انشغلت الساحة اللبنانية بالترقب لجهة حصول رد عسكري من «حزب الله» على إسرائيل، انتقاما لاغتيال مسؤوله العسكري الأرفع فؤاد شكر، وكذلك بالرد الإيراني المتوقع على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران بعد ساعات من الضربة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت التي أودت بشكر مساء الثلاثاء الماضي، وأسفرت عن سقوط مدنيين بين قتلى وجرحى.
على الأرض، سجلت حركة اتصالات من سكان الضاحية الجنوبية، لجهة تأمين مساكن بديلة في هذه الفترة، سواء اندلعت الحرب أم لا. وكثر الحديث عن مغادرة عائلات إلى مناطق في الجبل، والى فنادق شاغرة غرفها بالكامل، كما سبق ان أكد نقيب أصحاب الفنادق في لبنان بيار الأشقر، بنعيه في بيان أصدره قبل أيام الموسم السياحي الفندقي.
زهاء 50% من العائلات المقيمة في الضاحية أخلت مساكنها. وكما حصل في الجنوب، اتخذ «الثنائي» تدابير بتأمين مساكن من وحدات سكنية ومنازل تابعة لأبناء بيئته في بيروت ومحيطها ويقيمون في الخارج، تحت شعار عدم إقفال منازل شاغرة أمام عائلات تبحث عن مأوى، مع ضبط العملية لجهة الاتصال بأصحاب المنازل وتعويضهم ماديا، وتحمل مسؤولية إعادة المنازل إلى أصحابها كما كانت عليه حالها قبل هذه الأزمة.
وكشفت معلومات لـ«الأنباء» عن خطط جاهزة للإخلاء في شكل منظم، تفاديا لفوضى لا تحمد عقباها في «وقت الشدة».
وتوازيا، أبلغت سفارات غربية إلى رعاياها وخصوصا اللبنانيين المزدوجي الجنسية، بضرورة أخذ الحيطة والحذر، وعدم التجول جنوب العاصمة بيروت وتفادي الاقتراب من ضاحيتها الجنوبية، إلى تأمين مؤن غذائية وأدوية.
وحثت الحكومة البريطانية مواطنيها في لبنان على مغادرة البلاد فورا.
وقالت وزارة الخارجية في بيان إن على الرعايا البريطانيين مغادرة لبنان «الآن بينما مازالت الخيارات التجارية متاحة».
وقال وزير الخارجية ديفيد لامي في البيان «التوترات مرتفعة والوضع مرشح للتدهور السريع. وبينما نعمل على مدار الساعة لتعزيز وجودنا القنصلي في لبنان فإن رسالتي للمواطنين البريطانيين هناك واضحة وهي: غادروا في الحال».
بدورها، حثت السفارة الأميركية في لبنان الأميركيين على «حجز أي بطاقة سفر متاحة» لهم لمغادرة البلاد.
وقالت السفارة في بيان نشر على موقعها الإلكتروني «نحض الراغبين بمغادرة لبنان إلى حجز أي بطاقة سفر متاحة لهم، حتى ولو كانت الرحلة لا تغادر على الفور، أو لا تتبع الطريق الذي يشكل الخيار الأول بالنسبة لهم»، مشيرة إلى أنه على الرغم من تعليق وإلغاء العديد من الرحلات إلا أن «خيارات النقل التجارية لمغادرة لبنان لاتزال متوافرة».
ونقل مقربون من قياديين نافذين في «حزب الله» ان الأخير مستعد لحرب طويلة إذا حصلت، «لا تقل عن سنتين، وسيتم استهداف إسرائيل يوميا بزهاء ألف صاروخ من أنواع عدة».
في موازاة حركة السكان في الضاحية، يكتنف الغموض توقيت الرد واحتمال اندلاع حرب موسعة، ويترافق ذلك مع حالة من الإرباك على مستوى المنطقة وحركة الطيران في المطارات.
إرباك أطلق العنان لتحديد مواعيد وتسريب معلومات. وفي هذا الإطار، قال مصدر مطلع لـ «الأنباء»: «احتمال التأخير قد يكون أحد أهدافه إفساح المجال أمام تسوية معينة دون استبعاد ان تتم على عدة مستويات. وأحد الخيارات تنفيذ عمليات ضد أهداف خارج إسرائيل، في العواصم والبلدان التي تدعمها بالكامل». وأضاف المصدر ان الغارات التي شنها الطيران الحربي الإسرائيلي ليل أمس الأول استهدفت شاحنة داخل الأراضي اللبنانية وصلت إليها من الأراضي السورية قرب مدينة بعلبك. وذكرت معلومات انها تحمل مواد غذائية، وتحدثت عن تحليق كثيف للطيران الحربي والمسير الإسرائيلي طوال الليل حتى ساعات الصباح. وكشف المصدر عن رسائل ديبلوماسية وصلت إلى المسؤولين اللبنانيين، «كلها مقلقة وتحذر من لجوء إسرائيل إلى حرب خاطفة بقوة تدميرية تختلف عن الحروب السابقة، وتعتمد على سرعة التنفيذ من خلال الغارات المكثفة ومن دون اجتياز بري للحدود اللبنانية».