مايو 19, 2024

اخبار ذات صلة

هل يتجاوب فريق الممانعة مع لودريان المستعجل؟

تفاوتت المواقف في تقييم اهمية عودة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الى لبنان، والمسعى الجديد الذي باشره من خلال سلسلة اللقاءات التي استهلها بزيارات الى الرسميين، بدءا برئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، مروراً بزيارة اليرزة والاجتماع مع قائد الجيش العماد جوزف عون، وصولا الى الاجتماع مع رئيس مجلس النواب نبيه بري. وبعد ذلك، تنوعت اللقاءات، في اطار السعي الى تدوير الزوايا في ملف الاستحقاق الرئاسي، وشملت الاحزاب والقوى السياسية الفاعلة.
اللافت في المواقف الداخلية، انها تفاوتت بين التفاؤل المفرط، حيث اعتبر البعض ان مجرد عودة الموفد الفرنسي في هذا التوقيت، تحمل مؤشرات على وجود أسس متينة للحلحلة، في حين أصرّ آخرون على انها مجرد زيارة تُضاف الى سجل الزيارات التي اعتاد الموفدون الفرنسيون القيام بها الى لبنان، وكانوا يخرجون منها دائما بخفَي حنين، ومن دون اية نتيجة تُذكر.

لا شك في ان مرور لودريان في الرياض قبل الهبوط في بيروت، له دلالته الايجابية، من دون ان يعني ذلك الافراط في التفاؤل. وقد صار واضحا ان باريس باتت تتحرك ضمن غطاء من اللجنة الخماسية، وهي تعلق اهمية خاصة على الموقف السعودي، الذي يعتبر لاعبا اساسيا في لبنان، سواء لجهة قدرته على “المونة” على موقف قسم كبير من القوى السنية، او لجهة علاقاته المميزة مع قوى من 14 آذار، تضم قسما كبيرا من المسيحيين. وبالتالي، بات الموقف السعودي في معيار الاحجام، من اكبر المؤثرين في الساحة السياسية في لبنان. ومن هنا، بدا اللقاء بين لودريان والمستشار نزار العلولا، بمثابة تجديد للتوافق السابق، بين الفرنسيين والسعوديين على تنسيق التحركات في لبنان، بهدف تكبير فرص النجاح.

وبدا من خلال الكلام المقتضب الذي ادلى به لودريان في بيروت ان زيارته تتجاوز فكرة الاستطلاع، والتي استند عليها البعض، للقول ان لا وجود لأية افكار جديدة، وان الزيارة اشبه برفع العتب. طبعا، لا يمكن استبعاد فكرة ان واحدا من اهداف عودة لودريان، تثبيت الدور الفرنسي الطليعي، والتذكير بأن باريس لم تتخل عن هذا الدور. وهذا الامر مهم وحيوي بعد حرب غزة، وما رافقها من مواقف ملتبسة اتخذتها باريس في بداية الحرب، وبين تبديل هذه المواقف بعد مرور فترة على الحرب.

لكن حصر الاهداف بهذه النقطة قد لا يكون منطقيا، لأن الموفد الفرنسي تحدث باقتضاب ولكن بوضوح حول مهمته، من خلال التأكيد انه يسعى الى تأمين التوافق حول الاستحقاق الرئاسي، وانه سيسعى الى تدوير الزوايا، على امل الوصول الى هذه النتيجة.

هل يعني كلام لودريان ان القوى السياسية صارت جاهزة للتخلي عن خياراتها السابقة، ومستعدة لفتح حوار جدي حول خيار ثالث يمكن التوافق حوله؟
يصعب الجزم في هذا الموضوع، خصوصا ان الثنائي الشيعي، وتحديدا حزب الله، قد لا يكون مستعدا للتخلي عن مرشحه سليمان فرنجية في هذا التوقيت بالذات. اذ ان حرب غزة التي دخلها حزب الله من باب المساندة، وليس الانخراط الكامل، لم تنته بعد. واذا كان امين عام حزب الله شدّد على اهمية النتائج التي سيفرزها الميدان، فهذا يعني ببساطة ان الحزب يراهن على انتصار “حماس”، بما يعني انتصار محور الممانعة. وفي هذه الحالة، من البديهي ان الحزب سيسعى الى ترجمة الانتصار العسكري بانتصارات سياسية، بدءاً بالاصرار على ايصال مرشحه فرنجية الى قصر بعبدا. والسؤال، اذا كان الحزب يعتبر ان النصر العسكري ليس بعيدا، طالما ان العدو الاسرائيلي لم يحقق حتى الان أيا من الاهداف التي اعلنها في الحرب، فلماذا قد يستعجل الحزب في حسم ملف الرئاسة لمصلحة التنازل عن مرشحه، والاتفاق على خيار ثالث؟

منطقياً، وفي حال لم تنتصر “حماس”، فان الحزب يستطيع ان يعود الى نظرية التوافق على مرشح ثالث مع القوى السياسية في الداخل. وهو يدرك انه لا يمكن تجاوز ارادته في هذا الاستحقاق، خصوصا انه متضامن مع رئيس المجلس ضمن موقف واحد، بما يعني عمليا توحيد موقف الشيعة. وبالتالي، لماذا قد يتوقع البعض ان يستعجل حزب الله في التنازل، طالما انه قادر على الحصول على الخيار التوافقي لاحقا، حتى لو انهزمت “حماس”، في حين انه قد يحصل على حصة اكبر في حال استمر المسار على ما هو عليه اليوم، وانتهت الحرب بتكريس انتصار حركة المقاومة، من خلال الصمود والاعتراف بها كطرف اساسي في المعادلة؟

اغلب الظن، ان جولة لودريان الحالية لن تحسم الاستحقاق الرئاسي، لكنها قد تؤسس لتهيئة الارض للتوافق في المستقبل، بعدما يكون غبار حرب غزة قد انقشع، واصبحت الرؤية اوضح للجميع.

Facebook
WhatsApp
Twitter

اقرأ أيضاً