أصبح الميلاتونين مكملا شائعا بين الذين يعانون من قلة النوم. لكن الفترة الأخيرة شهدت تصاعدا كبيرا في حالات الإفراط في استعماله. فما هو الضرر الذي يمكن أن يسببه الإفراط في تناوله؟.
تؤكد الدراسات أن النظر إلى شاشة الهاتف الذكي لفترات طويلة على الفراش له أثر مدمر على النوم. والسبب يعود إلى الميلاتونين، وهو هرمون ينتج في الغدة الصنوبرية في الدماغ. ويؤدي الميلاتونين دورا أساسيا في تنظيم دورات النوم واليقظة في الجسم. ويوصف أحيانا «بهرمون الظلام»، لأن مستوياته تنخفض أثناء النهار وترتفع بحلول الظلام. وكلما زادت كمية الضوء وقت النوم، على غرار الضوء الأزرق المنبعث من الأجهزة الإلكترونية، يضعف إنتاج الميلاتونين، ويجعل النوم صعب المنال. ولهذا السبب فإن واحدا من ثلاثة من الأمريكيين البالغين لا يحصلون على 7 أو 8 ساعات من النوم التي يحتاجها أغلب الناس.
ولا غرابة إذا أن يلجأ ملايين الناس إلى مكمل الميلاتونين للمساعدة في التغلب على الأرق وصعوبة النوم بعد العمل في المناوبة الليلية. وإذا كان الميلاتونين يخضع للوصفة الطبية في بريطانيا، فإنه يباع من الصيدلية مباشرة في الولايات المتحدة. وتجده في الرفوف مع المكملات الغذائية والفيتامينات.
وهناك تقارير عن آثار ضارة للميلاتونين على البالغين، فقد أشارت دراسة أجريت في مايو/أيار من هذا العام إلى موت امرأة عمرها 21 عاما بسبب تناول جرعة زائدة من الميلاتونين وديفينهيدرامين، وهو عقار يباع دون وصفة طبية لعلاج الحساسية والأرق وأعراض الزكام العام. واصيب مراهق آخر بهبوط في ضغط الدم، بعدما حاول أخذ جرعة زائدة من الميلاتونين. لكن يمكن أن تكون هذه الوفايات والأعراض الضارة سبهها ليس الميلاتونين، وإنما ظروف صحية غير معروفة لا علاقة لها بالميلاتونين. والمشكلة أن الميلاتونين لا يصنف على أنه مكمل، فهو لا يخضع لرقابة هيئة الأدوية والأغذية. ولم يخضع لتجارب سريرية دقيقة، وبالتالي لا نعرف تأثير الهرمون على الجسم. ولا نعرف كيف يتفاعل مع غيره من الأدوية والمكونات.ويصف البروفيسور، ديفيد ري، أستاذ علم الغدد الصماء، ومدير معهد السير جول ثورن للأعصاب وتنظيم النوم في جامعة أوكسفورد، وضع استعمال الميلاتونين بأنه “فوضى عارمة”. ويقول: “لقد أجرى الناس دراسات، واشتروا هذه المنتجات، وقاسوا كمية الميلاتونين فيها، فلم يجدوا في أي حالة منها ما يعكس الموجود على العلبة”.
لا تعرف الآلية التي تجعل الميلاتونين يؤدي إلى هذه الوفيات، والأعراض الضارة. كشفت الدراسات التي أجريت على الفئران والجرذان أن الميلاتونين له أثر مسمم إذا تم تناوله بجرعات كبيرة (أكثر من 400 ملغم\كغم)، لكن هذه الكمية أكبر بعشرات الآلاف من المرات من الكمية الموصوفة لعلاج اضطرابات النوم، التي تتراوح بين 2 و10 ملغم.
ما نعرفه هو أن الجسم يحتوي على مستقبلات الميلاتونين في الجهاز التناسلي والقلب والأوعية الدموية، وجهاز المناعة. لكن تأثيره خارج الدماغ لا يعرف عنه الشيء الكثير. والملايين من الناس يتناولون الميلاتونين يوميا دون آثار ضارة معروفة. ويقول الأستاذ سانفورد أورباخ، مديرمركز اضطرابات النوم في بوسطن: “جميع الأدوية لها أعراض جانبية. ومقارنة بأدوية أخرى توصف لعلاج اضطرابات النوم، فهو غير مضر”. ويضيف: “لكن القلق يتعلق بما هو غير معروف. إذا أعطيته لطفل في سن النمو، ما هو تأثيره عليه بعد 10 أعوام؟ هذا ما لا نعرفه. ولا نعرف أيضا ما هي الكمية المفرطة من الميلاتونين، لأن الدراسات لم تتناول هذا الجانب”.