مايو 20, 2024

اخبار ذات صلة

ايرادات الغاز: صندوق سيادي وصندوق للودائع

اقترب موعد الاعلان الاولي عن نتائج الحفر الذي تقوم بها شركة توتال في البلوك رقم 9. واصبحت المسألة مسألة ايام معدودة قبل أن يعرف اللبنانيون اذا ما كانوا يملكون ثروة غازية تجارية يمكن الاعتماد عليها لضمان ايرادات اضافية لخزينة الدولة المفلسة. وفي كل الاحوال، واذا ما تبين أن الحفر لم يُثبت وجود كميات تجارية، فان الشركة ستعمد الى الحفر في نقطة اخرى في المكمن نفسه، بحثاً عن الغاز التجاري.

وبصرف النظر عن واقع انه لا يمكن الجزم، بنتائج ايجابية منذ الآن، الا ان كل المؤشرات التي توفرت من خلال المسوحات، او من خلال المكامن القريبة من البلوك 9، والتي تحتوي على غاز، ترجّح فرضية وجود غاز للاستثمار التجاري في هذا البلوك.

وفي انتظار النتائج، لا بد من تحضيرات تسبق عملية استخراج الغاز. وقد بدأت فعلا من خلال مشروع انشاء صندوق سيادي تودع فيه ايرادات الغاز والنفط في المستقبل. ويتضمّن مشروع الصندوق تفاصيل في شأن استخدام هذه الايرادات، وما ينبغي تجميده للاجيال المقبلة.

في الموازاة، وبعدما تبين ان خطة التعافي متعثرة بسبب عقدة الودائع، وبعدما تبين كذلك، ان النواب ليسوا قادرين على اقرار اي خطة تتضمّن شطباً للودائع، وقد أبلغوا هذا الموقف بوضوح الى وفد صندوق النقد الدولي، لا بد من العودة الى اقتراح انشاء صندوق يتم تمويله بنسبة محددة من ايرادات الغاز المستقبلية، ويضمن اعادة الحقوق الى اصحابها.

ولا بد من التأكيد، ان فكرة انشاء صندوق مماثل لا يرفضها صندوق النقد الدولي، على اعتبار ان ايرادات الغاز ليست واردة في الحسابات التي أجراها الصندوق لوضع تقديرات في شأن نمو الاقتصاد اللبناني، بعد الاتفاق معه والبدء في تنفيذ خطة التعافي. وهذا الامر ينبغي توضيحه دائما، وهو ان صندوق النقد لا يستهدف المودعين عندما يرفض تسخير ايرادات الدولة لاعادة الودائع، بل انه يحرص على ضمان الايرادات كما درسها، لئلا يؤثر ذلك على النمو، ويفشّل الخطة، ويصبح لبنان عاجزا عن تسديد دينه للصندوق، والذي يُفترض وفق الاتفاق ان يكون حوالي 3 مليار دولار.
ولا بد من التوضيح ايضا، ان انشاء مثل هذا الصندوق ستكون له ايجابيات عديدة، من اهمها:
اولا- ضمان اعادة الودائع، او قسم كبير منها، الى اصحابها، وهذا الامر ضروري، سواء لجهة الحفاظ على حقوق الناس، او لجهة ترميم الثقة بالقطاع المالي، او لجهة تأمين سيولة كافية لمساعدة الاقتصاد على الاقلاع مجددا.
ثانيا- يحظى المودعون الذين سيحصلون على حقوق في ايرادات هذا الصندوق، بفرصة التصرّف في حقوقهم في وقت مبكر. اذ من المعروف، ان ايرادات الغاز، في حال تبين وجود كميات تجارية للاستثمار، لن تبدأ فعليا قبل 6 أو 7 سنوات. ولكن، وعندما يحصل المودع على حصته في صندوق الودائع، يستطيع ان يبيع هذه الحصة من دون الحاجة الى انتظار بدء تدفُّق الايرادات. طبعا، من يقرّر البيع المبكر، سيضطر الى الحصول على سعر أدنى، من مودع ينتظر الايرادات، سيما اذا ما تبين ان كميات الغاز جيدة، والايرادات كبيرة. في كل الاحوال، حركة البيع المسبق، ستنشّط البورصة، وسيؤدي ذلك الى خلق حركة مالية ستنعكس ايجاباً على السوق المالي، وعلى مجمل الوضع الاقتصادي.
ثالثا- ان وجود حوالي مليون مودع لديهم حقوقهم في صندوق الودائع، سيؤدي الى خلق لوبي قوي يدفع في اتجاه المزيد من الحوكمة والشفافية في قطاع الغاز، على اعتبار ان هؤلاء سيكونون شركاء في ايرادات الثروة الغازية ومن مصلحتهم الضغط دائما لضمان تدفّق الاموال الى الصندوق. وسيكون هذا اللوبي بمثابة جمعية مدنية اضافية ستراقب قطاع الغاز والنفط وتحميه من التجاوزات.
رابعا- يمكن ان يتم تحديد نسبة مئوية مقبولة لتغذية الصندوق، على ان يتم تحديدها بفترة زمنية كافية مبدئيا لاعادة الودائع، كأن يكون «عمر» الصندوق 20 سنة، قابلة للتمديد الاضافي في حال الضرورة.

بهذه الطريقة يمكن ضمان اعادة الودائع، من دون التصادّم مع صندوق النقد الدولي. وبوجود صندوقين، واحد سيادي وآخر للودائع، ستكون فرص النمو افضل، ولن يشعر اي مواطن بالغبن، لأن الدولة تستخدم جزءا بسيطا من موارد الغاز لدفع ديونها للناس الذين فقدوا ودائعهم، لتحافظ على الحقوق وعلى السمعة وعلى الثقة بالمستقبل.

Facebook
WhatsApp
Twitter

اقرأ أيضاً