مايو 18, 2024

اخبار ذات صلة

المختارة تُمتّن الجبهة الداخلية تحسباً للتطورات

كما كان متوقعاً، باشر وليد جنبلاط ونجله تيمور، حركة تواصل ناشطة مع اكثر من طرف سياسي، بهدف التأسيس لواقعٍ يتيح للمختارة ان تقرر اين تتموضع في المرحلة المقبلة، من دون جهد كبير. ومع الزيارة العائلية التي قام بها المرشح الرئاسي سليمان فرنجية مع افراد عائلته، الى كليمنصو، وبعد الزيارة التي قام بها تيمور جنبلاط، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الى دارة آل ارسلان في خلدة، حيث التقى الامير طلال، بات واضحا ان خارطة الطريق التي رسمتها المختارة للمرحلة المقبلة، تقضي بتحصين الوضع الداخلي، بانتظار ما ستفرزه تطورات المنطقة.


وبصرف النظر عن التفسيرات التي أعطيت للقاء فرنجية-جنبلاط، في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي، وموقف جنبلاط منه، يبدو ان المختارة لا تهتم بتحديد موقفها منذ الآن، حيال الاستحقاقات الداخلية، بقدر اهتمامها بتحضير المناخات الملائمة للتعامل مع اية مفاجآت مستقبلية قد تفرزها التطورات الاقليمية، وربما الدولية.


وفي هذا الاطار، يبدو ان وليد جنبلاط بات مقتنعاً بأن ما يجري في غزة ليس مجرد حرب عابرة، قد تمر من دون ان تترك آثارها في دول المنطقة. وهو يراقب، كما تقول اوساط قريبة من المختارة، تطور الوضع الذي ليس واضحا بعد، اذا ما كان سيبقى محصورا ومضبوطا وفق ايقاع يمكن التحكّم به، ام انه سيخرج عن اطار السيطرة، وسيتحول الى حروب وفوضى، يصعب التكهّن بالطريقة التي قد تتطور بها، ومن سيخرج منها منتصراً.
انطلاقاً من هذا الغموض غير البناء، يعتبر جنبلاط ان عليه تحصين الجبهة الداخلية على المستوى الدرزي، وتحصين موقع الحزب الاشتراكي على مستوى التحالفات والتفاهمات مع بقية مكونات البلد. وهو بطبيعة الحال، ليس مستعجلاً للتموضع في الصراعات الداخلية، ويفضّل ان يأخذ مسافة شبه متساوية من كل الاطراف. ويعمل في الوقت نفسه، على عدم المسّ بعلاقاته الاقليمية الجيدة، سيما مع المملكة العربية السعودية.


وانطلاقا من هذه الحسابات، يسعى جنبلاط الى معالجة هادئة لموضوع رئاسة الاركان في الجيش اللبناني. ولا شك في ان تواصله مع فرنجية يعتبر خطوة اساسية في اتجاه ازالة العقبات التي تحول دون انجاز التعيين. كذلك، يحاول جنبلاط ان يحصّن علاقته مع التيار الوطني الحر، على اعتبار ان وزير الدفاع المحسوب على التيار، لديه كلمته في موضوع التعيينات العسكرية. بالاضافة الى ان جنبلاط يريد في هذه المرحلة ان تبقى علاقاته مع الاطراف المسيحية متوازنة نسبياً. وهو يركّز على الابقاء على خطوط اتصال مفتوحة مع بكركي، التي تربطه بها علاقات جيدة، لا تشوبها شائبة.


ولا تؤشّر حركة جنبلاط، كما يتوهم البعض، الى احتمال قرب موعد حسم الاستحقاق الرئاسي، بل العكس قد يكون صحيحا. اذ ان المختارة تقرأ في تطورات المنطقة ما يوحي بأن كل الملفات الداخلية قد تبقى معلقة في الفترة الراهنة، بانتظار ما ستفرزه الحروب المشتعلة من حولنا. صحيح ان حركة الموفدين لا تزال قائمة، وآخرها يرتبط بزيارة قد يقوم بها الموفد الفرنسي ايف لودريان، لكن ذلك لا يغيّر في الواقع شيئا. اذ لا مؤشرات جديدة يُبنى عليها للقول ان هناك مواقف تغيرت يمكن ان تفتح كوة في جدار الاستحقاق الرئاسي. كما ان الرهانات على نتائج حرب غزة، لا ترتبط بطرف دون سواه. ذلك ان جبهة الممانعة، وفريق المعارضة، ينتظران نتائج الميدان، ليُبنى على الشيء مقتضاه. وبالتالي، لا يوجد فريق مستعجل على الحسم، بل العكس قد يكون صحيحاً.
هذا الواقع يدركه جنبلاط، ويتصرف على اساسه. فهو يراقب تحركات اللجنة الخماسية، ويلاحظ انها كلاسيكية ولا تختلف في شيء عمّا كانت عليه قبل سنة ونصف السنة. وبالتالي، يشير المنطق الواقعي الى ان الاستحقاقات اللبنانية ستبقى مجمّدة في هذه الحقبة، اذا لم تطرأ اية مفاجآت غير متوقعة.


وفي موازاة القناعة الجنبلاطية، عادت تحركات المرشحين الى الهدوء النسبي، بعدما كان بعضهم اعتبر في السابق، ان الملف الرئاسي قد يتحرك بسرعة، لتحصين لبنان حيال تداعيات الحرب في غزة. لكن، لم يتبين ان الامور تمضي في هذا الاتجاه، وبالتالي، فرمل مرشحون اندفاعتهم، وعادوا الى سياسة الحراك الهادئ والمدوزن، بانتظار ما
ما ستحمله المرحلة المقبلة، وما قد يحمله الموفد الفرنسي في زيارته الجديدة الى بيروت.

Facebook
WhatsApp
Twitter

اقرأ أيضاً