رحبت الاعلامية جومانا بوعيد بالصحافية راغدة درغام في حلقة جديدة ضمن برنامج «يلا نحكي» على شاشة الـLBCsat وقالت: ملهمة ومؤثرة لجيل الشباب، لا يزال بريقك ذاته بريق العقل صلابة الشخصية والحضور العالمي راغدة درغام ما زلت كما كنت.
استهلت حديثها درغام بشكر بوعيد على استقبالها في برنامجها وقالت عن بيتها: بيتي هو عنوان عودتي الى بيروت وحتى سميت المؤسسة الفكرية التي أنا فخورة بها «بيروت انستتيوت» ولم أسمّها «راغدة درغام» مثلا لأن بيروت تعني لي الكثير، والمبنى «سكاي لاين» الذي اسكن فيه كان أرضًا خالية واليوم أصبحت أيقونة مرفأ بيروت وكنت أنا اول من سكن في المبنى وعشقت بيتي وبدأت أفكر لماذا لا أقضي نصف الوقت في نيويورك ونصف الوقت هنا في بيروت وهذا البيت جعلني أغيّر حياتي.
وبعد انفجار 4 آب، قالت: انا مؤمنة والله أرادني أن أبقى حيّة وحصلت معجزة بأنه لم يمت 20 ألف قتيل وهذا بسبب القدرة الإلهية. ومن الضروري ان نتطلّع الى الوراء ونرى الاهراءات لأنه لا يجب أن ننسى ما حصل لبيروت، وما حصل كان محاولة إعدام للمدينة وأهلها وجريمة ضد الإنسانية من دون أدنى شك، وأؤمن بالقدرة على إعادة البناء، الدمار الهائل الذي حصل دمّر ناس كثيرين ودمّر نفسيّتهم ولكن المهم اننا أعدنا البناء وأنا أعدت بيتي كما كان.
وسألتها بوعيد: لا يزال لديك أمل بالبلد وعدتي وتركت مركز قرار دولي اي نيويورك وأتيت الى عاصمة كان فيها قرار، هل لا يزال في بيروت قرار؟ أجابت درغام: بيروت الآن يتيمة بيروت ممكن ألّا تجد نفسها لفترة طويلة ولكن فيها سحر وفيها انتماء وهناك ناس تعشقها مع أنها ليست من أجمل المدن لأنها «مضروبة 100 ضربة» وموقعها جميل وأرى ان لبنان مدينة كبيرة ومدن العالم هي بحجم لبنان، وأنا لست وطنية بالمعنى التقليدي بل بمعنى أعمق بكثير ولدي حسّ المواطنة وحسّ الانتماء، ونيويورك عشت فيها أكثر بكثير مما عشت في لبنان وأهلي في نيويورك أيضا وانا الوحيدة التي قررت انني اريد ان أعود.
وسألتها بوعيد: تخلقين الخبر ولا تنقلينه وتوصلين لنا سياسة الإدارة الأميركية بالشرق الأوسط من قلب الحقيقة وحاولت المشاركة في الحياة السياسية في لبنان عندما ترشّحت للانتخابات وانسحبت قبل حصولها، الفرد بوطننا لا يستطيع التغيير؟ أجابت درغام: يستطيع الفرد ان يغيّر ولكنني صريحة «زيادة عن اللزوم» ولا أسكت ولا أقوم بالمساومات ولا مقايضات و«لا أمسح جوخ» والتركيبة السياسية تتطلب قدرا من الفساد في هذا البلد وللأسف خيبة أملي لم تكن فقط من التقليديين بصنع القرار بل كان لدي خيبة أمل من الجدد اي المجتمع المدني وفكرت في أن أقدم للبلد بطريقة أخرى وليس من الضروري ان اكون في المجلس النيابي.
وردّا على سؤال حول امكانية توليها وزارة الخارجية قالت درغام: لو طلب مني ان اكون وزيرة للخارجية كنت خدمت بلدي بطريقة لا يمكن تصوّرها لأن علاقاتي ليست فقط مع نيويورك بل أيضا مع الأمم المتحدة ودول العالم وعلاقاتي هي ايضا مع صناع القرار بروسيا وأوروبا وواشنطن وفي الدول العربية والأمم المتحدة صقلتني كإنسانة وكصحافية والعمل الصحافي في الأمم المتحدة صعب جدا. وتابعت: راغدة درغام «غير قابلة للترويض» واذا كان «الترويض» هو ليخدم مصالح خاصة لا يمكن ان يحدث هذا الأمر وذلك لا يعني أنني لا أفهم اللغة الدبلوماسية السياسية الضرورية للمصلحة الوطنية. ولا مانع لدي لأكون وزيرة خارجية ولكنني لن أذهب و«أدق الأبواب» ويجب ان نجد طريقة للتعامل مع هذا الوضع والتغلب على السلبيات.
