مايو 19, 2024

اخبار ذات صلة

رسالة لودريان : حصّنوا موقعكم لأن المنطقة تتغيّر

لا شك في ان لبنان موجود اليوم في قلب العاصفة، على اعتبار ان ما يجري في غزة سوف ينعكس عليه لاحقا، عندما تتوضح صورة المسار السياسي الذي سيتم رسمه والتوافق عليه في المنطقة.
هذا الوضع يدفع الدبلوماسيين الغربيين والعرب الى تحذير المسؤولين اللبنانيين، من خطورة الفوضى القائمة في البلد في ظل استمرار الفراغ الرئاسي، وعدم جهوزية لبنان ليكون على الطاولة، عندما يحين موعد اتخاذ القرارات المصيرية في شأن الخريطة السياسية لدول المنطقة.

ولدى لبنان الكثير من الملفات الشائكة المرتبطة بتطورات المنطقة، وبحرب غزة، وما قد تسفر عنه من نتائج، سواء على مستوى احتمال تطورها وانتقالها الى الضفة الغربية، او حتى الى لبنان، او لجهة الاتفاقات التي ستخلص اليها بعد انتهاء الحرب. ومن ضمن هذه الملفات، ملف النزوح السوري الذي بات يشكل الهمّ الوطني الاول لغالبية القوى السياسية. وهو ملف ضاغط يحتاج الى جهود استثنائية، والى تعاون خارجي، والى ظروف دولية مؤاتية لكي تتم مقاربته بروحية ايجاد معالجة دائمة، لا تأتي على حساب لبنان.

بالاضافة الى ملف النزوح السوري، هناك ملف المخيمات الفلسطينية، والمرتبط نظرياً بحل القضية الفلسطينية. هذا الملف وضع على الرف، منذ سنوات طويلة، لكنه قد يتم تحريكه في اية لحظة، وبالتالي، لا بد من اعادة فتح هذا الملف، عندما يحين موعد الحل النهائي لهذه القضية. وهناك من يعتقد ان مفاعيل حرب غزة، وبصرف النظر عن النتائج، سوف تؤدي الى فتح ملف القضية الفلسطينية على مصراعيه.

وبالاضافة الى هذين الملفين، سيبرز لاحقا ملف سلاح حزب الله، خصوصا اذا كانت التسوية التي قد تنشأ في المنطقة، بعد سكوت المدفع، ستشمل ترسيم حدود نفوذ دول المنطقة، ومن بينها ايران. وبالتالي، ليس مستبعدا ان يكون هذا الملف ضمن سلة الملفات التي سيتم التفاهم عليها، ضمن صفقة متكاملة وشاملة، برعاية دولية.
انطلاقا من هذه الاستحقاقات، يردّد دبلوماسيون عرب واجانب امام القوى السياسية في لبنان، ان البلد يحتاج الى انتظام سياسي في اسرع وقت ممكن، لكي يصبح مهيأ للمشاركة في طاولة المفاوضات في شأن الحلول الاقليمية.

وفي هذا السياق، يمكن تفسير اصرار الموفد الفرنسي جان ايف لودريان على طرح موضوع التمديد لقائد الجيش. فهو رفض ان يتعاطى مع هذا الملف وكأنه جزء من ملف الاستحقاق الرئاسي، بل أصرّ على انه ملف قائم في حد ذاته، له علاقة بأمن لبنان واللبنانيين، وضرورة الحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار، وصون المؤسسة العسكرية، لتكون قادرة على لعب دورها في هذا الوقت الضائع.

وفي المعلومات ان لودريان صارح الذين التقاهم انه لا يمكن التعاطي مع ما يجري في غزة، وكأنه لا يعني لبنان، او كأن ناره لن تصل الى بلد الارز. خصوصا ان دائرة المواجهات قد لا تبقى محصورة جغرافياً، رغم الجهود الدولية التي تصب في هذا الاتجاه. لكن، في حالات الحرب، تبقى كل الاحتمالات واردة، بما فيها التصعيد والانتقال نحو دول ومساحات اوسع، لذلك طالب المسؤولين اللبنانيين بتحصين موقع البلد، لأن المنطقة تتغيّر.
كذلك صارح لودريان القوى السياسية، بأن الجيش ينبغي ان يكون خطاً احمر في هذه الحقبة، ولا يجوز اقحامه في لعبة الحسابات السياسية الضيقة، لأنه ليس الوقت المناسب لمثل هذه المجازفات.

وهذا ما يفسّر ربما سبب غضبه في خلال اللقاء مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. اذ ان الاخير رفض بوضوح طرح الموفد الفرنسي التمديد للجنرال جوزف عون، وقدم مطالعة لها علاقة بمخالفة الدستور. لكن شروحات باسيل لم تُقنع لودريان الذي كان قد اخذ وعودا من غالبية القوى السياسية، بالسير في موضوع التمديد لقائد الجيش. وكذلك، نجح لودريان في انتزاع موقف متفهّم من قيادة حزب الله، مع وعد بدراسة الموضوع، لضمان عدم حصول فراغ او بلبلة في القيادة العسكرية في كانون الثاني المقبل.
في النتيجة، سيكون ملف قيادة الجيش نجم النقاشات السياسية في الايام القليلة المقبلة، وسيتظهر موقف حزب الله اكثر حيال هذا الموضوع، خصوصا ان موقف الحزب حاسم في هذا الاطار، ولن يكون هناك اي عائق في التمديد لعون اذا ما قرر الحزب السير في هذا الاتجاه.

يبقى ان الملف الرئاسي سيكون التالي على لائحة الاهتمام، وقد تكون هناك جولات مستقبلية لموفدين، من ضمنهم الموفد الفرنسي، لانجاز هذا الاستحقاق، لمساعدة لبنان على مواكبة تطورات الحرب ونتائجها باقل خسائر ممكنة.

Facebook
WhatsApp
Twitter

اقرأ أيضاً