هل يمكن التنبؤ بالأوبئة مثل توقعات الطقس؟

أميركا تخطط لإنشاء المركز الوطني للتنبؤ بالأوبئة وتحليلات التفشي

أنجانا أهوجا
. أنجانا أهوجا

أنجانا أهوجا – (فايننشال تايمز) –

لن يكون من المتصور أن يضرب إعصار الولايات المتحدة دون سابق إنذار، أو أن يجتمع العديد من العلماء على عجل بمجرد وصول العاصفة إلى الأرض.

تراقب خدمة الطقس الوطنية هذه المخاطر الطبيعية وغيرها بشكل دائم، والتي يمكن التنبؤ بمساراتها المدمرة قبل عدة أيام باستخدام مزيج من بيانات الرصد ونمذجة الغلاف الجوي التي تم تطويرها على مدى عقود.

تقوم الولايات المتحدة الآن بإنشاء خدمة تنبؤ تهدف إلى توقع الأمراض كما تفعل خدمة الطقس للأرصاد الجوية.

في اليوم التالي لتنصيبه، أعلن جو بايدن عن إنشاء المركز الوطني للتنبؤ بالأوبئة وتحليلات التفشي من أجل «تحديث أنظمة الإنذار المبكر العالمية وإطلاق أنظمة لتوسيع نطاق الإجراءات لمنع التهديدات البيولوجية الناشئة واكتشافها والاستجابة لها والتعافي منها».

اسم المركز مشابه بشكل لافت للنظر لاسم منظمة اقترحتها كيتلين ريفرز، عالمة الأوبئة في مركز جونز هوبكنز للأمن الصحي، خلال محاولات وضع رؤية مستقبلية للسياسة الخارجية الأميركية.

هذه الرؤية، التي شارك في تأليفها ديلان جورج، المتخصص في التهديدات البيولوجية، كانت لصالح وكالة يمكنها أن تجمع بين خيوط متباينة من الخبرة فيما يتعلق بنمذجة الأمراض المعدية وتمنح الأكاديميين مقعدًا دائمًا على الطاولات حيث يتم اتخاذ القرارات السياسية ووضع الاستراتيجية الصحيحة.

سيحل المركز الوطني للتنبؤ والتحليلات الوبائي الخاص بهم محل المجموعات التي يتم تجميعها عادةً في وقت قصير عند حدوث تفشي، مثل جائحة إنفلونزا الخنازير H1N1 عام 2009.

يعتقد الباحثون أنه يجب توفير قناة تمويل أكثر سلاسة لإجراء الأبحاث، وغالبًا ما يعتمد الأكاديميون على المنح الجزئية، وبالنظر إلى أن العدوى نادرة الحدوث، فليس هناك حافزًا كبيرًا للقطاع الخاص لتعويض أي نقص.

وقالت ريفرز، التي أدلت بشهادتها أمام الكونغرس العام الماضي بشأن الأوبئة، إنها مسرورة برؤية بايدن التي أعلن عنها، مؤكدة أنها تطور كبير في الاستعداد لتفشي الأوبئة.

وأضافت ريفرز: «نحن نواجه تهديدات وبائية كل بضع سنوات، وأنفلونزا موسمية سنويًا.. والاستثمار في هذه القدرات سيؤتي ثماره، لكل من الصحة العامة والاقتصاد».

دأبت المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض على مغازلة فكرة التنبؤ بالوباء لعدة سنوات، مستغلة القوة الحاسوبية لمختبر لوس ألاموس الوطني للتنبؤ بانتشار الأنفلونزا والأمراض التي ينقلها البعوض مثل حمى غرب النيل.

كما أشادت مجلة Nature بالمبادرة، وقالت إنه يجب على كل دولة أن تنظر بالمثل في إنشاء «هيئة مستقلة توفر تنبؤات المرض باستخدام قوة حسابية متقدمة، وأفضل البيانات المتاحة».

ومع ذلك، يُظهر كوفيد أن التنبؤ بالعدوى يعني المزيد من العمل وتوحيد الجهود الصحية، كما دعا بيان الحكومة الأميركية مكتب الأمين العام للأمم المتحدة إلى تعيين شخص ما على وجه التحديد لتنظيم التعاون العالمي بشأن التهديدات البيولوجية.

بالنسبة للبعض، فإن التشابه بين الأرصاد الجوية وعلم الأوبئة له حدوده، يرأس البروفيسور جراهام ميدلي نمذجة الأمراض المعدية في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي ويرأس لجنة النمذجةSPI-M ، لتقديم المشورة للحكومة البريطانية بشأن جائحة فيروس كورونا.

ويحذر ميدلي من أنه في حين أن التنبؤ بالطقس يعتمد على قوانين الفيزياء، فإن التنبؤ بالأمراض يعد احتمالًا أصعب بطبيعته: «علم الأوبئة ليس فيزياء».

يعتمد جزء كبير من النمذجة الوبائية على السلوك البشري، والذي لا يزال غير متوقع إلى حد كبير، والأهم من ذلك، نحن بحاجة إلى تدفقات بيانات جيدة لفهم ما يفعله الناس ولماذا؟».

تمتلئ الأرصاد الجوية بالبيانات التاريخية التي تعزز دقة التنبؤ بالطقس، فمنذ سبعينيات القرن الثامن عشر، سجل توماس جيفرسون، الرئيس الأميركي الثالث، الطقس في مزرعته في فرجينيا بأحدث موازين الحرارة والبارومترات؛ ولا يزال يُعتبر شخصية مؤثرة في مراقبة الطقس، كما أن منزله في مونتايسلو، هو واحد من آلاف محطات الطقس التابعة لخدمة الطقس الوطنية.

واليوم، تُستكمل هذه الجهود التقليدية بمعلومات تجمعها الطائرات ومناطيد الطقس والأقمار الصناعية.

وتتمثل إحدى الميزات التي تقدمها وكالة دائمة للتنبؤ بالأمراض في أنها تتيح إجراء محادثة عامة مستمرة حول مسببات الأمراض والعدوى والمخاطر التي تشكلها.

ومثلما تحث توقعات الطقس اليوم البعض على أخذ الحذر، ربما تقنعنا التوقعات المرضية يومًا ما بارتداء الكمامات، كما ستذكرنا أنه مثلما نتعايش مع مناخ دائم التغير، فإننا نشارك الكوكب بثروة من الميكروبات والفيروسات الانتهازية.