أنت نعامة أم مهندس أم براغماتي؟

ثلاثة مناهج للتفكير بشأن الرفاهية المالية على المدى الطويل

.

جيسون بتلر | فايننشال تايمز

عندما كنت أعمل مستشارا ماليا، السؤال الرئيسي الذي أراد معظم العملاء إجابة عليه هو ما إذا كانوا على ما يرام من الناحية المالية وما إذا كانوا سيتوفون قبل أن تنفد أموالهم. معرفة كم من المال تحتاج إلى أن تكسب من العمل لتغطية تكاليف الحياة الشهرية هي أمر، وأن تعرف مقدار الثروة التي تحتاج إلى ادخارها لتمويل حياتك بالكامل بما في ذلك عندما لا تستطيع أو لا تريد أن تعمل، أمر آخر أكثر تحديا وصعوبة.

يتبنى الناس واحدا من ثلاثة مناهج للتفكير بشأن رفاهيتهم المالية وأمنهم المالي على المدى الطويل. النهج الأول هو ما أطلق عليه مصطلح طريقة النعامة. كالنعامة تضع رأسك في الرمال وتتجنب التفكير في التخطيط طويل الأجل وفي الكثير من التفاصيل، وتعيش إلى حد كبير ليومك فقط. تشارك في الحد الأدنى من خطة تقاعد ممولة من صاحب العمل الخاص بك، وربما تحفظ بعض المال في حساب ادخار فردي، لكن عادة ما يكون لديك رهن عقاري كبير وتكاليف أخرى لنمط الحياة التي تعيشها. ما لم يكن لديك فائض في الدخل كبير جدا، فان نهج النعامة، والمضي في الحياة بلا هدف والعيش من دون أي شعور بما تحتاج إلى أن تكسب وتدخر وتستثمر من مال، يزيد من احتمال أن تضطر إما الى العمل حتى آخر يوم في حياتك أو أن تقضي سن الشيخوخة في فقر وعوز .

النهج الثاني هو ما أطلق عليه مصطلح طريقة المهندس. تقوم بانشاء (أحيانا بمساعدة مستشار مالي) تحليل مفصل للغاية ودقيق للتدفق النقدي.

هذا التحليل يحدد وضعك المالي على المدى الطويل من حيث الدخل والانفاق والمستوى المطلوب من عائدات الاستثمار .

وهذه الحسابات تبين لك الإجراءات التفصيلية التي يجب اتخاذها من حيث الادخار والاستثمار والتأمين واستراتيجية الضرائب. المشكلة مع التخطيط على المدى الطويل هي أنه أيا كانت الافتراضات التي تستخدمها، فإنها من شبه المؤكد ستكون خاطئة. لذلك، في حين أن نهج المهندس يمكن أن يكون مثيراً للاهتمام فكريا، لا سيما اذا تمت موازنة الموارد بشكل دقيق، إلا أنك لن تحصل بالضرورة على نتائج أفضل إذا تبين أن الافتراضات خاطئة.

النهج الثالث هو الأسلوب الواقعي أو البراغماتي. يمكنك تطوير فهم واسع لما يتوجب ادخاره واستثماره وسحبه، وذلك باستخدام افتراضات وحسابات مالية مبسطة للغاية.

والفكرة هي أن يكون لديك فكرة عامة عن أرقام التخطيط المالي الرئيسية الخاصة بك التي يمكنك التحقق منها بانتظام وبسرعة وسهولة، حتى تتمكن من إجراء تغييرات ضرورية على الدخل والادخار والاستثمار، وبالتالي تحسين فرصة تحقيق نتائج مالية جيدة. لحساب استراتيجية بسيطة لتراكم الثروة، فإنك بحاجة للتركيز على افتراضات التخطيط الرئيسية الثلاثة التالية: عائدات الاستثمار الحقيقية (بعد حساب التضخم) أثناء الادخار، ومعدل السحب المستدام من المحفظة عندما تبدأ أن تنفق أكثر مما تدخر والأفق الزمني.

في العام الماضي، نشرت مورنينغستار، شركة الأبحاث المالية، بعض البحوث بشأن معدلات السحب المستدامة من المحفظة الاستثمارية. باستخدام عائدات الاستثمار المتوقعة في المستقبل (التي كانت أقل من العائدات التاريخية) وجدوا أن هناك احتمال نسبته %90 من الاستدامة لمعدل السحب الأولي عند %2.8 سنويا من محفظة مكونة من استثمارات بنسبة %40 في الأسهم و %60 في السندات. في حين كان معدل السحب %3.1 لمحفظة تتكون من استثمارات بنسبة %60 في الأسهم و%40 في السندات. في كلتا الحالتين كان من المفترض تعديل معدل السحب الأولي من المحفظة وفق التضخم في كل عام على مدى 30 عاما. هذا بالمقارنة مع عائد البداية الحالي ونسبته %3 على راتب تقاعدي مرتبط بالتضخم للشخص البالغ من العمر 65 وفي صحة جيدة مع ضمان لمدة 10 سنوات. كان يفترض بالتكاليف الاستثمارية الاجمالية أن تكون %1 سنويا.

وبالتالي، يبدو معقولا بالنسبة للنهج البراغماتي افتراض معدل سحب مستدام عند %3 سنويا (بعد احتساب التضخم) اذا كان على استعداد لاستثمار ما بين 40 – %60 من المدخرات طويلة الأجل في الأسهم والباقي في السندات.

العائد الحقيقي الذي تحققه على المدخرات الخاصة بك قبل البدء في السحب منها، والأفق الزمني قبل وبعد السحب، سيكون له تأثير كبير على كم المبلغ الذي تحتاج لادخاره بانتظام. وتبين الحسابات أن معدل الادخار الشهري التقريبي اللازم لبناء وعاء استثمار خلال أطر زمنية مختلفة للحفاظ على نسبة سحب سنوي معدلة حسب التضخم عند %3، على افتراض تحقيق عائد حقيقي نسبته %3 خلال الادخار.

وجود عائد استثمار حقيقي مفترض أقل يعني أنك سوف تحتاج الى الادخار أكثر أو لفترة أطول. للوصول الى معرفة تقريبية لما يجب ادخاره على المدى الطويل، اضرب المبلغ الشهري في الاطار الزمني الذي تختاره للدخل السنوي المستهدف المطلوب. على سبيل المثال، اذا كان لديك عجز في الدخل قدره 30 ألف جنيه إسترليني في 20 عاما فإنك تحتاج إلى ادخار ما يقرب من 3 آلاف جنيه إسترليني (30 × 100 جنيه) شهريا في البداية. المدخرات الشهرية الأولية اللازمة لتوليد ذلك خلال أكثر من 10 سنوات تعادل تقريبا 7200 جنيه إسترليني وبالتالي فإن تكلفة التأخير واضحة.

رجل الأعمال الأميركي تشارلز كيترينغ قال ذات مرة: «اهتمامي منصب على المستقبل لأنني سأقضي بقية حياتي هناك» عندما يتعلق الأمر بالتخطيط لمستقبلك، اسأل نفسك ما إذا كنت نعامة أو مهندس أو براغماتي: الجواب يمكن أن يحدد الراحة والأمان المالي اللذين يمكن أن تتوقعهما في سنواتك اللاحقة.

 

 

أخبار ذات صلة