al saham

اخبار ذات صلة

عون يُحرج حزب الله ويزيد عزلته


شكّل الموقف الذي أعلنه رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون، في شأن مشاركة حزب الله في حرب غزة، وتحويل الجنوب جبهة مساندة لـ”حماس”، صدمة اضافية يتلقاها الحزب. ولا شك في ان موقف عون، ومن ثم موقف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، سيساهمان في زيادة العزلة والضغط على حزب الله الذي لا تشعر قيادته بالارتياح الداخلي، كما كانت تأمل.
وبصرف النظر اذا ما كان موقف عون نابع من قناعة مبدئية، ام انه مبني على حسابات داخلية تتعلق بمواقف الحزب حيال ملفات عديدة، لم يدعم فيها التيار الوطني الحر، وعلى رأسها الاستحقاق الرئاسي، فان النتيجة واحدة بالنسبة الى حزب الله المحشور داخلياً في تبرير مشاركته في الحرب.
وبعد صدور موقف عون، اصبح الحزب مكشوفا، ويواجه معارضة واسعة تشمل معظم القوى المسيحية والسنية والدرزية.
لماذا وصلت الامور الى هذا المستوى من المعارضة، وما هي المعطيات التي منعت حصول اجماع على دعم الحزب في وجه العدو الاسرائيلي؟
في تفسير هذا الوضع يمكن التركيز على بضعة حقائق، من أهمها ما يتعلق بتوصيف وظيفة سلاح حزب الله. اذ ان القوة العسكرية للحزب كانت مخصّصة لتحرير الارض اللبنانية، قبل العام 2000. وبعد التحرير، تم التركيز على وظيفة ثانية للسلاح، ترتبط بحماية لبنان وتشكيل قوة ردع وتوازن رعب يحمي البلد من أطماع العدو في احتلال ارضه، او التعدي على شعبه. وعندما اضطر الحزب الى القتال في سوريا علناً، لم يقدّم تبريراً مرتبطاً بحسابات اقليمية ترتكز على حماية نظام بشار الاسد، بل ركّز على عنوان لبناني يفيد بأن الحزب يقاتل المتطرفين في سوريا لمنع وصولهم الى لبنان. وهكذا يكون قد ربط القتال بمصلحة لبنانية لاقناع الرأي العام اللبناني بشرعية ما يقوم به.
في الحرب القائمة اليوم، لم يعمد الحزب الى استخدام الذرائع نفسها، خصوصا في المرحلة الاولى للقتال. اذ اعلن منذ البداية انه فتح جبهة الجنوب، كجبهة مساندة لغزة، وان هذه الجيهة ستبقى مفتوحة طالما ان حرب غزة لم تنته. وذهب أبعد من ذلك، من خلال التلميح الى ان قرار توسيع الحرب مرتبط بالتطورات الميدانية في غزة، بما أوحى انه يستعد لدخول حرب شاملة في حال سقطت غزة في يد الاحتلال الاسرائيلي. ومن هنا، اعلنت وسائل اعلام حزب الله ان شهداء الحزب الذين يسقطون في هذه المعركة ينبغي ان تطلق عليهم تسمية “شهداء على طريق القدس”، بتوجيهات مباشرة من امين عام الحزب السيد حسن نصر الله، في اشارة الى ان المعركة هي من اجل فلسطين.
من خلال هذا الموقف، شعر قسم كبير من اللبنانيين، ان هذه الحرب تخطت الوظيفة المعلنة لسلاح حزب الله، وان الحزب لم يكلف نفسه هذه المرة عناء تغطية مشاركته بربطها بحماية لبنان، كما كان يفعل في العادة.
ويعتبر البعض ان الحزب اخطأ في اعلان اسباب مشاركته في الحرب، وكان أفضل لو قال ان فتح الجبهة يهدف الى حماية لبنان، لأن اسرائيل تستعد لمهاجمته، وانه يريد استنزاف قوتها لقطع الطريق على هذا الهجوم المرتقب. طبعا، هذا التحليل عاد واستخدمه لاحقا حزب الله، لكن حججه جاءت ضعيفة بسبب موقفه السابق الذي أوضح فيه اسباب اشعال جبهة الجنوب.
ولا شك في ان الحزب، عانى من موقف البيئة الشيعية اكثر مما عانى من مواقف البيئات الاخرى. اذ ان الاعتراضات التي كانت سائدة في الاوساط الشيعية، ولو انها بقيت ضمن الجدران الاربعة، أقلقت الحزب كثيرا. وهذا ما يفسّر لماذا طلب الحزب من الرئيس نبيه بري إشراك مقاتلي حركة امل في المعارك، لتخفيف الاعتراضات الداخلية في البيئة الشيعية، وتصوير هذه البيئة متضامنة مع قرار دعم غزة من خلال جبهة الجنوب.
في عودة الى موقف عون، والتيار الوطني الحر، من البديهي ان قيادة حزب الله ستشعر بأنها اصبحت محاصرة داخلياُ، وان القوى التي تغطيها صارت اقلية في كل الطوائف الاخرى. كما انها عاجزة عن تحقيق انجازات عسكرية يمكن الاعتداد بها لتبرير المشاركة في الحرب، سيما وأن عدد شهداء الحزب يعتبر مرتفعا جدا، قياسا باعداد الشهداء في حرب تموز 2006 الشاملة. بالاضافة الى ان حرب الاستنزاف الحالية قد تكون طويلة جدا، وبالتالي، لن يكون سهلا اقناع الرأي العام اللبناني، بما فيه الشيعي، بصوابية مواصلة الانخراط في هذه الحرب.

Facebook
WhatsApp
Twitter

اقرأ أيضاً