al saham

اخبار ذات صلة

المبادرة القطرية تعتمد دبلوماسية الصمت.. والصبر

مع تراجع المبادرة الفرنسية، والخلافات التي تظهّرت في اجتماع نيويورك للمجموعة الخماسية، انحصرت الآمال في الملف الرئاسي على المراهنة على المبادرة القطرية، التي بدأت مع وجود الموفد القطري أبو فهد جاسم آل ثاني، والذي تحرك بصمت بين القيادات والمسؤولين، وأحاط مهمته بنوع من الكتمان الشديد، الامر الذي اعتبره البعض مؤشرا جيدا، لأنه يمنح المبادرة فرصة النجاح.

في هذه الاجواء، هناك تساؤلات عديدة حول طبيعة المبادرة التي حملها الموفد، ولماذا قد تنجح طالما ان كل المبادرات التي سبقتها، المحلية والخارجية انتهت الى فشل؟ ومن اهم الاسئلة المطروحة، ما يلي:
اولا- هل تنطوي المبادرة على الترويج لاسم مرشح وحيد هو قائد الجيش العماد جوزف عون، ام انها تتجاوز هذه النقطة الى تقديم اكثر من اسم للتوافق؟
ثانيا- هل تحظى المبادرة بموافقة ايرانية؟
ثالثا- ما هو الموقف الاميركي من هذه المبادرة؟
رابعا- هل تتضمن المبادرة دعوة الى مؤتمر في الدوحة على غرار ما جرى في العام 2008؟
خامسا- ما هي اوراق القوة والاغراء التي تمتلكها قطر لتقديمها في سبيل إنجاح هذا المسعى؟
سادسا- في حال فشل المبادرة، هل يعني ذلك انها ستكون الفرصة الاخيرة، وسيُترك بعدها لبنان ليقلّع شوكه بيديه؟

كل هذه التساؤلات، تمثل في حدّ ذاتها مادة دسمة للتحاليل التي تملأ الاجواء، سيما في ظل التكتم الذي يعتمده الموفد القطري في مهمته. وقد بدأ كل طرف الترويج لاجتهادات تخدم تطلعاته. وفي حين ان القوى المؤيدة لوصول عون الى بعبدا، تؤكد ان الموفد القطري يحمل معه اسما وحيدا، هو جوزف عون، تجزم مصادر اخرى ان قطر تخلّت عن احادية الترشيح، وباتت تحمل مروحة من الاسماء التوافقية التي يمكن الاتفاق عليها. وتقول هذه المصادر، ان الدوحة لا تريد لمهمتها أن تفشل، وهي من اجل ذلك وسّعت مروحة الاسماء، ولو ان اسم قائد الجيش لا يزال على رأس اللائحة القطرية.
وتتصرف قطر على اساس انها تحظى بغطاء ايراني. وكان لافتا، وعلى عكس ما قيل في الاعلام، ان الموفد القطري لم يلتق رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد، بل اجتمع مع المعاون السياسي لأمين عام الحزب الحاج حسين خليل. وهذا يدل على عمق وحساسية المشاورات التي يجريها الموفد، على اعتبار انها تحتاج الى التنسيق مع امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله عبر معاونه، وليس من خلال لقاءات شبه بوتوكولية مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة. وفي الموازاة، تتحرك قطر بدعم سعودي وأميركي، وهذا الامر قد يمنح المبادرة فرصا اضافية للنجاح.

ومن غير المستبعد ان يتم تتويج المبادرة، والتي سيكون الشق الثاني فيها، زيارة يقوم بها وزير الدولة للشؤون الخارجية الى بيروت، بدعوة كل الاطراف اللبنانيين الى الاجتماع في الدوحة ضمن مؤتمر يهدف الى اعلان نجاح المبادرة، من خلال الاعلان عن اسم الرئيس الذي تم التوفق على انتخابه، واعلان العناوين العريضة للاتفاق الذي جرى ابرامه.

ومن دون استباق النتائج، لا بد من الاشارة الى ان قطر تمتلك مجموعة من اوراق القوة التي تستطيع استخدامها في التفاوض مع الاطراف اللبنانية، منها قدرتها على ان تكون الوسيط الموضوعي بين الولايات المتحدة وايران. كما انها تستطيع ان تمثل وجهة النظر السعودية. وهي بذلك تحظى بدعم مجموعة الخمس زائد ايران. كما ان قطر لعبت ورقة الدعم المالي، وهي مستعدة على ما يبدو الى تقديم دعم مالي سخي للبنان ليستعيد عافيته الاقتصادية، في حال نجاح مبادرتها الرئاسية.

تبقى الاشارة اخيرا، الى ان فشل المبادرة القطرية، في حال حصوله ستكون له نتائج صعبة على اللبنانيين. صحيح انه لا يمكن القول انها المبادرة الأخيرة، وان لبنان سيُترك لمصيره بعد ذلك، لكن من الواضح ان الفشل، سيؤدّي الى فترة من الانتظار الطويل، قبل ان تصبح المناخات ملائمة لاطلاق مبادرات جديدة. وفي مرحلة الانتظار هذه، لن يتم تقديم مساعدات، وسيكون البلد في مواجهة مرحلة خطيرة من الفراغات السياسية، ومن الضغوطات المالية التي سيتسبّب بها غياب الحل، والاستمرار في دائرة الانهيار الذي بدأ في اواخر العام 2019. وهناك مخاوف من اضطرابات امنية اضافية في الوقت الضائع، قد تؤدّي الى اوضاع غير مستقرة في البلد، تفقده آخر اوراق الصمود التي يمتلكها لتقطيع مرحلة الانتظار.

Facebook
WhatsApp
Twitter

اقرأ أيضاً