ثقيلة تمر الأيام على أبناء الجنوب النازحين، ممّنْ ينتظرون ما ستؤول اليه مجريات الحرب الدائرة على الحدود مع فلسطين محتلة، يتابع النازحون واقع الحرب وتفاصيلها «لحظة بلحظة» عبر تطبيقات الواتس آب وشاشات التلفزة، ينتظرون لحظة توقف المعارك، ليعودوا الى قراهم، وطي صفحة معاناة النزوح. كثير من هؤلاء خسر منزله في الحرب، دمرها العدو عن بكرة أبيها، تماماً كما دمر كل مقومات الإقتصاد لتلك القرى.

تصاعدت حدة الضربات الإسرائيلية في الأيام الأخيرة، باتت تطال حتى القرى المسيحية التي كانت بعيدة نسبياً عن الإستهداف، علما الشعب التي كانت تتعرض للقصف عند أطرافها، طال منازلها وبات العدو يستهدف كل شيء، حتى بلدة رميش التي ورغم موقعها المحاذي تماماً لبلدة عيتا الشعب التي فاقت فاتورة خسائرها من القصف أكثر من مليون دولار، بدأت تتعرض أيضا للقصف المباشر والذي طال عدد من منازل أهلها.

لم يعد هناك قرى بمنأى عن الاستهداف، فالعدو يلعب بلعبة «الدمار والتهجير»، فارضاً قواعد «الغارات والقصف المدفعي» على سياسته العسكرية. زاد الاسرائيلي في اليومين الأخيرين من حدة غاراته، باتت أكثر كثافة من ذي قبل، وزاد من همجيته مع إستخدام حزب الله لأنواع جديدة من الأسلحة العسكرية كـ «فلق ١» وبركان والصواريخ التي تحمل كاميرات دقيقة وموجهة، ما جعل المعركة تأخذ أبعاداً تكتيكية عسكرية مختلفة عما سبقها من الأيام.
بدا واضحاً أن الإسرائيلي اليوم غاضباً حدّ الجنون من استهداف مواقعه وثكناته وتجمعاته العسكرية على طول الجبهة.

مما لا شك فيه أن جبهة الشمال مشتعلة، بل أكثر من ذلك، بدت مجريات الأحداث أكثر تصاعداً، فالعمليات المكثفة التي شنّها حزب الله اليوم على أكثر من جبهة، ووصلت حتى الساعة الى ثمان عمليات، أصابتها أهدافها بدقة تبعاً لبيانات المقاومة المتتالية، دفعت العدو لتوسيع رقعة استهدافتها التي طالت القرى الحدودية من الناقورة الى شبعا، بل نفذ أكثر من غارة على الأهداف نفسها، وهذا يقراً وفق الحسابات العسكرية بأنه «ردة فعل على وجع كبير أصابه».
ليس واضحاً بعد ما هي الصورة الأتية للمعركة، أهي حرب مفتوحة، أم حرب ضمن القرى الحدودية تختصر معها ويلات الحرب المتوقعة، هذه الأمور رهن الميدان، الذي يرسم سيناريو الحرب وأبعادها، غير أن الأكيد، أن الأسلحة الإستراتيجية التي بدأ حزب الله يدخلها تدريجياً الى المعركة، لها دلالاتها العسكرية المقبلة، وهي رسائل عسكرية صاروخية للعدو مفادها «إحذرو حرب الشمال، فهي لا تشبه حرب عزة على الاطلاق».
العدو قرأ حكما أبعاد الرسائل، وبدأ يترجمها مزيداً من الغارات والاستهدافات والقصف المدفعي، اذ كانت لغة القصف اليوم هي المسيطرة على الميدان.

مع ساعات الصباح الأولى كان العدو يقصف بلدات مروحين والضهيرة والجبين، وقصف بالمدفعية اطراف وادي حسن وطيرحرفا، وأطراف شيحين وواصل استهدافته بشنه غارتين على بلدة يارون حيث دمر ثلاث منازل، نشر العدو لاحقاً فديو للاستهداف، وهرعت سيارات الاسعاف الى المنطقة حيث أفيد عن وقوع شهداء.
كذلك شن غارات متتالية على بلدة مارون الراس، واستهدف بالمدفعية الثقيلة منزلا غير مأهول في حولا، ونفذ غارتين على بلدتي الطيبة وحولا، وقصفت مدفعيته بثلاث قذائف بلدة راشيا الفخار والهبارية، وطالت مدفعيته الثقيلة أطراف كفرحمام.

تزامناً كان صاروخ «بركان» الذي إستهدفته المقاومة في عملياتها اليوم يطال ثكنة زعيت وتجمعاً لجنود العدو الإسرائيلي في محيط ثكنة ميتات، وأستهدف ثكنة برانيت بصاروخ “فلق” كذلك استهدف حزب الله تجمعاً لجنود العدو الإسرائيلي في موقع السماقة، تجمعاً لجنود العدو الإسرائيلي في موقع السماقة بالأسلحة، تجمعا لجنود العدو الإسرائيلي في قلعة هونين، وموقع المطلة بالأسلحة المناسبة وأصابوه إصابةً مباشرة.
اللافت أن هذا النهار كان ملتهباً على كل الجبهات، والمؤكد أن رد العدو الذي لم يتوقف طيلة النهار يرجع الى حجم الاصابات التي سقطت في صفوف جنوده، وهذا يشير بطبيعة الحال الى أن مسار المعركة يواصل تصاعده بشكل دائم، المؤكد أن جبهة الجنوب الإشغالية، بدت أكثر حماوة وخطورة فالحرب هنا أكبر بكثير من حرب تموز ٢٠٠٦ اذ يخوض كلا الطرفين حرب أدمة وتجسس وتقنيات عسكربة، والغلبة حكما لمن يملك مفتاح المعركة التقني والعسكري الأكثر تتطورا.
