إذا كان بايدن يريد حليفاً أوروبياً موثوقاً فهو فرنسا

ميركل تقدّم مصالح ألمانيا التجارية على التزاماتها الأطلسية

.

فيليب ستيفنز (فايننشيل تايمز)

حين أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للولايات المتحدة أن الأوروبيين سوف يساهمون أكثر في نفقات أمنهم، كان هدفها هو إقناع الأميركيين بالإبقاء على تواجدهم في القارة. وعندما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاتحاد الأوروبي إلى تحقيق “الاستقلال الاستراتيجي الذاتي”، فقد كان يتطلع إلى اليوم الذي يمكن فيه لأوروبا أن تستغني عن الولايات المتحدة.

بالنسبة لبون، ثم برلين، استندت شرعية ألمانيا وأمنها بعد الحرب على التكامل الأوروبي وضمانات أميركا الأمنية باعتبارها القائد لحلف شمال الأطلسي. ويحكم ماكرون بصفته وريثًا للجنرال شارل ديغول ولوجهة نظر ما بعد حرب السويس التي تقول إن اختيار أوروبا هو بين الاستقلال عن الولايات المتحدة أو الاختناق منها.

لا ينبغي تضليل جو بايدن. فألمانيا ليست على وشك أن تتخلى عن التزامها الأطلسي ولا تفكر فرنسا بالتخلي عن الديغولية. لكن، إذا كان الرئيس الأميركي يبحث عن شريك موثوق به في أوروبا، فمن الأفضل أن يتوجه إلى قصر الإليزيه بدلاً من مستشارية برلين.

حقيقة جيوسياسية

ربما تم تجاهل الاختيار ذات مرة. وكان بوسع واشنطن اللجوء إلى المملكة المتحدة كوسيط مخلص. لقد قلب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ديناميكيات ما يسمى بالعلاقة الخاصة. فإذا وضعنا جانباً صداقة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مع الرئيس السابق دونالد ترامب، فإن الحقيقة الجيوسياسية الصعبة هي أن بريطانيا الآن محرومة من مداولات الاتحاد الأوروبي. ومكانة جونسون في باريس وبرلين ليست عالية تمامًا.

يبدو إن سعي ماكرون لما أصبح الاتحاد الأوروبي يسميه السيادة والاستقلال الاستراتيجي الأوروبي، يحرمه من أداء دور أفضل صديق لرئيس الولايات المتحدة الجديد. فهذا يعني أن فرنسا وأوروبا، يجب أن تكونا أحرارا في اتخاذ القرار بأنفسهما دون التشاور مع واشنطن.

هناك خطاب وهناك سياسة واقعية. إن حق أوروبا في اتخاذ قرارها لا يتطلب في حد ذاته الانفصال عن واشنطن. ويصر ماكرون على الحاجة إلى التواصل السياسي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. لكن صناع السياسة الفرنسيين يعرفون أن خيار أوروبا القادرة على الدفاع عن نفسها بشكل كامل ما يزال بعيدا.

لطالما كانت العلاقة بين البيت الأبيض والإليزيه أفضل مما يعترف به الفرنسيون. في عام 1979، كتب السير نيكولاس هندرسون، سفير المملكة المتحدة في باريس الى حكومته، يتذمر من أنه على الرغم من “السياسة المعادية لأميركا بشكل صارخ” في باريس، فقد زادت فرنسا من نفوذها في واشنطن. في عام 2009.

الرئيس الفرنسي مستعد لربط الأقوال بالأفعال، لكن ميركل تتحدث لغة الأطلسية. فهي ترفض بشكل خاص الاستقلالية الاستراتيجية. ومع ذلك، لا تسمح لذلك بتهديد المصالح الاقتصادية لألمانيا، مثل تعاملها التجاري مع الصين وروسيا. لا يمكن توقع أن تختار برلين بين حقوق الإنسان والمبيعات الخارجية، على سبيل المثال.

لقد أجبرت ميركل الاتحاد الأوروبي على إبرام اتفاق استثمار جديد مع بكين قبل أن يتولى بايدن منصبه. وهي تقف خلف نورد ستريم 2، المشروع المدعوم من الكرملين لبناء خط أنابيب غاز جديد تحت بحر البلطيق. وكان الخاسر من ذلك، هو أوكرانيا، الدولة التي ضمت روسيا جزءاً من أراضيها.

المستشارة ليست على وشك التغير. ومن المحتمل جدًا أن يكون خليفتها أقل ميلًا إلى النزعة التجارية، خاصة إذا كان حزب الخضر يشكل جزءًا من الائتلاف الحاكم المقبل. ولكن إذا كان بايدن يريد شريكًا أوروبيًا موثوقًا به، فمن الأفضل له أن ينظر إلى أقدم حليف لأميركا.