قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، خلال جلسة مجلس النواب بشأن ملف النازحين السوريين، “إنني أشكر رئيس مجلس النواب نبيه بري على الاستجابة لطلبي بعقد هذه الجلسة لنتحدّث بشكل واضح ومباشر عن ملف من أكثر الملفات التي تُشغل اللبنانيين حاضرًا ومستقبلًا”.
وشدّد على “أنني قلتُ مرارًا إن موضوع النزوح السوري إلى لبنان هو من المواضيع التي يُجمع اللبنانيون عليها برؤية واحدة في سبيل إنقاذ ديموغرافيا لبنان والحفاظ على كيانه”، ولكن “للأسف لم يدم رهاني طويلاً، إذ بدأنا نخاصم بعضنا البعض مغلّبين الشعبوية والمزايدات على المصلحة الوطنية، فحوّل البعض الفرصة إلى مشكلة والنعمة إلى نقمة”.
وأوضح ميقاتي بأنّ “البعض عارض الحكومة، وهذا حقّ ديموقراطيّ طبعاً، لكنه عارض قبل أن يفهم، وحكم بالأمر قبل أن يعلم. وهذا النهج أعتبر أنه يشكّل ضرراً كبيراً على الوطن، ويُعرقل السير قدماً بحلّ هذه المعضلة”، مضيفًا “لا بدّ لي من أن أثمّن عالياً الموقف الإيجابي للبعض بالتعاطي مع ما حدث، وذلك بالاستيضاح مباشرة أو عبر رسائل خطيّة، ولهم منّا كلّ تقدير”.
وقال: “أؤمن بأنّ قوة لبنان الحقيقية في وحدة أبنائه. فهذا الوطن لنا جميعاً، وكفى مزايدات على بعضنا البعض”، مشيرًا إلى أنّ “لبنان وطن سيّد حرّ مستقلّ وطنٌ نهائي لجميع أبنائه، كما أنّه دولة مستقلّة ذات وحدة لا تتجزّأ وسيادة تامّة”، مؤكّداً أن “لا فرز للشعب على أساس أيّ انتماء كان، ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين، كما جاء في مقدمة الدستور”.
وشدّد على أنّ “حلّ مسألة النزوح السوري يكون بتوافق كامل بين اللبنانيين”.
وأوضح بأنّ “المساعدة الأوروبية التي أعلنت عنها رئيسة المفوضية الأوروبية في حضور الرئيس القبرصي ليست سوى تأكيد للمساعدات الدورية التي تقدّمها المفوضيّة الأوروبية للبنان منذ سنوات”. وقال: “هذا الدعم الأوروبي هو للخدمات الأساسية التي تقدّمها المفوضية إلى المؤسسات الحكومية في مجالات الحماية الاجتماعية والتعليم والمياه والصحة؛ وعلى سبيل المثال، من خلال إنشاء مراكز التنمية الاجتماعية والمدارس العامة ومؤسّسات المياه”. وقال “إنني أريد أن أؤكد أنّ هذه المساعدات غير مشروطة بأيّ شروط مسبقة أو لاحقة، ولم يتمّ توقيع أيّ اتفاق مع الاتحاد الأوروبي بشأنها بل هي استمرار للمساعدات السابقة”.
وشدّد ميقاتي بالقول “وعدت رئيسة المفوضية الأوروبية بأنّ هذه المساعدات سيُعاد تقييمها كلّ ستة أشهر في ضوء حاجة لبنان، كما وعدت بزيادة هذا المبلغ أضعافاً وباستثمارات أوروبية في لبنان فور إقرار القوانين الإصلاحية المطلوبة”.
وأضاف “نحن أصررنا على أن تكون المساعدة المقدّمة للنازحين السوريين هي لتشجيعهم على العودة إلى بلادهم وليس للبقاء في لبنان، مؤكّدين أن القسم الأكبر من سوريا قد بات آمناً للعودة”، مشيرًا إلى “أننا حذّرنا من أن استمرار هذه الأزمة في لبنان سيكون ككرة النار التي لن تنحصر تداعياتها على لبنان بل ستمتدّ إلى أوروبا لتتحوّل إلى أزمة إقليميّة ودوليّة”.
وكشف ميقاتي عن “أننا شدّدنا أمام الرئيس القبرصي ورئيسة المفوضية الأوروبية على أنه لا يمكن اعتبار لبنان شرطيّاً حدودياً لأيّ دولة، وأن المطلوب تعاون كلّ الدول لحلّ هذه المعضلة”.
إلى ذلك، أشار إلى أنّه “يجب الأخذ في عين الاعتبار مذكّرة التفاهم الموقّعة في 9-9-2003 بين المديرية العامة للأمن العام والمفوضية، والتي ورد فيها أنه لا يُمكن اعتبار السوريين في لبنان لاجئين”.
وتابع ميقاتي: “أؤكد أنه من الضروري تعاون الجميع لتنفيذ ذلك وعدم إغراق الأجهزة الأمنية والحكومية بالوساطات لإبقاء المقيمين بطريقة غير شرعية على الأراضي اللبنانية”، موضحًا بأنّه “بالنسبة إلى أمن الحدود، فإن الجيش يقوم بواجبه كاملاً ضمن الإمكانات المتاحة”.
وأفاد بأنّ “الجيش ينشر 4 أفواج على طول الحدود اللبنانية-السورية بخط حدوديّ يبلغ حوالَي 387 كلم بعدد عناصر 4838 عنصراً يتوزّعون على 108 مراكز، من بينها 38 برج مراقبة مجهّزين بكاميرات وأجهزة استشعار ليليّة”.
وذكر ميقاتي أنّه “في الواقع العسكري، وعلى طول الخط، يلزم 5 أضعاف القوى المنتشرة حالياً؛ وذلك لضبط الحدود بالحدود الدنيا، ناهيك بالحاجة البشرية واللوجستية لتعزيز الحدود البحرية والمراقبة عليها وضبطها”.