al saham

اخبار ذات صلة

رمضان كفرشوبا بنكهة الحرب

بدّلت الحرب عادات رمضان في بلدة كفرشوبا الحدودية، شتت شمل من قرر البقاء تحت أزيز القصف والغارات، أجبرته ظروفه المعيشية على ذلك، لا تشبه كفرشوبا يومياتها السابقة، نالت البلدة نصيبها من القصف والدمار، داخلها ما زال يقطن بعض العائلات التي لا تتجاوز عدد أصابع اليد، وسجل عودة أربع عائلات، بعدما ذاقت بها الظروف، ففضلوا تحمّل تبعات القصف، على تحمل تبعات «الطَفر» كما يقولون.
يعم الهدوء البلدة الفارغة من سكانها، تكاد تكون حركة من بقي خجولة، فالتحرك له حساباته في زمن الحرب، معظم أبناء البلدة نزح نحو حاصبيا والجوار، حتى زينة رمضان والأجواء التي ترافقه اختفت، قضت الحرب عليها مختلف يمر الشهر على العائلات هنا، تغيرت عاداتهم الرمضانية، إختفت سفرة العائلة الكبيرة، تفرّق شمل معظمهم، فالحرب فرّقت كثيراً، لا يشبه رمضان العام الماضي بشيء، الظروف الاقتصادية، الأمنية والتهجير شتتوا عاداته كلها، حسرة تلمسها في قلوب الجنوبين ممن ينتظرون بفارغ الصبر وقف إطلاق النار.


بصعوبة يعيش جمال أيام رمضان، يقتصر الإفطار على الحواضر تَبَعاً لـِ ما يشير، فالظروف لا تسمح بالبذخ أو أعداد وجبات دسمة كالعادة، وإن كان طبق الفتوش الحاضر الأكبر على المائدة. يحاول من تبقى من أبناء كفرشوبا تمرير شهر رمضان بالتي هي أحسن كما يقول أحمد غانم، يصف الوضع بالمآساة الكبرى، بالكاد يتمكن من بقي هنا أن يوفر ثمن صحن الفتوش وليس كلّ يوم».
يدفع الناس ثمن الحرب، واقع يؤكده غانم الذي يرى أن الأوضاع تتجه من سيء إلى أسوأ، ويزيد الطين بلّه المرض، حينها يقول «تقع الكارثة، فلا مستوصف في البلدة، والذهب إلى الطبيب يحتاج ميزانية كما هو حال قصد مستشفى مرجعيون، الفاتورة فوق قدرة الناس».
من حواضر المنزل يتدبر أبناء كفرشوبا رمضانهم، يركزون على وجبات الحمص والعدس والمعكرونة، أما الدجاج واللحم بات من المستحبات اليوم وفق ما يقول خالد الذي يعكس واقع أبناء البلدة الصعب، عاد خالد مع عائلته قبل أيام إلى كفرشوبا، بعدما بات «عالحديدة» على حد وصفه «الكل تخلًى عنّا، وندفع نحن الفاتورة الأعلى اليوم».
معظم أبناء كفرشوبا يعتمدون في حياتهم على الزراعة، وينتظرون بيع المواسم الزراعية لتوفير الأموال لهم، هذه المواسم قضت عليها الحرب منذ ست أشهر، ولم يتسن لأي مزارع حراثة وزرع أرضه بأي نوع من الخضار، في العادة كان خالد كما باقي العوائل يعتمدون على خضار الأرض من بقدونس وخس وبصل ونعناع وغيرها ما يوفر عليهم فاتورة شهر رمضان، «اليوم ما في شي، نشتري ما تيسر من دكان الضيعة الوحيد الذي يحاول أن يوفر بعض الخضر».
يتجه علي الحاج كل ثلاث أيام إلى منطقة البقاع لشراء الخضار لدكانه الوحيد الصامد في كفرشوبا، بصعوبة يتنقل، يغتنم لحظات الهدوء، بحسبه «أحرص على توفير ما أمكن من خضر لأبناء البلدة، غير أن الأسعار بات مرتفعة جداً، وصل سعر الخسة إلى ١٢٠ ألف وهو إجرام بحق الناس»، يؤكد مضي في تلبية حاجات الناس، متحدياً كل الصعاب لأنه كما يقول «الكل تخلّى عنّا فهل نتخلّى عن بعضنا البعض».
عاد لكفرشوبا بعدما عجز عن دفع ايجار منزل خارجها «ما نملكه لا يكفي، فضلت فتح الدكان وتوفير بعض الضروريات لأبناء البلدة أفضل من اللاشيء».
حتى الخبز يصل بصعوبة يقول علي «أضطر للنزول إلى سوق الخان لملاقاة بائع الخبز الذي يخاف عبور الطريق بسبب القنص والقصف الذي تتعرض له راشيا الفخار بين الفينة والأخرى». ومع كل الصعوبات يتمسك بكلمة «الله بيفرجها».
رغم مرور ست أشهر على بداية الحرب، ما زالت المساعدات شحيحة نسبياً، ما أثّر على حياة الناس، فالكل خسر عمله، مدخراته، وبات ينتظر «رحمة الله». لا تخفي نعمة الأمر، تؤكد أنها لا تتمكن من إعداد وجبة الإفطار كالمعتاد، تحاول تحضير المتوفر من شوربا وفتوش وبعض الأطباق الخفيفة، تفتقد للمّة العائلة الرمضانية، تشير إلى أنها تفتقد رمضان كفرشوبا حيث كان له رونق أخر، مختلف ومميز، اليوم نعيش رمضان أخر.
وسّع الأسرائيلي من مروحة إستهدافته للقرى الحدودية، وكأنه يفرض معادلة نقيضة لقرار مجلس الأمن القاضي بوقف فوري لإطلاق النار، إستبشر النازحون خيراً، غير أن صوت المسيرات التي لم تغادر أجواء الجنوب بدد من آمالهم.
يسجل الكل عتبه على عدم حضور الدولة ومعها الأحزاب، بحسبهم لا نشاهدهم إلا زمن الإنتخابات أما اليوم لم يسأل أحد عنّا، حتى نواب المنطقة لم يكلّفوا نفسهم الإطمئنان عنا».

Facebook
WhatsApp
Twitter

اقرأ أيضاً