مايو 8, 2024

اخبار ذات صلة

من يستطيع محاسبة إسرائيل على جرائمها في غزة؟

من يستطيع محاسبة إسرائيل على جرائمها في غزة وفلسطين؟ سؤال يطرحه الفلسطينيون الذين يتلقون بصدورهم قذائف إسرائيل وصواريخها في غزة الصامدة رغم قصف قوات الاحتلال ناسَها ومستشفياتها ودور عبادتها وكل شيء فيها. كما يسأله كل «إنسان» يفكر بأخيه الإنسان مهما كان دينه أو جنسه أو هويته. حملت هذا السؤال إلى الخبير في القانون الدولي الإنساني الدكتور حسن جوني الذي يؤكد أنّه في القانون الدولي هناك عدة مسارات يمكن أخذها لمحاسبة أي دولة تنتهك القانون الدولي العام والقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان وقانون اللاجئين وغيرها. هذه المسارات يمكن أن تتخذ من قبل الدول أو من قبل منظمات إقليمية ودولية أو من قبل الأمم المتحدة. بين الدول، يمكن لأي دولة أن تقطع العلاقات الدبلوماسية أو الاقتصادية والتجارية. وهذا المسار يمكن أخذه على الأصعدة كافة. وعلى صعيد المنظمات الدولية، يمكن مثلاً للاتحاد الأوروبي أو جامعة الدول العربية أو منظمة المؤتمر الإسلامي أن تأخذ قرارات باتجاه قطع العلاقات. أما في ما يتعلق بالإجراءات العقابية، فيمكن لمجس الأمن أن يتخذ قراراً بفرض عقوبات سواء اقتصادية أو عسكرية لأن ميثاق الأمم المتحدة يعطي لمجلس الأمن الحق عبر الفصل السادس أو السابع باتخاذ مثل هذه الإجراءات. ومجلس الأمن سيد نفسه، لكن تدخل العملية السياسية عاملاً قد يحد من هذا الإجراء، من خلال استخدام حق النقض (الفيتو). كما يمكن الذهاب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة. فقد صوتت مؤخراً ١٢٠ دولة مع قرار وقف إطلاق النار في غزة. ويحق للجمعية العامة اتخاذ قرار على أساس «اتحاد من أجل السلام» الذي سبق أن اتخذته عدة مرات، وله قوة الفصل السابع. كذلك يمكن الذهاب إلى مجلس حقوق الإنسان ومفوضية حقوق الإنسان، أو الأونيسكو أو اليونيسف وغيرها من المنظمات.

والمحاسبة القضائية؟ الموضوع يصبح أكثر تعقيداً هنا، إذ تدخل سيادة الدول والتعقيدات القانونية وميزان القوى، عوائق أمام القضاء الدولي. ولا بد أن نشير إلى أن إسرائيل تنتهك في غزة وفلسطين عموماً، القانون الدولي العام والقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الأربعة والبروتوكول الأول الإضافي والمعاهدات التي تحرّم استخدام الأسلحة الممنوعة، وكل أعراف القانون الدولي. محكمة العدل الدولية لا يمثل أمامها إلا الدول وهناك شروط معقدة في تنفيذها.