وسألتها بوعيد: كنت الجندي المجهول وراء الإتصالات الدولية لإنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، أجابت: انا صحافية ولم أكن ممثلة الدولة ولا أفاوض وراء الكواليس، ولكنني اقتنعت انه يجب ان يكون هناك محكمة دولية ولا يجب الإفلات من العقاب، وكنت أجمع كبار السفراء والمسؤولين الدائمين العضوية بمجلس الأمن الدولي على طاولة واحدة وهذا الأمر لم يكن بالسهل طبعا وذلك ليتحدثوا مع بعضهم البعض وذلك لخدمة لبنان، وانا مقتنعة وانا فخورة اذا كنت قد ساهمت بإنشاء المحكمة الدولية وامل ان يكون لدي دور بإنشاء محاكم دولية حول موضوع انفجار مرفأ بيروت لأنني أؤمن بالعدالة وبضرورة المحاسبة وأؤمن بعدم الإفلات من العقاب وأؤمن بالمسؤولية.
وحول الوضع في غزة وموقف المجتمع الدولي قالت درغام: رأيت انه في 7 أكتوبر قرار سياسي لحركة حماس التي لا أعتبرها لا انا ولا المجتمع الدولي انها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وأنا كبقية الدول والعالم ارى ان السلطة الفلسطينية هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني وحماس هي حركة إسلامية مقاومة وهي على خلاف مع السلطة، والعمليات التي حصلت في 7 أكتوبر بهرت العالم وانا خفت منها وعلمت ان العقاب سيكون رهيبًا ولا يمكنني أن أبرر ان العمليات حصلت في سهرة لشباب وصبايا والمستوطنون شيء والفلسطينيون شيء آخر وانا ضد استهداف المدنيين واستخدامهم كسلعة بالحروب، وما قامت به إسرائيل انتقامًا من عمليات 7 أكتوبر بيّن نسيج إسرائيل الحكومي والشعبي والوحشية وحس الإبادة لديهم، ولا يمكن تبرير هذه الأعمال ضد المدنيين لأنهم تضرروا وقرار أميركا بعدم التوصل لقرار في مجلس الأمن الدولي لوقف إطلاق النار غير صحيح وهذا التصرف خاطئ والمشكلة ان موضوع الإنتخابات الرئاسية الأميركية هي التي تؤثر على القرارات. وأحد أهداف حماس هي إيقاف المسيرة التطبيعية ما بين الدول الخليجية وإسرائيل ولدى الدول الخليجية الحق في اتخاذ القرار في التطبيع او التطوير. وكانت السعودية تتفاوض مع الإسرائيليين بشكل غير مباشر ليأخذوا أقصى حد من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وطبعا لن يطبّعوا والمشكلة هي بعناد إسرائيل وحتى أميركا تحاول أن تقنع اسرائيل ان تخفف والاسرائيلي ضارب الامر بعرض الحائط ولا موقف دولي والولايات المتحدة لن تفرض عقوبات على إسرائيل «من الآخر» لان العلاقة عضوية تحالفية بينهما والدول الخليجية والعربية تعمل ايضا لاحتواء الحرب والخوف ان يتوسع الموضوع للضفة الغربية.
وتابعت: الأوروبيون يخافون من ضغوط اليهود في بلادهم وحتى روسيا والصين لا تفرض عقوبات على اسرائيل. واسرائيل اعتمدت خطة للعمليات العسكرية ضد لبنان بدءا من الجنوب، والمشكلة انه إذا قامت إسرائيل بعملية عسكرية كبيرة على لبنان ستدخل ايران مباشرة الحرب مع إسرائيل وإيران لا تريد الحرب.
