منذ صيف ال٢٠٢٠ بدأ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يتحدث عن بدء نفاذ الأموال التي تستخدم لدعم المواد المدعومة بدولار ١٥١٥ أو حتى السلع الغذائية بدولار ٣٩٠٠. فالأموال التي كانت متبقية كانت تكفي فقط لأشهر قليلة لأن الأموال الأخرى أي حوالي ١٧.٥ مليار دولار هي أموال المودعين أي الاحتياطي الذي لا يمكن استخدامه. كان لا بد من ترشيد الدعم ووضع خطة ترفع الدعم تدريجياً او تبقيه على ما هو أساسي فقط ما يجعل الأموال المتبقية، تكفي لأطول وقت ممكن إلى حين تأمين حلول جذرية أو الوصول إلى رفع الدعم نهائياً.. كان لا بد من تحرك جديّ لمعالجة هذه القضية التي تشير الأرقام بأننا مقدمون عليها حتماً منذ سنوات وليس منذ أشهر.
لكن لأننا في لبنان الذي ينتظر مسؤولوه حلول الكارثة كي يتحرّكوا ويعالجوا، بات اللبنانيون اليوم أمام أمر واقع رفع الدعم عن مواد اساسية وبالتالي ارتفاع اسعار هذه المواد بسبب استبدال شرائها بدولار غير مدعوم أي دولار السوق السوداء. تقول مصادر خاصة بصحيفة السهم لقد وصلنا إلى الخط الأحمر ولامسنا الأموال التي تشكل احتياط مصرف لبنان بالعملة الصعبة التي لا يجوز المس بها ورغم ذلك لا يريد أحد تحمل المسؤولية لا بتأمين حلول جذرية ولا باتخاذ قرار رفع الدعم والاستعاضة عنه بدعم الشرائح الإجتماعية الأكثر تأثراَ ببطاقات تؤمن لها دعماً مباشراً بل يعملون على تقاذف كرة النار.. وتضيف هذه المصادر أن حكومة تصريف الأعمال ورئيسها قد لا يريدون إتخاذ قرار غير شعبي وربما يقولون إن هذا الأمر يجب أن تتحمل مسؤوليته الحكومة الجديدة والوزراء الجدد عند تشكيل الحكومة.
تكشف مصادر خاصة بصحيفة السهم أن هناك حوالى خمسمئة مليون إلى ستمئة مليون دولار يدفعها مصرف لبنان بالعملة الصعبة لدعم المواد الأساسية وهو أمر لا يمكن الإستمرار به طالما اقتربنا من الخط الأحمر أي من الاحتياط. وتكشف هذه المصادر أن هناك اقتراحات لترشيد الدعم على مستويات مختلفة لكن حتى الآن لم تصل الى ترجمة عملية.
ففي فاتورة الأدوية ثمة اقتراحات لرفع الدعم عن أدوية يشتريها المواطن ويضعها في منزله في شكل دائم كالبانادول مثلاً وما يشبهه وبالتالي رفع الدعم عنها مقابل رفع جزئي عن أدوية اخرى واللجوء إلى دعم الجينيريك والصناعات المحلية.
على مستوى السلة الغذائية والمنتجات الزراعية والصناعية لا تبدي وزارة الاقتصاد ممانعة في رفع الدعم والاستعاضة عنه بتأمين بطاقات اجتماعية للعائلات الأكثر فقراً حتى يتمكنوا من تأمين موادهم الأساسية. وفي هذا المجال فإن سياسة دعم المواد الغذائية والاساسية وحتى الأدوية أدت في كثير من الأحيان إما إلى الاحتكار او التهريب إلى الخارج لتحقيق أرباح طائلة.
تبقى المشكلة الأكبر في مسألة دعم المشتقات النفطية لكهرباء لبنان والمحروقات للبنانيين والتي تبلغ نصف فاتورة الدعم في لبنان. فرفع الدعم عن البنزين مثلاً سيكون قراراً غير شعبي لن يتحمله اي سياسي كذلك الأمر بالنسبة الى المشتقات النفطية لكهرباء لبنان سواء توقف الاستيراد او توقف الدعم. بمعنى آخر سيكون لبنان بين الغرق بالعتمة او رفع التعرفة الكهربائية التي تحمل المؤسسة جزءاً من الخسارة السنوية.
في انتظار التوصل إلى حلول يضيق الوقت ويضغط أكثر فأكثر والاستهتار السياسي بمصالح المواطنين وتأمين حاجاتهم الأساسية لامس الخط الأحمر في وقت يعيش لبنان من دون حكومة منذ آب ٢٠٢٠ ومن دون إصلاحات حقيقية يطلبها المجتمع الدولي لتأمين الدعم للبنان وبدء إخراجه من أزمته. المصالح السياسية والحصص أهم من مصالح المواطنين .