ما زالت بنت جبيل كما عيناتا تحت وقع الصدمة، تحاول استيعاب حجم المجزرة التي إرتكبها العدو الصهيوني بحق ثلاثة من أبنائها، فيها يرقد رابع في المستشفى بحال الخطر.
لم تكن بنت جبيل، ذات الرمزية النضالية الخاصة، قد دخلت في عمق الاستهداف، منذ ثلاثة أشهر، أي مع بداية الحرب، بقيت بنت جبيل بعيدة عن مرمى النيران، بالنظر إلى خصوصية ورمزية هذه المدينة تحديدا، بل تحولت مقصدا كثر من النازحين للبقاء داخلها، فيما بقية محالها التجارية وحركتها الاقتصادية تعمل كالمعتاد، وان بوتيرة أقل من الأيام العادية.
غير أن استهداف العدو لمنزل مدني يقع ضمن تجمع سكني كبير، غير المعادلة، ورسم سيناريوهات جديدة ومتوقعة للمعركة، فالاستهداف هذه المرة لم يكن عسكريا بل مدني وهذا حسب مختار بنت جبيل محمد عسيلي «له تأثيراته الحتمية على سير المعركة».
حزين كان نهار بنت جبيل، مجبولا بالدموع على ثلاثة شبان قضوا في الغارة، علي إبراهيم وشروق، ثلاث ورود قتلتهم آلة الحرب الإسرائيلي منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء حين نفذت غارة وحشية على منزل عائلة علي وإبراهيم المؤلف من طابقين.
لم يمض على وصول إبراهيم من استراليا سوى أسبوع تقريبا حسبما أفاد المختار عسيلي، قصد بنت حبيل لتمضية اجازته، غير أبه بالحرب، جاء ليأخذ زوجته شروق معه، الشاب الذي غادر لبنان قبل عام للعمل في مجال البناء، والذي كان قد تزوج في هذه المدة، عاد ليرتقي شهيدا مع زوجته، وأخيه علي، في حين ما زال صديق علي، علي سمير سعد في المستشفى تحت المراقبة مدة ٧٢ ساعة بعد خضوعه لعمليات جراحية خطيرة.
حسب عسيلي «حال بنت جبيل ليس بخير، يسيطر عليها نوع من الخوف، وهذا طبيعي من جراء الاستهداف والمجزرة التي حصلت».
يقول عسيلي إن بنت جبيل نجت من مجزرة أكبر، فالمنطقة المستهدف تضم تجمعا لعائلة بزي، كل منزل مؤلفة من طابقين وكلها مأهولة».
يشير عسيلي الى أن الاعتداء له دلالات خطيرة، فهو يدل عن نية خبيثة لدى العدو لتوسيع المعركة، لافتا الى أن ما حصل في بنت جبيل يغير قواعد الاشتباك وقد نشهد تأزيما أكبر».
معتبرا أنه في كل مرة يكون فيها العدو في مأزق يفرغ جام غضبه في استهداف المواطنين.
بالطبع ترك ما حصل أثره على الناس، فكثير منهم غادر البلدة، وآخرون فضلوا الصمود، فالظروف المعيشية والاقتصادية تحتم على البعض البقاء، خاصة وأننا على أبواب الشتاء حسبما يشير يقول عسيلي.
دمار، خراب، دماء هذا ما يحدثه العدو في الكثير من القرى الجنوبية، وما خلفه من دمار هائل في منزل بنت جبيل، يؤكد أن نوعية السلاح المستخدمة خطيرة وجديدة، فهي تدميرية هدفها القتل لا أحداث إصابات.
هذا ميداني، أما عسكرية، فكان لافتا حجم الصواريخ الذي اطلقها حزب اليوم تجاه المواقع والمستوطنات الاسرائيلية في رد واضح وصريح على اجرام العدو في استهداف المدنيين، وأن كان أبرزها استهداف مستعمرة كريات شمونه، وموقع رأس الناقورة اثناء زيارة وزير الخارجية الصهيونية، وهي دلالة واضحة على أن حجم المعركة آخذ في التوسع حكما، وقد تكون مجزرة بنت جبيل الشرارة لها على ما تقول مصادر متابعة، هذا ونفذت المقاومة عددا من العمليات تجاه المواقع العسكرية وتجمعات الجنود في أكثر من مكان.
الرد الاسرائيلي كان عنيفا وسجلت اعتداءاته على أكثر من بلدة وقرية من اللبونة الى ميس الجبل والمنطقة الواقع بين دوبية وشقرا، الخيام وغيرها.
لم يختلف اليوم العدواني الطويل عن سابقاته، اللافت فيه أن الطيران الحربي كان يستبيح الأجواء الجنوبية طيلة النهار على علو منخفض الى جانب الطيران المسير، فهل دنت الحرب أكثر؟