وتابعت بوعيد قائلة: حصلت على أعلى مرتبة بالصحافة الدبلوماسية بهيئة الأمم المتحدة وهذا ما لم يحققه كثيرون، أجابت درغام: بحسب جريدة «الحياة» كنت كبيرة المراسلين الدبلوماسيين، وفي العمل بالأمم المتحدة ما من صحافي عربي قام بهذا العمل وهذا كله نتيجة التعب. ودخلت الى العمل في الأمم المتحدة بعمر الـ23 سنة وبدأت كمراسلة أجنبية وفي عمر الـ26 بدأت العمل في التلفزيون الأميركي كمحللة سياسية عن الشرق الأوسط وفي عمر الـ26 قابلت 10 رؤساء دول وكان لدي صدقية مع السفراء والوزراء وكانوا يعرفون انني مجتهدة و«شاطرة» وكنت قد بدأت في بناء اسمي واحترمت كل القواعد.
وتعطي مثلا: حصل خطأ في الأمم المتحدة عن لبنان وانا لم أقم بنشره واتى شاب معي في جريدة «الحياة» وقام بنشره وذلك بهدف أن يحقق «سكوب» وانا لم أنشره لأنه في ذلك الحين كان من الممكن ان يلحق أذى بلبنان. وأنتزع المعلومات من الشخصيات وفي بعض الأوقات تقال لي معلومات ليست في الحسبان مثل «أوسلو» الذي هو من أهمّ السباقات الصحفية التي قمت بها. وكنت انا وامرأة من بين أعضاء في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك وهي نشيطة ولديها اتصالات مع الفلسطينيين ومع الإسرائيليين وكانت تزورني في منزلي وبالصدفة أخبرتني انه تجري اتصالات اسرائيلية مع الفلسطينيين بنحو اتفاقية أوسلو ولم يكن لدي علم بذلك، وقالت لي انه لا يمكنني نشر هذه المعلومة ووافقت على ذلك بشرط ان أكون أول من ينشرها للاعلان عنها ووفت بوعدها. وما حصل انه عندما أرسلت الخبر الى الجريدة قرر أحد مدراء التحرير بعدم نشرها لليوم التالي ومحى كلمة «أوسلو» واضطررت حينها بمحي كلمة «أوسلو»، وهذا الميل حاربني.
وكشفت درغام انها كتبت في الصحف العالمية مثل «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» وعملت في الـ «سي ان ان» و«سي ان بي سي».
وقمت بسبق لم يقم به أي أحد في الكون: في صيف العام 1998 توظفت في جريدة «الحياة» وطلبت أن أغطي مؤتمر «عدم الإنحياز» وذهبت الى بلغراد، وفي فترة 8 أيام قمت بمقابلات إستثنائية مع 10 رؤساء دول من بينهم حسني مبارك والملك حسين وكارلوس منعم و8 وزراء خارجية و3 منهم كانوا من وزراء الطائف وبعدد واحد في الجريدة اضطررنا لوضع حديثي حسني مبارك والملك حسين على الغلاف، ورفعنا الجريدة عاليًا.
وتابعت: هناك العديد من القمم التي لم اغطيها وكثير من الرؤساء والشخصيات الذين لم أقابلهم مثل صدام حسين وكنت أحب أن أحاور السيد حسن نصرالله ولكن الآن لست بحاجة لذلك، وأحب ان أحاور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وايضا الشيخ محمد بن زايد لأن لديهما رؤيا ولم يسلكان الطريق التقليدي لبناء المستقبل.
وردا على سؤال عما اذا كان الشخص مهم في الحوار ام الحدث أهم، أجابت درغام: عندما أقوم بالحوارات يهمني ما أعطيه للقارئ او المشاهد ومن واجبي تجاههم ما يحصل وأقدم للمستمع او المشاهد ما يريد، وانا لم أقم بأحاديث لأضعها بكتب، وهناك أحاديث نشرت في كتب مثل اول محاولة لتفجير مركز التجارة العالمي مع رمزي يوسف ولم يحاوره أحد غيري، وسئلت عن كيفية إجراء هذا الحديث وعن تجربتي وهذا الحديث من الحوارات النادرة التي قمت بها.
وتتوجه الى بوعيد ممازحة: «شو عم تعملي انتي؟ عم تنبشيلي كل شي»، وتابعت: انا صحفية جدية وقديرة ومثابرة جريئة ووقحة في بعض الأوقات لكي أحصل على الحديث الذي هو الأولوية لدي، ولم أرسم طريقي لوحدي بل الله مسك يدي في مسيرتي. وأحضر نفسي وأراجع الملفات لكي أتمكن منها أكثر، وفي الظرف المفاجئ أتكل على ذاكرتي المهنية وأعمل في الشؤون الدولية ولا أعمل فقط في الشرق الأوسط والأمم المتحدة مدرستي في الأمور السياسية الدولية.