  • رأينا في الاعلام، المحامي الفرنسي المخضرم جيل دوفير يقول إنه يسعى لحشد جهود ٥٠٠ محامي لمقاضاة اسرائيل امام المحكمة الجنائية الدولية. هل يمكن ان ينجح هذا التحرك؟ الم تحصل تحركات سابقاً لإدانة اسرائيل؟
  • تقدّم المحامي الفرنسي جيل دوفير أمام المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لكن المدعي العام لم يحرك القضية حتى الآن. مع العلم أنه أتى إلى المكان الذي تحصل فيه الاعتداءات (فلسطين المحتلة) ورأى بأم عينه الانتهاكات. علماً أن هناك منظمات فلسطينية (كمنظمة الأرض ومنظمة الحق) تقدمت إلى المحكمة الجنائية نفسها منذ عشر سنوات. والمحامي الفلسطيني راجي صوراني يذهب كل فترة إلى لاهاي ويقدم أدلة جديدة على جرائم الاحتلال الإسرائيلي. كذلك فإن دولة فلسطين هي عضو في المحكمة وهي تقدمت بعدة دعاوى ولم يحركها المدعي العام الحالي حتى الآن. من المهم أيضاً أن نذكر أن جنوب أفريقيا ومعها ٤ دول أيضاً تقدّمت بدعوى ضد إسرائيل بتهمة «إبادة الجنس البشري». وعلى المدعي العام أن يجيب، وإلا تهدد هذه الدولة بالانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية.
    المحامي الفرنسي مشكوراً يقوم بعمل مهم وهو له حضور في أوروبا خصوصاً في فرنسا وستكون له تداعيات إعلامية، وهو يلعب دوراً في التأثير على الرأي العام الفرنسي. وهذا تضامن سياسي مع القضية الفلسطينية ونتمنى أن يقوم المدعي العام بتحريك القضية أمام المحكمة. وهذا يضاف إلى الجهود التي كانت قبله، سواء من دولة فلسطين أو من منظمات إنسانية والمحامين. كل هذا يساعد في تراكم الشكاوى ضد دولة «إسرائيل» وضد المجرمين الصهاينة المسؤولين فيها، لكشف أعمالها الإجرامية.
  • بصفتك عليماً بالقانون الانساني الدولي، هل ترى ان العالم فقد انسانيته تجاه القضايا المحقة مثل القضية الفلسطينية وذهب نحو المصالح ومحاباة «القوي» مقابل الضعيف؟
  • يجب أن نعرف أن القانون شيء وتطبيق القوانين شيء آخر. فكم من الناس الذين يحتالون في العالم ويكذبون باسم الدين أو الرسالات السماوية، والقرآن والإنجيل منهم براء. الإنسانية اليوم مجروحة. وكلنا نذكر فظاعات الحربين العالمية الأولى والثانية التي قام بها «الأمبرياليون» واستعملوا فيها أسلحة حارقة وحتى نووية. القوانين جيدة، إنما التطبيق مرتبط بميزان القوى. فعندما يكون في صالح الشعوب يحقق شيئاً مهماً مثلما حصل مع الدول التي استقلت عن الاستعمار فأصبحت دولاً ذات سيادة. والكيان الإسرائيلي يعتبر نفسه خارج القانون. العالم اليوم يعيش على مبدأ استغلال الإنسان للإنسان داخل وطنه، وبالتالي استغلال دولة لدول أخرى. العالم مرتبط بميزان القوى وسيبقى هناك مجرمون وستبقى دول لا تحترم الإنسانية. وجود الكيان في حد ذاته غير شرعي وغير قانوني لأنه عندما أنشيء، تمّ ذلك على أرض الغير وتم استقدام بشر من خارج فلسطين. الكيان لا يلتزم مبادئ وأهداف الأمم المتحدة. ميثاق الأمم المتحدة يسمح بطرد أي دولة لا تلتزم الميثاق لكن هذا يتطلب قراراً من مجلس الأمن. وأميركا وبريطانيا وفرنسا لا تقبل طبعاً بطرد إسرائيل.
    أمر مهم جداً يجب ذكره أن هناك أحكاماً عديدة صدرت عن المحاكم الوطنية ضمن إطار «الصلاحية العالمية» رفعها أشخاص وعائلات ضد الكيان الإسرائيلي وحُكم عليه بملايين الدولارات. كل هذه القرارات مهمة، لكنّ المهم أيضاً التنفيذ. وبالرغم من عدم تنفيذها، فإن أهميتها تأتي بأنها تدين إسرائيل على عدوانها وجرائمها أمام الرأي العام العالمي.
Facebook
WhatsApp
Twitter

اقرأ أيضاً