al saham

اخبار ذات صلة

النفط قرب الـ100 دولار..ودول بينها لبنان تدفع الثمن

يؤشر ارتفاع اسعار النفط المتسارع في الفترة الأخيرة الى صعوبات وضغوطات قد تواجهها معظم اقتصاديات الدول، باستثناء الدول النفطية التي يعتمد اقتصادها على النفط بنسبة تفوق الـ75 في المئة. وهذا الامر لا ينطبق سوى على دول قليلة في العالم، في طليعتها دول الخليج العربي. وفيما أقرّت دول الخليج موازناتها للعام 2023 على اساس سعر وسطي للبرميل لا يتجاوز الـ65 دولارا، اصبحت اليوم قادرة على ضمان فائض مالي كبير ستتظهّر نسبته في نهاية العام الجاري.

ويبقى السؤال الاساسي في هذا الموضوع، الى اين تتجه اسعار النفط في الفترة المقبلة، وهل صحيح ان سعر البرميل سيتجاوز الـ100 دولار للمرة الاولى منذ آب/اغسطس 2022؟
في المعطيات، هناك اسباب متعددة قد تسمح بترجيح نظرية تجاوز النفط سقف المائة دولار للبرميل، لعلّ أهمها ما يلي:
اولا- استمرار سياسة خفض الانتاج التي تقودها كل من السعودية وروسيا من داخل “اوبك بلاس”. وفي 5 أيلول/ سبتمبر الجاري (2023)، أعلنت كل من السعودية وروسيا عن تمديد خفض طوعي في إنتاجهما النفطي، والذي كان مقررا في السابق ان ينتهي في ايلول، ليمتدّ حتى نهاية 2023، بواقع 500 ألف برميل للسعودية و300 ألف برميل لروسيا يومياً. ولا يشمل هذان الرقمان، خفضاً إلزامياً آخر تشارك فيه كل من الرياض وموسكو، تحت مظلة تحالف “أوبك+” بدأ في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 حتى نهاية 2023، يتبعه خفض آخر يستمر حتى نهاية 2024.
ثانيا- نقص المخزون الاحتياطي الاميركي من النفط بحوالي 200 مليون برميل منذ آذار/مارس 2022 حتى النصف الأول من العام الجاري. وهذا يعني ان واشنطن ستبدأ قريبا عملية اعادة تكوين الاحتياطي لديها، بما سيزيد الطلب على النفط.
ثالثا- وقف سياسة رفع الفوائد في الفدرالي الاميركي والبنك المركزي الاوروبي، بما أعطى الامل بتعافي الاقتصاد العالمي، وزيادة الطلب على النفط. ولكن تجميد رفع الفوائد، لا يعني ان هذا الامر سيستمر طويلا، بدليل ان الفدرالي اعلن في اجتماعه الاخير في ايلول، انه سيعود الى سياسة رفع الفوائد في الفصل المقبل، في حال لاحظ عودة مؤشرات التضخم.
رابعا- مع اقتراب فصل الشتاء، من المتوقع ان يرتفع الطلب على النفط ومشتقاته. وفي تقديرات وكالة الطاقة الدولية، من المتوقع أن يصل الطلب على النفط إلى مستوى قياسي يبلغ 102.2 مليون برميل يومياً هذا العام، بزيادة 2% عن العام الماضي.
خامسا- مؤشر العقود الآجلة يرجّح نظرية الارتفاع الاضافي في اسعار النفط. وتشير بيانات البورصة والبيانات التنظيمية، بحسب تقرير لـ”فاينانشل تايمز” إلى أن مراكز صناديق التحوّط أدّت إلى تفاقم ارتفاع الأسعار مع تسارع ارتفاع معدل شراء العقود الآجلة لخام برنت والخام الأميركي. وأظهرت أحدث البيانات أن صافي المراكز الطويلة للصناديق في خامي برنت وغرب تكساس الوسيط قفزت بمقدار 137 ألف عقد، أو 35%، إلى أعلى مستوى في 18 شهرا عند 527 ألف عقد في الأسبوعين المنتهيين في 12 أيلول/ سبتمبر.
كل هذه المعطيات تصبّ في خانة ترجيح استمرار ارتفاع اسعار النفط في الفصل الاخير من العام 2023. هذا الارتفاع ستكون له انعكاسات كارثية على اقتصاديات الدول، سيما الهشّة منها. وسيؤدي بطبيعة الحال الى عودة وتيرة التضخم الى الارتفاع، على اعتبار ان النفط ينعكس على اسعار كل السلع الاستهلاكية تقريبا. وهكذا يدخل الوضع في حلقة مفرغة، اذ مع عودة التضخم قد يصار الى اعادة تزخيم سياسة رفع الفوائد، الامر الذي سينعكس بدوره على النمو، ويؤدّي الى تراجع الطلب على النفط، وقد يساهم لاحقا في اعادة خفض اسعار المحروقات. لكن، حتى ذلك الحين، وهي فترة قد تمتد الى ما بعد العام 2024، تكون الدول الضعيفة قد دفعت ثمنا باهظا. وهنا لا بد من التركيز على دول عربية قد تعاني من هذا الوضع، في مقدمها لبنان والاردن ومصر…
واذا كان لبنان حتى ذلك الحين، ماضياً على المسار القائم حالياً، اي فوضى سياسية واقتصادية، فهذا يعني ان الفاتورة التي سيدفعها اللبنانيون ستكون قاسية، وقاسية جدا.

Facebook
WhatsApp
Twitter

اقرأ أيضاً