وعن أصدق سياسي قابلته درغام قالت: ما من سياسي يقول الحقيقة كاملة لأنه لديه اعتبارات تتعدى صدقه كإنسان، وهناك أشخاص يكذبون أكثر من غيرهم، و«أحد أكبر الكاذبين» الذي كان سفيرًا بالأمم المتحدة وهو بنيامين نتنياهو والثاني أصفه بأنه «صاحب الدبلوماسية الضاحكة» وزير خارجية إيران السابق محمد جواد ظريف.
وعن الأذكى بين الشخصيات: وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف الذي هو من أكثر السياسيين المحنكين وهو ذكي. وانا احب روسيا كثيرا وعلاقتي جيدة جدا مع عدد كبير من الروس وانتقدت الرئيس فلاديمير بوتين على الخطأ الذي ارتكبه وحتى لو نصب له جماعة «الناتو» الفخ.
وحول الأزمة الروسية الأوكرانية قالت: الحرب ستطول وبوتين أعلن ترشحه للرئاسة الروسية وطبعا سيفوز. وبايدن ليس شخصية المرحلة والاسرائيلي يتعبه كثيرا في هذه المرحلة وأميركا منعت اسرائيل من توسيع الحرب في لبنان، والعلاقة بين بايدن ونتنياهو سيئة جدا.
وعن التضحيات في حياتها أجابت درغام: لم أظلم أمومتي ابدا بل على العكس وابنتي تاليا هي نقطة ارتكازي وهي حنونة كثيرا والأولوية كانت لأمومتي ولعملي وأؤمن بالنصيب وانا مبسوطة واحب الحرية، ولعبت دور الأم والأب لتاليا وهي تشبهني وذكية وصارمة. وموضوع الموت دخل الى حياتي على الصعيد الشخصي وأفضل ان لا أتكلم عنه. والرجل مهم بحياة كل امرأة ولكن ينكسر جزءًا من الحرية وأحب حريتي وأول ما كتبته في سن الـ14 «أنا حرية أنا طليقة».
وتتابع عن طفولتها: كان لدي حس الكتابة وكانت دائما أحب ان يكون لدي مفاتيح كثيرة، وفي المدرسة اخترت ان اكون في الصف العلمي وليس الأدبي وذلك لكي أكون الأولى في الصف مع الشباب، ولم أكن احب الرياضيات.
وسألتها بوعيد عن مشهد لا يمحى من بالها وتتذكره جيدا، أجابت درغام: تربيت في بيت متواضع وليس من منزل أرستقراطي، مرض أبي وطلبت أمي مني أن أجلب المال من خالتي لنأخذ أبي الى المستشفى ووعدت نفسي بأنني لن أحتاج أحد في كل حياتي ولا أطلب من أحد شيء وانا عصامية وبنيت نفسي بنفسي. وأكره الكذب وأفقد أعصابي وأنزعج من الغباء وأنزعج من نفسي اذا لم اكن صبورة ولا أفتري على أحد ولدي حس «العدل» ولدي متعة العطاء وأحب الكرم وأكره البخل والوفاء مهم جدا.
وعن أصدقائها من الإعلاميين قالت: الاعلامي روبير نخل رائع ومهني ومخلص ووفي. وتابعت: انا صريحة وواضحة ولا أدوّر الزوايا ويوترني المنافق ولدي طموح. وفي أول قمة لـ«بيروت انستتيوت» بقيت صاحية للساعة الخامسة فجرا وانا أحضّر وبدأت باستقبال الناس في الساعة السابعة صباحا على مدى ثلاثة أيام، وبدأنا بالجلسات المقفلة من الساعة الثامنة صباحا لليوم الثاني الساعة السابعة مساء، وسنستأنف العمل في قمة «بيروت انستتيوت» بعد توقفه بسبب «كوفيد»، واذا لا سمح الله ولم ننطلق مرة أخرى ما من مؤسسة عربية وصلت لما وصلت اليه مؤسسة «بيروت انستتيوت» من سمعة عالمية واحترام عالمي وذلك طبعا بدعم مجلس الإدارة وبشكل خاص بمشاركة صديق هو الأمير تركي الفيصل الذي أحب «بيروت انستتيوت» ووافق ان يكون الرئيس الشريك فيها.
وختمت قائلة: جومانا انت مريحة وصادقة ومن الواضح انك تحبينني، وأقول لكل فتاة او امرأة تريد الوصول مثلي: لا تخافي وكوني ذكية وبدون كذب وضعي الهدف امامك وركزي.