سيلفيا سكيوريلي بوريلي – «فايننشال تايمز» –
ساعد نمو التجارة الإلكترونية، خلال جائحة فيروس كورونا، بعض دور الأزياء وتجار الملابس بالتجزئة، على الاستمرار في ممارسة الأعمال التجارية حتى في ظل الإغلاق. ويعتقد خبراء الصناعة الآن أن التعمق في التحول الرقمي للتوزيع والمبيعات يمكن أن يساعد مصنّعي الأزياء والعلامات التجارية الفاخرة على مواجهة بعض التحديات الطويلة الأمد، التي تفرضها التغييرات في عادات الشراء لدى المستهلكين.
يمكن لمجموعات الأزياء مثل برادا وغوتشي وفيراغامو التعافي بشكل أسرع مما كان متوقعاً في البداية، وذلك بفضل انتعاش الأسواق المحلية الصينية والأميركية، وفقاً لغولدمان ساكس.
ويتوقع المحللون أيضاً أن تكون للعلامات التجارية التي تركز على التسويق الرقمي واستراتيجيات التجارة الإلكترونية مزايا تنافسية كبيرة ومهمة على منافساتها الأقل استخداماً للأدوات الرقمية، بالنسبة لإيطاليا تبلغ قيمة صناعة الأزياء ما يقرب من %1.5 من الناتج المحلي الإجمالي، كان لإغلاق المتاجر لفترات طويلة في جميع أنحاء العالم تأثير مدمر على نتائج شركات الأزياء وأثر سلبي على الموردين المحليين.
زيادة المنافسة
يتوقع رئيس غرفة الأزياء الوطنية الإيطالية كارلو كاباسا أن تنخفض الإيرادات بنسبة %30 – %40 هذا العام للشركات في جميع أنحاء القطاع، كما حذر من أن العديد من المشاريع الصغيرة البالغ عددها 200 ألف شركة والتي تشكل العمود الفقري لصناعة الأزياء الإيطالية تواجه خطر الإغلاق بشكل دائم، وبالنسبة للعديد من الشركات المملوكة للعائلات، التي تقلصت إيراداتها خلال العقدين الماضيين بسبب زيادة المنافسة العالمية والأزمات الاقتصادية المحلية المتكررة، فمن المرجح أن تكون جائحة كوفيد – 19 هي الضربة الأخيرة، لكن العلامات التجارية والشركات المصنعة التي تمكنت من إعادة تنظيم قنوات التوزيع والمبيعات الخاصة بها بسرعة باتت قادرة حتى الآن على التخفيف من آثار الجائحة.
وتظهر البيانات التي نشرها باحثون في مرصد التجارة الإلكترونية B2C التابع لـ Milan Politecnico في يوليو أن مبيعات الملابس عبر الإنترنت نمت بأكثر من %20 في 2020. وفي حين أن عمليات الشراء عبر الإنترنت لا تمثل سوى جزء بسيط من إجمالي مبيعات الملابس في إيطاليا، فيتفق الخبراء على أن كوفيد – 19 عمل كمحفز لإجراء إصلاح شامل طال انتظاره للتوزيع والتسليم.
يعتقد المستثمر المقيم في لندن أليساندرو بينيلو، الرئيس التنفيذي لمجموعة كوادريفيو، التي تركز استثماراتها على الطعام والأزياء والتصاميم الإيطالية، أن التحدي الرئيس لما يسمى بقطاع «صنع في إيطاليا» يتمثل في تطوير المهارات والتكنولوجيا التي ستسمح للشركات بالبقاء على قيد الحياة في التحول الرقمي.
ويقول بينيلو «سرع فيروس كوفيد – 19 اتجاهاً كان قد بدأ بالفعل، وسيتعين على العلامات التجارية للأزياء التحول رقمياً من خلال منصاتها الخاصة ومن خلال أطراف ثالثة مثل يوكس وفارفيتش».
المهارات التقنية
واشترت مجموعة كوادريفيو شركة روزانتيكا وهي علامة تجارية لبيع الاكسسوارات عبر الإنترنت وشركة «%120 Lino» لتصنيع ملابس الكتان، ويعتقد بينيلو أن إحدى أكبر المشاكل في التكيف مع تدفقات العمل الحديثة هي أن «المهارات التقنية نادرة للغاية في إيطاليا».
