فالنتينا رومي، كريس غايلز، دلفين شتراوس – «فايننشال تايمز» –
قفزت أسعار المنازل إلى مستويات قياسية الشهر الماضي في بريطانيا، حيث ارتفعت بوتيرة هي الأسرع منذ 16 عاما مع دخول فترة الاعفاء من رسوم الطوابع حيز التنفيذ. وسعى المشترون إلى شراء منازل جديدة بعد شهور من الإغلاق.
وذكرت جمعية البناء الوطنية في المملكة المتحدة أن أسعار المنازل في البلاد ارتفعت بنسبة %2 بالقيمة الاسمية، على الرغم من دخول البلاد في أعمق ركود على الإطلاق في الربع الثاني.
ويعزى هذا الارتفاع في الأسعار إلى إعادة فتح سوق الإسكان في مايو، إلى جانب فترة الإعفاء من رسوم الدمغة على قيم العقارات التي تقل عن 500 ألف جنيه إسترليني، التي تم الإعلان عنها في يوليو وتستمر حتى نهاية مارس المقبل.
وفق جمعية البناء فقد دفع الانتعاش في النشاط متوسط الأسعار إلى ارتفاع بمعدل %3.7 عما كان عليه قبل عام. وقال روبرت غاردنر، كبير الاقتصاديين في جمعية البناء الوطنية «تحركت أسعار المنازل في اتجاه معاكس للخسائر التي سجلت في مايو ويونيو وهي في أعلى مستوياتها على الإطلاق». ومع ذلك، فإن سوق الإسكان الجديد بعيد كل البعد عن ظروف ما قبل الجائحة، مع وجود العديد من الاختلافات بناء على أنواع العقارات المطلوبة وموقعها، حيث أصبح الناس يفكرون في المستقبل الذي بات فيه القرب من مقر العمل أقل أهمية.
وقال جوناثان هوبر، الرئيس التنفيذي لشركة Garrington Property Finders «الأسعار ترتفع بشكل أسرع بين العقارات الساحلية والريفية، حيث يخطط المشترون لتحقيق توازن جديد بين العمل والحياة مبني على تقليل التنقل والبحث عن المزيد من المساحات الخضراء والهواء النقي وقيمة أفضل».
وفي المناطق المطلوبة بشدة خارج لندن، تباع العقارات بمعدلات نادرا ما تشاهد منذ ما قبل الأزمة المالية 2008 – 2009. إذ تقول لوسي بيندلتون من وكالة العقارات المستقلة جيمس بندلتون «هناك نسبة مذهلة من العقارات تتجه الآن للسعر المطلوب أو أكثر والعروض تتدفق. يبدو الأمر كما لو كان الاغلاق مجرد حلم سيئ».
وأظهر بحث منفصل من بوابة العقارات Zoopla أنه في الربع الثالث كانت هناك زيادة في الطلب على العقارات الأكبر في لندن، بينما تراجع الطلب على الشقق المكونة من غرفة نوم واحدة. على الصعيد الوطني، يتوقع المساحون أن تنخفض الأسعار في لندن لكنها سترتفع في معظم المناطق الأخرى، وفقا لآخر مسح أجرته المؤسسة الملكية للمساحين القانونيين.
في مثل هذا السوق المتباين حيث يتغير مزيج العقارات المبيعة بسرعة، فإن العثور على متوسط سعر حقيقي للمملكة المتحدة بأكملها أمر صعب للغاية، وفقا لريتشارد دونيل، مدير الأبحاث في Zoopla. وقال دونيل إنه تم إدراج وبيع المزيد من المنازل الكبيرة في المناطق الأكثر ثراء، ما يعني أن متوسط السعر المطلوب غير المعدل للعقارات على بوابة Zoopla كان أعلى بنسبة %12 مما كان عليه قبل عام، مشيرا إلى أن الانتعاش في الطلب على الإسكان يخلق تحيزا للمعاملات أكثر من المعتاد، حيث نرى تحولا كبيرا في الأسعار ونوع المنازل التي يتم بيعها نتيجة الإغلاق.
لكن الاعفاء من رسوم الدمغة وأسعار الفائدة المنخفضة لا يساعدان جميع المشترين الحريصين على العثور على مكان جديد للشراء والعيش. أولئك الذين يرغبون في الحصول على قروض عقارية ضخمة بقيمة %90 أو أكثر من سعر العقار يضطرون إلى دفع معدلات فائدة أعلى في المتوسط على الرغم من أن السعر الرسمي لبنك إنكلترا قد انخفض من %0.75 إلى %0.1 منذ اندلاع الوباء.
متوسط التكلفة
وكان أندرو بيلي، محافظ بنك إنكلترا، قال أمام لجنة برلمانية الأربعاء إن هذا التغيير في متوسط تكلفة الرهن العقاري للمشترين ذوي الودائع الصغيرة نسبيا كان بسبب قيام المقرضين بسحب بعض الصفقات الأرخص سعرا من السوق. وقال «كل الأدلة تشير إلى أن التخفيضات التي أجريناها في سعر الفائدة الأساسي لبنك إنكلترا قد تم تمريرها على نطاق واسع».
وتظهر بيانات البنك المركزي أنه في نهاية شهر يوليو، كان متوسط سعر الفائدة على رهن عقاري بسعر ثابت لمدة عامين بقرض بنسبة %90 عند %2.66، بزيادة 0.51 نقطة مئوية عن العام السابق، في حين أن أولئك الذين لديهم ودائع أكبر بكثير كانوا يستفيدون من معدلات الرهن العقاري المنخفضة.
وحذر العديد من خبراء سوق العقارات من أن القفزة في أسعار المساكن قد تكون قصيرة العمر عندما ترتفع البطالة بعد انتهاء برنامج الإجازة ودعم الأجور للعاملين هذا الخريف وتغيير نظام رسوم الدمغة في الربيع المقبل.
وقال توبي مانكوسو، مدير شركة الاستثمار العقاري تراك كابيتال «يكمن الخطر في أن هذا الجنون يمكن أن يخلق فقاعة في أسعار المساكن ستنكمش بسرعة عندما يعود العمل برسوم الدمغة».
في حين أفاد هوارد آرتشر، كبير المستشارين الاقتصاديين في EY Item «نعتقد أن سوق الإسكان سيتعرض على الأرجح لضغوط خلال الأشهر الأخيرة من عام 2020، حيث من المحتمل أن يكون هناك ارتفاع كبير في معدل البطالة مع انتهاء برنامج الإجازة ودعم الأجور في أكتوبر».
من جانبه، قال هانسن لو، خبير الاقتصاد العقاري في كابيتال إيكونوميكس، وهي شركة استشارية «بشكل عام، كان الانتعاش في سوق المنازل حتى الآن على شكل حرف V، نتوقع أن يهدأ الزخم الأخير في الطلب على الإسكان خلال الأشهر القليلة المقبلة».
الخاسرون في السوق
أفاد نيل هدسون، مدير شركة Residential Analyst، للاستشارات بأن أولئك الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى وديعة كبيرة كانوا من الخاسرين في سوق الإسكان الحالي، لكنهم لم يؤثروا في أسعار العقارات التي يرتفع الطلب عليها في الوقت الحالي بسبب وجود العديد من المشترين ذوي مستويات السيولة العالية. وأضاف هدسون «يبدو أن التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا شعر بها في الغالب الشباب وذوو الدخل المنخفض، وهم الفئة الأقل قدرة على شراء منزل».