية تعمل على مساعدة السلطات السعودية لتطوير منطقة العلا على الصعيدين الثقافي والسياحي. الزيارة الثالثة له لبيروت، قد تكون ثابتة. فهو استبقها قبل إجازته الصيفية في آب الماضي، بإرسال رسالته الشهيرة للنواب والتي لاقت الكثير من علامات الاستفهام واعترض عليها كثيرون. لكن رغم الاعتراض، عمد معظم النواب إلى الإجابة على الأسئلة التي تتعلق بالرئيس العتيد للجمهورية، من دون ذكر أسماء. وكيف يطرح لودريان أسماء، والمبادرة الفرنسية في السابق ووجهت بانتقادات شديدة لتبنيها اسم سليمان فرنجية من دون باقي الأسماء. سيكون لودريان هذه المرة أكثر «حيادية» في طرح مروحة من الأسماء التي تناسب الصفات المتوافق عليها من أصحاب الإجابات على ورقته. الثنائي يريد سليمان فرنجية. جبران باسيل «يحاور» الحزب كي لا يصل جوزاف عون للرئاسة. كتلة جنبلاط لا تؤيد عسكرياً للرئاسة الأولى لكن وليد بك سبق أن طرح اسم قائد الجيش واحداً من ثلاثة أسماء للرئاسة. القوات اللبنانية تميل إلى أي مرشح غير سليمان فرنجية لأسباب «مبدئية». هي تميل لجهاد أزعور أو حتى قائد الجيش. أما التغييريون فيريدون انتخاب شخص مدني، لكن ليس سليمان فرنجية. كتلة الاعتدال الوطني تؤيد فرنجية. عدد كبير من المستقلين ما زالوا يفضلون وجود رئيس جمهورية لا يرتبط بأي محور ولا يعبر عن سياسة حزب الله. بعض السنة المستقلين مثل بلال الحشيمي لا يعارضون وصول قائد الجيش للرئاسة.

هذا الخليط العجيب من الآراء والأهواء، هو ما سيحاول أن يستوعبه لودريان ويشجع اللبنانيين على التلاقي على «صفات موحدة» للرئيس. ولا بأس في كتابة الاسم في المربع المناسب. يرفع لودريان النتائج إلى الرئيس ماكرون والخماسية الدولية التي صار واضحاً أن التأثير السعودي عليها قد ارتفع منسوبه كثيراً وتبدل حال الفرنسي في قمة الدوحة الأخيرة وفي بيانها الختامي. أما التأثير القطري فهو أيضاً ملحوظ من خلال تزخيم الحضور القطري الداعم للبنان عموماً وللجيش اللبناني عموماً. ومن المنتظر أن لا ينقطع هذا الحضور خلال المرحلة المقبلة.

لودريان يشجع، ويمهد للحوار. أما الرئيس نبيه بري فهو على كوع المجلس، «ينتظر» المتحاورين الذين سيغيب عنهم القوات والكتائب. في الحقيقة، سيكون دور الرئيس بري أساسياً في تظهير الرئيس عندما تأتي «الكلمة السحرية» من الخارج بأن «حان وقت الرئيس في لبنان». وفيما دعوته هي حوار لسبعة أيام يتخللها انتخاب الرئيس، تريد بعض المعارضة أن يحصل الحوار في جلسة واحدة يتضمنها عدة دورات. لا فرق بين جلسة واحدة وعدة جلسات إذا كانت النتيجة انتخاب رئيس للجمهورية.

في هذا الوقت، كانت لافتة حركة المرشح غير المعلن للرئاسة قائد الجيش العماد جوزاف عون، الذي قيل في الإعلام – من دون تأكيد المعلومات بشكل رسمي وجدي- إن القطريين متحمسون لوصوله لأسباب عدة تتعلق بالثقة به في قيادة الجيش في الظروف الصعبة التي يعيشها لبنان. هناك آخرون يرون في العماد عون أنه يستطيع أن يجمع اللبنانيين على اختلافهم. وأهم نقطة يطرحها مؤيدوه أنه «لا يدور في فلك حزب الله وإيران». كما أنه عند كل أزمة أمنية في لبنان، يُنظر لقائد الجيش على أنه الشخص القادر على الحل.

نقطة مهمة سجلت لقائد الجيش مؤخراً، إجتماعه إلى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد. وقيل إن نشر اللقاء الذي حصل لمناسبة اجتماعية في منزل صديق مشترك، أتى رداً على العشاء الذي جمع هوكشتاين والعماد عون بحضور السفيرة الأميركية. ترى مصادر أن من مصلحة كل من حزب الله والعماد جوزاف عون على السواء، أن يقولا إن التواصل بين الحزب وقائد الجيش ليس مقطوعاً. حزب الله بالذات يقول: ها أنا ذا «أحاور». السؤال الذهبي: هل يتخلى الحزب عن سليمان فرنجية مرشحاً أول للرئاسة؟ تقول مصادر معنية إن مرشح الثنائي مازال فرنجية. يمكن أن يتبنى الحزب مرشحاً آخر إذا تغيرت الظروف ضمن طبخة لم تنضج بعد. وتعتبر المصادر أن الحراك السعودي الإيراني لإنتاج رئيس في لبنان يجري على قدم وساق. السعودية معروف موقفها، هي تريد «استدامة» الاستقرار والنظام والبقاء للبنان. هي لا تبحث عن اسم بل صفات حميدة. لا تؤيد رجلاً وإنما الدولة. لا تدعم طائفة وإنما الجمهورية. هذا الأمر كرره بوضوح أكثر من مرة، سفيرها فوق العادة في لبنان الوزير المفوض وليد البخاري. أضف إلى ذلك، فإن أي تقارب سعودي إيراني يصب في النهاية لمصلحة المنطقة ومنها لبنان. لكن على النواب اللبنانيين أن يكونوا على قدر المسؤولية وأن لا يضيعوا البوصلة. بالنسبة للمملكة فإن اتفاق الطائف أساسي في الحل المنشود للرئيس وكل الأزمة اللبنانية.

والمملكة جاهزة لمساعدة اللبنانيين ضمن الأصول والاتفاقات التي يجب أن توقع مع لبنان «الجديد» من دولة إلى دولة. ٢٢ إتفاقية اقتصادية كانت جاهزة لتوقعها السعودية بدعم وتوجيه من الأمير محمد بن سلمان شخصياً، مع لبنان منذ ما قبل الأزمة الخانقة الأخيرة. لكن لبنان تخلف عن التوقيع.

أما إيران الداعمة الأساسية لحزب الله، فإن موقفها الرسمي هو «عدم التدخل في الشؤون اللبنانية». لكن وزير خارجية إيران حسين أمير عبداللهيان أسمع مقابليه أن إيران وحزب الله يؤيدان اتفاق الطائف ويريدان أن يصل رئيس مؤيد لاتفاق الطائف.

أطرف كلام وأكثره جرأة، قيل الأسبوع الماضي كان في المختارة. وقف الزعيم وليد جنبلاط أمام البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وقال: «هل يمكن ترسيم حقل بعبدا يا سيد أموس هوكشتاين وهل يمكن تسهيل انتخاب الرئيس يا سيّد حسين أمير عبد اللهيان»؟. جنبلاط وجّه بالمباشر إلى الأميركيين والإيرانيين، أن ساعدوا على إنهاء أزمة لبنان عبر تسهيل انتخاب الرئيس كما توافقتما على الترسيم البحري مع «إسرائيل». هل يسمعان؟ وهل مصالحهما أن يجتمعا على الإفراج عن أزمة لبنان كما يحصل في ملفات مشتركة أخرى.