إيلي لاك- بلومبيرغ: ترجمة محرر السّهم
أمضى الرئيس جو بايدن والحزب الديمقراطي السنوات الأربع الماضية في تحذير الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الخطر الروسي، والآن أبرمت إدارة بايدن صفقة مع موسكو أكثر ملاءمة لروسيا من تلك التي كان فريق ترامب المنتهية ولايته يحاول التفاوض بشأنها، حيث تم تمديد معاهدة الحد من الأسلحة النووية لمدة خمس سنوات، والمعروفة باسم «نيو ستارت».
في عهد ترامب، كانت استراتيجية الولايات المتحدة هي الضغط على الروس لتجميد تطوير الرؤوس الحربية النووية لأنظمة الأسلحة التي لم تشملها المعاهدة، مثل قذائف المدفعية والصواريخ قصيرة المدى.
وأخبرني ريان تولي، كبير مديري الشؤون الأوروبية والروسية في مجلس الأمن القومي التابع لترامب حتى استقالته في 6 يناير، أنه يعتقد أن معاهدة ستارت الجديدة كانت معيبة لأنها «تغطي تقريبًا كامل قوة الردع الأميركية المنتشرة وهي أقل من نصف ما تمتلكه روسيا».
في الوقت نفسه، قال تولي إن هناك فائدة من تمديد المعاهدة لخمس سنوات أخرى، حيث ستكون هناك فرص أقل لانتزاع تنازلات من المفاوضين الأميركيين الذين يتطلعون إلى إبرام اتفاق جديد.
قد يبدو هذا وكأنه تناقض، ولكن في سياق سياسة الولايات المتحدة الأوسع تجاه روسيا، فإن ذلك يبدو منطقيا، حيث يمكن لمفاوضات الحد من التسلح الطويلة أن ترهق السياسة الخارجية الأميركية في الوقت الراهن، خصوصا في ظل المخاوف من منح روسيا نفوذاً أكثر قد يؤثر على التوازن في العلاقات بين واشنطن وموسكو.
وإذا ضغطت الولايات المتحدة بشدة في قضية سجن النشطاء السياسيين أو التدخل الروسي في أوكرانيا، على سبيل المثال، فيمكن لموسكو أن تهدد بالتخلي عن معاهدة نيو ستارت، على الرغم من أنه من مصلحة كلا البلدين تقييد الترسانة النووية لبعضهما البعض.
بينما حاولت الولايات المتحدة حمل موسكو على دعم عقوباتها ضد إيران (وهو ما فعلته في النهاية) والسماح بطرق إمداد جديدة عبر الجمهوريات السوفيتية السابقة للقوات الأميركية في أفغانستان، إلا أنها تجاهلت إلى حد كبير احتلال روسيا للأراضي الجورجية بعد غزوها في عام 2008.
كما حاولت الإدارة الأميركية جاهدة منع الكونغرس من فرض عقوبات جديدة ضد المسؤولين في روسيا بسبب انتهاك حقوق الإنسان، وخصوصا الشخصيات المتورطة في مقتل المحامي الروسي سيرجي ماغنيتسكي.
في ذلك الوقت، كان الرئيس الروسي هو دميتري ميدفيديف، وهو تكنوقراطي اعتقدت إدارة أوباما خطأً أنها يمكن أن تعمل معه، ولكن في المقابل، هناك عدد قليل جدًا من المجالات التي يمكن لإدارة بايدن التعاون مع الرئيس فلاديمير بوتين بشأنها.
لقد أوضح بايدن نفسه هذه النقطة في وقت سابق من هذا الشهر في خطاب ألقاه في وزارة الخارجية حيث قال: «لقد أوضحت للرئيس بوتين، بطريقة مختلفة تمامًا عن سلفي، أن أيام تغاضي الولايات المتحدة عن مواجهة الإجراءات العدوانية لروسيا والتدخل في انتخاباتنا، والهجمات الإلكترونية، وتسميم مواطنيها – قد ولت».
وفي الوقت الحالي، تنتظر إدارة بايدن مراجعة سياسة الاستخبارات الروسية قبل الكشف عن مبادرات أكثر تفصيلاً، وتشمل الملفات التي تخضع للمراجعة، «مزاعم بأن روسيا دفعت مكافآت للجنود الأميركيين في أفغانستان؛ والتدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية، وتسمم المعارض أليكسي نافالني».
يكاد يكون من المؤكد أن ترامب كان أكثر حرصًا في تبني سياسات ضد روسيا، وغالبا ما كانت تلك السياسات متعارضة مع تغريدات الرئيس السابق والمشاورات العامة.
لقد اتخذت إدارة ترامب الكثير من الإجراءات ضد روسيا، مثل فرض عقوبات على إنشاء خط أنابيب غاز ثانٍ بين ألمانيا وروسيا؛ وبيع صواريخ مضادة للدبابات لأوكرانيا؛ والضغط على شركاء الناتو لدفع المزيد مقابل قدرات الدفاع الجماعية.
أخبرني أحد كبار المسؤولين السابقين أن مجموعة من العقوبات الجديدة على روسيا لتسميم نافالني كانت تنتظر موافقة ترامب عندما ترك منصبه، كما زودت منظمة نافالني إدارة بايدن بقائمة من أصدقاء بوتين الفاسدين الذين توصي بوضعهم على قائمة مالية سوداء، وكل هذا يعني أن بايدن لديه العديد من الخيارات للوفاء بوعده باتباع سياسة صارمة ضد روسيا.