al saham

اخبار ذات صلة

جردة العام 2023.. فراغ وعجز وخيبات

يرحل العام 2023، بعد عشرة أيام ، تاركًا وراءه للعام الجديد ، 2024 ، “تركةً ثقيلة ” أولها فراغ وآخرها حروب. عام 2023، هو أول عام في التاريخ المعاصر، ليس فيه إنجازٌ واحد ، لا على المستوى السياسي ولا على المستوى الاقتصادي ، وبالتأكيد لا على المستوى القضائي.

رئاسيًا ، يدخل الشغور في موقع رئاسة الجمهورية إلى السنة الجديدة ، من دون أن يلوح في الأفق ما يشير إلى أن انتخابات الرئاسة ستكون ” هدية الأعياد ” للبنانيين، إذ يبدو ان زمن الهدايا في السياسة قد ولَّى ، لقد دخلت رئاسة الجمهورية في لبنان في “لعبة الأمم” ، وحين لم يعد هناك لاعب وحيد، كما بين العامين 1989 و 2004، صارت الرئاسة “كرة” يتقاذفها أكثر من “لاعب”. في فترة الوجود السوري في لبنان، كان هناك انتظام والتزام في مواعيد الاستحقاقات ، فالرئيس الراحل الياس الهراوي لم يتسلَّم من احد بل سلَّم العماد أميل لحود الذي غادر قصر بعبدا من دون ان يسلِّم أحدًا ، وبقي موقع الرئاسة شاغرًا سبعة اشهر ، إلى أن انتُخِب العماد ميشال سليمان الذي لم يسلِّم احدًا بل وقع الفراغ بعد عهده وامتد سنتين ونصف سنة ، إلى ان انتُخِب العماد ميشال عون الذي لم يتسلَّم من أحد ولم يسلِّم أحدًا .

هذا التلاعب بموقع الرئاسة جعلها “كرة” تتقاذفها الامم، كان الرئيس في ما مضى يسميه الغرب ممثّلًا بالولايات المتحدة الأميركية ، ويوافق عليه الشرق ممثلًا بسوريا ، ثم تدرَّج الأمر وصولًا إلى أن سوريا باتت اللاعب الوحيد حتى العام 2004 ، تاريخ التمديد للرئيس أميل لحود الذي كان آخر رئيس يُنتخب ضمن المهلة الدستورية ، هذه المهلة التي لم تسرِ على مَن أتى بعده أي العماد ميشال سليمان ثم العماد ميشال عون .

عام 2023 لم يكن عامًا رئاسيًا على الإطلاق بل عام “عرقلة الرئاسة” وعام ” الفراغ الرئاسي” ، فهل المطلوب ان يعتاد اللبنانيون على العيش في ظل نظام بلا رأس؟
في غياب أي معطى إيجابي ، فكانه كُتِب للبنانيين ان يعيشوا في ظل جمهورية من دون رئيس رأس ، مع ما يترتب على ذلك من سمعة سلبية .

حتى ان السلطة التنفيذية الممثلة بحكومة الرئيس ميقاتي، هناك تباين في دستورية بعض أدائها. لأنعاش الذاكرة فإن حكومة الرئيس ميقاتي مستقيلة منذ انتهاء الانتخابات النيابية ، وهي منذ ذلك التاريخ حكومة تصريف أعمال ، وحتى بعد انتهاء عهد الرئيس ميشال عون، استمرت كحكومة تصريف أعمال.
هكذا بدت سنة 2023 سنة تشوبها العيوب في النظام السياسي وفي الأداء السياسين وهذا الواقع مرشح لأن يستمر ، فليس هناك من متغيرات سوى في الانتقال من سنة تجرجر آخر أيامها ، إلى سنة تطل مثقلة بالتراكمات.

وما يقال عن الملف السياسي الرئاسي، يمكن قوله عن الملف الاقتصادي الذي يسير من سيئ إلى أسوأ على رغم كل الوعود ، فالإنتعاش الأقتصادي الذي تحقق في الصيف الفائت ، تبخَّر سريعًا إثر اندلاع حرب غزة التي دخلت يومها السادس والسبعين ، لتبدو كأنها أطول الحروب العربية، وبما أن لبنان هو الخاصرة الأضعف فإن مضاعفات تلك الحرب ترتد عليه ، ولا يُعتَد كثيرًا بالقياس بمقياس فترة الأعياد ، لأنها فترة استثنائية ، بل يجب ان تُقاس المؤشرات تبعًا للأيام العادية التي لا تشجِّع على الإطلاق .

الأخطر من كل ذلك ، ” تلازم المسارين ” اللبناني والغزاوي ، صحيح ان القرار 1701 مطروح بقوة لكن جاء مَن يلجمه ، وتحديدًا حزب الله الذي اعلن بلسان نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم أن لا بحث في القرار 1701 قبل وقف حرب غزة ، ما يعني انه إذا لم تتوقف حرب غزة ، فعبثًا الحديث عن تطبيق القرار 1701.

انطلاقًا من معطيات هذه ” الجردة” ، ومن مؤشراتها ، فإن الخشية ، كل الخشية ، أن يتحسر الناس في ال 2024، على ال 2023 ، فمنذ زمن ليس ببعيد ، صرنا نتحسَّر على ما قد مضى ، لفقدان الأمل مما هو آتٍ .

Facebook
WhatsApp
Twitter

اقرأ أيضاً