مايو 8, 2024

اخبار ذات صلة

دراسة هارفرد بالنسبة الى الدولة…كأنها لم تكن!

عادت الدراسة التي أعدتها جامعة هارفرد حول الأزمة المالية والاقتصادية اللبنانية قبل اسابيع الى الواجهة، مع ورود معطيات تشير الى أن الفريق المسؤول عن متابعة الملف اللبناني في صندوق النقد الدولي، اطّلع على مضمون الدراسة، واعتبر انها تصلح لتكون مدخلاً لحل الأزمة. وهذا يعني ان صندوق النقد، والذي كان يرفض في السابق، فكرة إشراك الدولة اللبنانية في عملية التعويض على الخسائر في القطاع المالي، في اطار خطة اعادة اموال المودعين، بدّل في موقفه، وصار متفهماً لضرورة إسهام الدولة بفعالية في معالجة هذه الأزمة.
انطلاقاً من هذا المعطى الجديد، بدأت تتحرك بعض الاوساط المالية في اتجاه الضغط على الحكومة لحملها على تلقّف هذا الوضع المستجد، وانجاز قراءة هادئة للدراسة التي أعدّها خبراء يتمتعون بسمعة عالمية مميزة في مجال الدراسات المالية والاقتصادية، والبناء عليها للتوجه نحو صندوق النقد لمناقشة خطة التعافي المنتظرة منذ اكثر من اربع سنوات، والتي لم تر النور حتى اليوم. بل ان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، لا يزال يتحدث عن هذه الخطة الموعودة بلغة المستقبل، كما فعل في تصاريح أدلى بها في لقاء دافوس في سويسرا.
في عودة الى مضمون دراسة هارفرد، لا بد من تسليط الضوء على النقاط الاساسية التي وردت فيها، والتي ينبغي ان تدرسها الحكومة اللبنانية، لكي تقرر اذا ما كانت هناك ملاحظات ترغب في ايرادها، او تغييرات، او تجاوز بعض المقترحات، التي قد تعتبر انها غير ملائمة للوضع اللبناني.
ومن ابرز هذه النقاط اقتراح يقضي بدولرة الاقتصاد اللبناني بشكل كامل. وتعتبر الدراسة أن الاستمرار في الحفاظ على سعر صرف متقلب مع سياسة اقتصادية تهدف إلى الحفاظ على مستويات التضخم المحددة على المدى الطويل في اقتصاد مدعوم بالدولار، سيسهم في عدم استقرار البيئة الاقتصادية وتباطؤ في الانتعاش الاقتصادي.
هذا المقترح قد ترفضه السلطة اللبنانية، لكن يمكن استبداله بدولرة جزئية، وهو الامر القائم اليوم، على اعتبار انه يصعب الترويج لمسألة الغاء الليرة بالكامل.
اما المقترح الآخر والأهم، فيتعلق بكيفية حل مسألة الفجوة المالية القائمة في مصرف لبنان، والتي تقدّر بحوالي76 مليار دولار. اذ تقترح دراسة هارفرد تحويل هذا المبلغ فورًا من التزامات (أي ديون) مدرجة في حساب مصرف لبنان الى ديون على عاتق الدولة، مع حماية الودائع التي تتراوح قيمتها بين 100الف دولار أو150الفاً.
هذه الآلية تقضي بتمويل هذه الالتزامات من خلال “شهادات إعادة هيكلة مؤقتة” ستسترد البنوك بمقتضاها جزءًا من مطالبها لدى المركزي، وتقوم البنوك بعد ذلك بتبادل جزء من هذه الشهادات مع أكبر المودعين لديها، الذين يمكنهم بعد ذلك اللجوء إلى الدولة لاسترداد وديعتهم على المدى الطويل.
كما تقضي الاقتراحات الواردة في الدراسة بإعادة هيكلة ديون لبنان في إطار اتفاق مع صندوق النقد الدولي (IMF). وقدّرت الدراسة الخصم المفروض على الدائنين بين 82% و90%. تسمح هذه الصيغة للسلطات اللبنانية بتنفيذ ميزانيات تصل إلى فائض أساسي بنسبة 3% بحلول العام 2030، مع التخطيط للحصول على حوالي 8 مليارات دولار من احتياجات التمويل الإضافية.
وتتطرق الدراسة في شقها الأخير الى كيفية تنمية الحركة الاقتصادية، من خلال تطوير مجالات جديدة للنمو الاقتصادي، استنادا إلى المنتجات الزراعية والغاز الطبيعي والخدمات ذات القيمة المضافة، باستفادة خاصة من تطوير العمل عن بعد في أعقاب جائحة كوفيد-19. كما توصي الدراسة بالاستثمار في تحديث وتعزيز جاذبية البنية التحتية السياحية للبلد.
وفي هذا الشق المتعلق بالـmacro-economy، تتلاقى دراسة هارفرد مع عدد من المقترحات التي وردت في دراسة “ماكنزي” التي أعدّتها قبل الانهيار المالي بتكليف من الدولة اللبنانية. ومن المفارقات ان تلك الدراسة ايضا، ورغم ان الخزينة دفعت تكاليفها، بقيت في الأدراج، وجرى نشرها امام الرأي العام، وانتهى الموضوع عند هذا الحد!
وعليه، ينبغي ان تزيد الضغوطات على السلطة التنفيذية لحملها على التعاطي بجدية مع دراسة هارفرد، للخروج بخلاصات تُبنى عليها الاسس لخطة التعافي المنتظرة، والاتفاق حولها مع صندوق النقد الدولي، لبدء مسار الخروج من الانهيار القائم منذ اكثر من اربع سنوات، والذي لا تزال حكومة تصريف الاعمال تتعاطى معه على اساس انها لا تزال تدرس الخطط!

Facebook
WhatsApp
Twitter

اقرأ أيضاً