لا يستقيم الكلام عن المطالبة بمنطقة عازلة جنوب الليطاني تكون خالية من مسلحي وأسلحة حزب الله،لأن القرار ١٧٠١ ينص عمليا على هذه المنطقة التي يفترض أن تكون خالية من أي قوات عسكرية غير شرعية وان يتواجد فيها فقط الجيش اللبناني وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
المشكلة إذاً ليست في نص القرار المذكور بل بكيفية تطبيقه، وهو لم يطبق لأن الدولة اللبنانية لا تملك القرار من جهة، ولأن إسرائيل من جهة ثانية تتذرع بهذا العجز اللبناني فلا تطبق القرار من جهتها وتواصل خرق الأجواء والمياه والبر في لبنان.
إن ما يجري حالياً هو البحث عن آلية تطبيق هذا القرار،وهذه الآلية تحتاج من الجانب اللبناني إلى قرار سياسي يوافق بموجبه حزب الله على إخراج أسلحته الثقيلة من جنوب الليطاني وأن يتاح للجيش اللبناني والقوات الدولية التفتيش عن هذه الأسلحة في المواقع التي يشتبه بأنها موجودة فيها،أما الحديث عن إبعاد عناصر حزب الله عن تلك المنطقة فهو غير واقعي،لأن المقاتلين في حزب الله هم من أبناء تلك القرى والبلدات وعائلاتهم تقيم فيها إضافة إلى أشغالهم ومصالحهم.
إن التوصل إلى هكذا قرار في لبنان يبدو حتى الأن صعبا، فحزب الله يربط وجوده عند الحدود بكامل قوته العسكرية بأمرين الأول هو حماية لبنان ومصالحه وتحرير أراضيه المحتلة كما يقول والثاني هو دعم الفلسطينيين في الأراضي المحتلة تمهيدا لإزالة إسرائيل من الوجود،ما يعني أن التخلي عن السلاح الثقيل والتواجد العسكري الكثيف في تلك المنطقة سيكون نوعا من التنازل عن هذين الهدفين،كما أن حزب الله يبحث في الوقت عينه عن الثمن الذي يمكن أن يتقاضاه في حال أقدم على تنفيذ ال ١٧٠١ وهو ثمن يبدأ بوقف الخروقات الإسرائيلية ليس باتجاه لبنان فقط بل باتجاه سوريا أيضا وبمعالجة التحفظات عند الخط الأزرق وترتيب وضع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا،وينتهي بأثمان في السياسة الداخلية اللبنانية انطلاقا من رأس الهرم أي رئاسة الجمهورية ولا يستبعد طرح نظام جديد للبنان.
وبانتظار أن يتم الإتفاق تبقى المخاطر من تدهور الوضع بشكل كامل بين حزب الله وإسرائيل مرتفعة جدا، فالتطورات العسكرية التي تنذر بإمكان انفلات الوضع تتزايد وكذلك التهديدات ولا سيما من الجانب الإسرائيلي،وبالتالي فإن السباق محموم بين مساعي التهدئة وطبول الحرب الشاملة علما ان الرسالة التي تسري من قبل حزب الله محليا وإقليميا ودوليا هي أن لا حديث في أي ترتيب لتنفيذ القرار ١٧٠١ تحت النار والخطوة الأولى وقف الهجوم في غزة.