al saham

اخبار ذات صلة

حقائق العام 2023 تتحوّل تحديات للعام 2024

هناك مجموعة حقائق لا بد من التعاطي معها بواقعية، في العام 2024، اذا كانت السلطة تريد فعلا ان تُخرج البلاد من الانهيار الذي بدأ اواخر العام 2019، ولا يزال مستمرا حتى اليوم. هذه الحقائق لا بد من التذكير بها في نهاية هذا العام، لأنها تشكّل خارطة طريق، او هكذا يُفترض، للعام المقبل الذي يبدأ خلال ايام. من ابرزها ما يلي:

اولا- على المستوى الرسمي، لم تتخذ السلطة حتى اليوم اي اجراء فعلي يمكن ان يمهّد لبدء خطة انقاذ اقتصادي. وهذا الكلام قاله موفدو صندوق النقد الدولي في خلال زيارتهم الاخيرة لبيروت. وبالتالي، يجب ان تحسم السلطة موقفها في هذا الموضوع، فاذا كانت تريد خطة يوافق عليها صندوق النقد ويموّلها، عليها ان تبادر الى تنفيذ ما هو مطلوب منها في مطلع العام 2024.
ثانيا- استطاع القطاع الخاص ان يتأقلم نسبيا مع استمرار الأزمة، وأدّى هذا التأقلم الى عدة نتائج، من اهمها وقف مسار الانكماش في الاقتصاد الوطني. ورغم ان حرب غزة أثّرت سلبا على هذا المسار، حسبما اشار البنك الدولي في تقريره الاخير، الا ان النتائج ظلت مقبولة. وبرزت قطاعات قادرة على اعادة مستويات الرواتب للموظفين الى ما كانت عليه قبل الانهيار تقريبا. اذ بقي الفارق بسيطا، ولا يتجاوز الـ20 في المئة.
ثالثا- استمر القطاع المصرفي في حالة جمود قاتل، بسبب تقاعس الدولة عن القيام بما هو مطلوب منها، لجهة الانتهاء من الاعتراف بالخسائر، وتوزيعها بينها وبين مصرفها المركزي وبين المصارف، لكي يصار الى اعادة العمل الطبيعي في المصارف. هذا الجمود، حرم الاقتصاد من فرص النمو اكثر، بسبب عدم دخول الدولارات الوافدة في النظام المصرفي، واعادة توزيعها في الاقتصاد الوطني. ويُلاحظ ان قطاعات، بعضها تابع للمصارف، عاد وأقلع في حين ظلت المصارف تراوح مكانها. وعلى سبيل المثال، بدأت شركات التأمين تدفع رواتب موظفيها بالدولار الحقيقي، وتخلت عن رواتب اللولار، في حين بقيت المصارف على اللولار، مع نسبة ضئيلة بالفريش دولار.
رابعا- بقيت رواتب موظفي القطاع العام في الحضيض، ولم ترتفع الى مستويات مقبولة تسمح باعادة تشغيل المؤسسات الرسمية بالحد الأدنى المطلوب. كما بقي الانفاق الاستثماري على البنى التحتية شبه معدوم، في ظل عجز الدولة عن تحسين ايراداتها للقيام بالمطلوب، ولعل مشهد البلد الغارق في مياه الامطار هو نموذج لا يقبل الدحض، في شأن المستوى الكارثي الذي وصلت اليه البلاد، بالنسبة الى البنى التحتية. وتحول تبادل الاتهامات حول مسؤولية ما جرى الى مشهد كاريكاتوري غير مضحك، الى ان اعترف المسؤولون، بأن ما جرى سيتكرّر لأن صيانة الطرقات بالموازنات الموجودة لم يعد ممكنا. وهذا يعتبر بمثابة اعتراف بالفشل والعجز والاستسلام.
خامسا- القدرة على ضبط سوق الصرف ممكنة، مع القليل من التنسيق بين وزارة المالية والبنك المركزي. وهذا الثبات في سعر الصرف، ساهم في تأمين استقرار نسبي في اسعار الاستهلاك، وفي مستوى القدرات الشرائية للمواطنين. وهو يعكس بطبيعة الحال، حجم الدولارات الوافدة، وقدرات اللبنانيين في الخارج على دعم الحركة الاقتصادية بفضل اعدادهم الكبيرة قياسا بعدد المقيمين. وهذه النقطة يمكن الرهان عليها لاحقا لتسريع الخروج من الانهيار، فور بدء تنفيذ خطة للتعافي بالتعاون مع صندوق النقد، وبرعاية دولية وعربية، حيث يوجد إجماع على ان اموال المساعدات ستتدفق فور انجاز الاتفاق، والذي يعني بالنسبة الى الدول المانحة، ان لبنان التزم خارطة الاصلاحات المطلوبة للتعافي.

كل هذه الحقائق تعني ببساطة، ان الدولة مُطالبة في العام 2024، في بدء مسار الانقاذ من دون انتظار تطورات الوضع الاقليمي. ذلك ان الاجراءات التمهيدية المطلوبة لابرام الاتفاق مع صندوق النقد، في حال حسمت الدولة قرارها لجهة انها تريد فعلا هذا الاتفاق، يمكن القيام بها بصرف النظر عما يجري في غزة، خصوصا ان لبنان بات ابعد قليلا عن احتمالات توسّع الحرب في اتجاهه، بعد الجهود الدولية التي بُذلت لابقائه خارج اطار الحرب الشاملة. وفي كل الاحوال، لا يمكن البقاء في دائرة الانتظار، اذا كان خطر الحرب قائما. المطلوب ان تتحرك الدولة وكأن الحرب لن تتوسع ابدا، بحيث تكون قادرة على تهيئة الاجواء والارضية للانتقال الى الانقاذ، فور انتهاء حرب غزة، وعودة الوضع الى ما كان عليه قبل الحرب.

Facebook
WhatsApp
Twitter

اقرأ أيضاً