ومن المرجح أن تكون للشركات الكبيرة اليد العليا لأن لديها الموارد اللازمة لتوظيف المواهب وتنفيذ استراتيجيات التجارة الإلكترونية الخاصة بها أو من خلال الشراكات. فعلى سبيل المثال، وقّعت دار أرماني اتفاقية خلال الصيف مع شركة Yoox Net-a-Porter لبيع السلع الفاخرة عبر الإنترنت لتحسين منصتها الرقمية التي توفر للعملاء الوصول عبر الإنترنت إلى كل من الكتالوج الرقمي والسلع الموجودة في المتجر عبر قناة التوزيع التابعة ليوكس.
وقامت شركة يوكس، وهي جزء من مجموعة ريتتشمونت ومقرها ميلانو، باستثمارات كبيرة في التخزين العالي التقنية والذكاء الاصطناعي والبرمجيات لتعزيز خدمات التجارة الإلكترونية التي جذبت 4.3 ملايين عميل حتى الآن. وتبيع المجموعة لعملائها في العالم مباشرة من خلال منصتها الخاصة المتعددة العلامات التجارية عبر الإنترنت، لكنها تدير أيضا المبيعات الفردية عبر الإنترنت والتوزيع لأكثر من 30 علامة تجارية، بما في ذلك بالينسياغا وبوتيغا فينيتا وإيزابيل مارانت ودنهل.
خلال الجائحة، اتجهت منصات مثل أمازون التي تبيع ملابس الموضة السريعة، الى تعزيز شبكة الخدمات اللوجستية والتوصيل الايطالية. وكما يقول ستيفانو بيريجو، نائب رئيس قسم الوفاء للعملاء الأوروبيين في أمازون «في سبتمبر، بدأنا عملياتنا في مركز الوفاء التابع لنا في روفيجو، والذي سيخلق 900 وظيفة دائمة في ثلاث سنوات».
منصات مفتوحة
وتعمل شركات إيطالية أخرى مثل لوكسيتيكا، الشركة المصنعة للنظارات الرائدة عالميا، على تطوير عملياتها لايصال المنتجات إلى السوق العالمي، وقد خفضت سابقا عدد مراكز التوزيع الخاصة بها من 13 إلى أربعة على مستوى العالم، من أجل دمج عمليات الإنتاج والتوزيع الرقمي، وستكون الخطوة التالية للشركة هي إنشاء منصة على الإنترنت، مفتوحة لصانعي النظارات الآخرين.
يقول كبير مسؤولي التشغيل في لوكسيتيكا جورجيو ستريانو «ستدعم قوة البنية التحتية اللوجستية لدينا رغبة المجموعة في بناء منصة خدمة مفتوحة وتعاونية، ستسمح لشركائنا واختصاصيي البصريات بالاتصال بالمستهلكين في جميع أنحاء العالم، وربما يمكننا البدء في تصور شكل جديد لصناعة المشاركة لمواجهة التحديات المقبلة».
وتعمل الحكومة الإيطالية علي تقييم التحول الرقمي، وتساعد سيمست التي تدير القروض المدعومة للمؤسسات الصغيرة نيابة عن وزارة الخارجية الإيطالية، الشركات الصغيرة التي تشكل الجزء الأكبر من الاقتصاد الإيطالي، التي ترغب في التوسع من خلال منصات التجارة الإلكترونية. ويقول الرئيس التنفيذي لشركة سيمست ماورو ألفونسو، إن طلبات القروض لتمويل إطلاق منصات المبيعات عبر الإنترنت زادت بشكل كبير بين مايو وسبتمبر، في خضم الجائحة، مضيفا «نرى مؤشراً على زيادة وتيرة عدد الشركات الإيطالية من مختلف القطاعات التي تعمل على تعزيز العمليات عبر الإنترنت».
تغيير هيكلي محتمل
وفقا لبيانات سيمست، تم تسلم ما يقرب من 300 طلب في الأشهر الأربعة حتى 17 سبتمبر، وكانت شركات المنسوجات والسلع الاستهلاكية من بين الفئات الخمس الأولى من المتقدمين. ويضيف ألفونسو، «يشير ذلك إلى حدوث تغيير هيكلي دائم محتمل في كيفية قيامنا بأعمالنا».
ويعتقد بينيلو أن التحول الرقمي يمثل فرصة لكل من الشركات الإيطالية الصغيرة والشركات متعددة الجنسيات، وسيساعد الشركات المصنعة ذات التفكير المستقبلي على الاستفادة من المستهلكين وتقليص التكاليف والنجاة من الأزمات والمنافسة بعد الوباء، وكما يقول «أنا متفائل».