مايو 9, 2024

اخبار ذات صلة

أضرار حرب غزة: لبنان يتصدّر الدول العربية

هناك تساؤلات متعددة الجوانب في شأن الخسائر الاقتصادية التي تتكبدها دول المنطقة جراء الحرب في غزة. ويتم الفصل بين هذه الدول، على اساس دول المواجهة، أي تلك التي قد تتورط في الحرب، مثل لبنان واليمن والعراق وسوريا، ودول قد تنعكس نتائج الحرب عليها بشكل مباشر مثل الاردن ومصر، ودول تنحصر التداعيات فيها من خلال المناخ العام المتوتر السائد في المنطقة. ومن البديهي ان الكم الاكبر من الاضرار الاقتصادية تتحمله “دول المواجهة”، سيما ان هذه الدول تشارك جزئيا في الحرب، ولو ضمن قواعد مضبوطة حتى الان. وبين مجموعة الدول الاربع، يعتبر لبنان هو الاكثر تضررا على الصعيد المالي والاقتصادي، في حين ان اضرار العراق واليمن وسوريا محدودة لاعتبارات عدة، منها ان المواجهة العسكرية المباشرة غير قائمة. كما ان اقتصاديات هذه الدول، سيما في اليمن وسوريا لا تستند الى قطاعات يمكن ان تتأثر بالتوتر، مثل السياحة وسواها. كما ان اجواء الحروب والتوتر موجودة قبل اندلاع حرب غزة، وبالتالي، لم تضف هذه الحرب تداعيات مالية او اقتصادية تُذكر. والامر نفسه ينطبق على العراق ولكن بنسبة اقل. ومن المعروف ان اقتصاد العراق بات يعتمد على قطاع النفط بنسبة تقارب الـ90 في المئة. وحتى الان، كانت تأثيرات حرب غزة ايجابية بالمجمل على اسعار النفط، وبالتالي لا خسائر فعلية في الاقتصاد العراقي.

هذا الوضع لا ينطبق على الاقتصاد اللبناني الذي بدأت كل قطاعاته تسجل تراجعات، وفي طليعتها القطاع السياحي الذي بدأ يتبيّن ان حجوزات السياح الاجانب تم الغاءها بالكامل تقريبا في موسم السياحة الشتوي الذي يبدأ في كانون الاول/ديسمبر، وينتهي في شباط/فبراير.

كذلك بدأ اللبنانيون في الغاء حجوزاتهم في شركات الطيران. وباتت التوقعات تشير الى ان الموسم الشتوي انتهى، وبالتالي، خسر لبنان ايرادات تقدّر بحوالي مليار الى ملياري دولار في خلال الاشهر الثلاثة المقبلة. كذلك تراجعت الحركة في كل القطاعات التجارية والصناعية بسبب تراجع الاستهلاك بشكل عام. وبما ان الاقتصاد اللبناني يمر في وضع استثنائي وانهيار منذ نهاية العام 2019، فان الخسائر التي يتعرض لها الاقتصاد اليوم، سوف تنعكس بسرعة على مجمل الحركة الاقتصادية التي كانت قائمة، على اساس ما يُعرف باقتصاد الـ20%، والمقصود فيه الحركة التي يؤمّنها عدد محدود من اللبنانيين الذين حافظوا على مداخيلهم وقدراتهم الشرائية رغم الانهيار المالي والاقتصادي. كذلك فان مخاطر تداعيات الحرب على لبنان، تكمن في تأخير اضافي في كل مشاريع التعافي، بما يعرّض للخطر المؤسسات التي لا تزال صامدة، بما فيها القطاع المصرفي الذي ينفق لتأمين الكلفة التشغيلية، من دون ان يعمل بشكل طبيعي لتحقيق ايرادات.

في المقابل، يتعرض اقتصاد كل من مصر والاردن لتحديات لا يستهان بها، ترتبط أولاً بجمود إضافي في نسب الاستهلاك العام بسبب القلق من اجواء الحرب، وتشمل كذلك تداعيات مباشرة على الايرادات من خلال انحسار الحركة السياحية. وفي هذا السياق، تعتبر مصر المتضرر الاكبر، على اعتبار انها تعتمد على القطاع السياحي بشكل واسع لضمان تدفق العملة الصعبة الى البلد. ومن المعروف ان إيرادات مصر السنوية من السياحة وصلت إلى 13.6 مليار دولار.

وبحسب بيانات البنك المركزي المصري، بلغ عدد السائحين نحو 13.9 مليون سائح بزيادة سنوية 35.6 بالمئة، بين حزيران 2022 وحزيران 2023.
ويحتاج الاقتصاد المصري الذي يعاني من شح الدولارات الاحتياطية لديه، الى كل دولار سياحي. وبالتالي، فان اجواء التوتر ستساهم في خفض ايرادات السياحة، وسيكون ذلك بمثابة ضربة قاسية للاقتصاد المصري.

اما بالنسبة الى مجموعة الدول العربية الاخرى، والتي تبدو بعيدة نسبيا عن التداعيات المباشرة، فان الاضرار تنحصر بالتأثيرات السلبية التي تثيرها الحرب في حال طال امدها، وهي تأثيرات متشابكة مع مجمل الاضرار التي قد تصيب كل اقتصاديات العالم، بسبب الترابط القائم. مع الاشارة، الى ان الاقتصاد العالمي ليس في احسن حالاته، وهو يعاني اساسا من انعكاسات الحرب الروسية الاوكرانية، والتي أدّت الى موجات تضخّم مُقلقة دفعت البنوك المركزية الى رفع اسعار الفوائد الى مستويات غير مسبوقة. ورغم رفع الفوائد بهذه النسب، والتي تهدف الى التخفيف من انعكاسات التضخّم، الا ان اجواء القلق انعكست في اسعار الذهب الذي ارتفعت اسعاره الى مستويات مرتفعة جدا. وهذا الارتفاع مؤشر لا يقبل الدحض، يدل على ان المستثمرين في كل انحاء العالم يترقبون الاسوأ اقتصادياً، اذا تطورت حرب غزة.

Facebook
WhatsApp
Twitter

اقرأ أيضاً