حرب «الدرونز».. العنوان الجديد للاشتباك بين حزب الله وإسرائيل

مفاجآت تستخدم في الوقت المناسب للتعامل مع الطائرات الإسرائيلية

.

أسقط حزب الله يوم الاثنين «محلّقة» إسرائيلية أو مسيرة من نوع «ماتريس» بعد دخولها الأجواء اللبنانية بحوالي ٤٠٠ متر. مرّ هذا الخبر في زحمة الأخبار التي تتصدرها هموم جائحة كورونا والاقفال العام وأعداد الوفيات والاصابات.
لكن الخبر بالنسبة لمتابعين للصراع وقواعد الاشتباك بين الاحتلال الاسرائيلي وحزب الله له دلالات أعمق.

المسألة لا تقتصر على التوصيف والخطاب القائل بجهوزية ووجود حزب الله على طول الحدود وفي بلدة بليدا الجنوبية في القطاع الاوسط حيث سقطت الطائرة الصغيرة. القضية ترتبط بمحاولة حزب الله احداث ردع ضد المسيرات الاسرائيلية التي تخترق السيادة اللبنانية ورسم قواعد جديدة بعد رحيل دونالد ترامب عن الرئاسة الأميركية.

العودة الى الخامس والعشرين من آب ٢٠١٩ ضرورية لفهم السياق التاريخي والاستراتيجي لإسقاط المحلقة الاسرائيلية. ففي ذلك التاريخ وقع أخطر اعتداء اسرائيلي على لبنان منذ حرب تموز ٢٠٠٦ إذ انفجرت مسيرة اسرائيلية وسقطت أخرى في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت.

يومها اعتبر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أن هذا الاعتداء كسر لقواعد الاشتباك ولن يسمح حزب الله بإعادة العقارب الى الوراء وحدوث ما كان يجري في العراق ضد الحشد الشعبي. وقرر نصر الله يومها اسقاط مسيرات اسرائيلية لمنعها من تنفيذ اعتداءات وتشكيل رادع لها من دون أن يحدد عاملاً زمنياً لهذا السياق.

بعدها أسقط حزب الله مسيرة في رامية في أيلول ٢٠١٩ وأخرى في كفرشوبا في ٢٠٢٠، حتى جاء تاريخ الاول من شباط ٢٠٢١ لإسقاط محلّقة إسرائيلية من دون وجود أي اشتباك ظرفي أو رد معلق.

هذا التطور يرسم إشارات محددة من قبل حزب الله، تتجلى أولاً بأن معادلة إسقاط المسيرات الاسرائيلية مستمر وأن كل التصعيد الاسرائيلي الأخير والتهويل لن ينفعا في وقف هذا المسار.

في التوقيت، يرى متابعون أنه جاء بعد رحيل ترامب وبعد أسبوعين على تسلّم بايدن للإدارة الاميركية وكأن المعطيات تقول، إن هناك عناصر جديدة على شكل صدام ستحكم المرحلة الجديدة من دون استبعاد الفرضية الكبيرة للحوار الايراني الاميركي، الذي يعتبره البعض واقعاً حتماً بعد أشهر في الملف النووي.

ويذهب المدافعون عن هذه القراءة الى اعتبار الواقع من العراق وسوريا الى لبنان بعد ٢٠/١/٢٠٢١ موعد رحيل ترامب غير ما قبله.

إذاً إسقاط المسيرة ليس جديداً وهو الثالث من نوعه، لكن جديده يأتي بعد رحيل ترامب الذي حاول كسر قواعد الاشتباك ومع مجيء بايدن وبعد مناورات وتصريحات إسرائيلية تهوّل وتهدد حزب الله. وتلفت المصادر الى إمكانية تسريع هذه الوتيرة لإسقاط المسيرات الاسرائيلية وجعلها عامل تحفيز لمحاولة ردع الاسرائيلي عن خرق السيادة اليومي للبنان.

الأهم على مستوى أي اشتباك قد يحصل أن المسيرات الاسرائيلية التي تلعب دوراً مخابراتياً لجمع المعلومات وهجومياً، لن تكون مهمتها سهلة بل أن أنواعاً مختلفة منها سيكون صيداً سهلاً لحزب الله. ويذهب البعض الى القول بأن التركيز على المسيرات لا يخفي إمكانية وجود مفاجآت تستخدم في الوقت المناسب للتعامل مع الطائرات الاسرائيلية.

يعلم الجميع بموجب التجارب السابقة، كما تجربة حرب اذربيجان وأرمينيا أهمية الطائرات المسيرة في الحروب المقبلة لقلب الموازين والقدرة على التحكم عن بعد بمسارها ونتائجها وأهدافها.
حزب الله بدوره يعلم هذه المعادلة وهو يملك مسيّرات اخترقت مرات الدفاعات الاسرائيلية وأحياناً أُسقطت، كما يملك القدرة على التعامل معها الكترونياً ودفاعياً من خلالها إطلاق نيران الأسلحة المناسبة عليها.
وبالتالي فإن المرحلة المقبلة قد تشهد المزيد من هذه الوقائع كما أن أي حرب أو اشتباك مقبل بين حزب الله واسرائيل قد تكون واحدة من عناوينه حرب «الدرونز».