al saham

اخبار ذات صلة

الغاز باقٍ في البحر لفترة طويلة


يبدو ان ملف استكشاف واستخراج الغاز من المياه اللبنانية قد يتأخر بسبب البطء الرسمي الذي اعتمد في البداية، ومن ثم سوء الحظ الذي لم يدعم فرص العثور على الغاز في عمليات الحفر التي تمّت، والتي كلفت الشركة المنقّبة اكثر من 150 مليون دولار من دون نتيجة حتى الآن. بالاضافة طبعا، الى ان الشركات العالمية لم تظهر حماسة كافية للقدوم الى لبنان، نظرا الى الاوضاع القائمة في البلد. وبالتالي، لا يتمتع لبنان بشكل عام ببيئة جاذبة للاستثمارات الاجنبية، بصرف النظر عن الاغراءات التي يمكن تقديمها.
هذه الحقائق قد تكون وراء امتناع الشركات العالمية عن التقدّم الى دورات التراخيص التي طرحتها السلطات اللبنانية حتى اليوم. وبات من الواضح ان شركة توتال الفرنسية، بالتعاون مع شركة ايني الايطالية وشركة قطر، هي الوحيدة التي توافق على العمل في لبنان. وهناك علامات استفهام حول اسباب هذا الاهتمام، على اعتبار ان البعض يعتبر انه لا ينبع من حسابات تجارية فحسب، بل من مصالح سياسية، تساهم الدولة الفرنسية في ترجيحها من خلال تشجيع توتال على الإقدام على الاستثمار.
في كل الاحوال، وبصرف النظر عن دقة هذا التوصيف، لا شك في ان العروض التي قدمتها توتال ضمن الكونسورتيوم الثلاثي، للعمل في البلوكين 8 و10، تعكس تردّد هذا التحالف النفطي في العمل في لبنان، بدليل انه تقدم بعرضه للعمل في البلوكين اللذين عرضتهما الدولة للمزايدة في اللحظات الاخيرة قبل اقفال الدورة. وقد تبين ان المزايدة لم تجذب اية شركة او تحالف نفطي دولي للمشاركة فيها. كذلك، فان مضمون العرض المقدم من قبل توتال وشركائها يعكس التردّد في الاقدام.
في المقابل، اضطرت الحكومة اللبنانية، وبعدما كررت دورات المزايدة عدة مرات من دون ان يشارك فيها اي تحالف نفطي، الى خفض المتطلبات والشروط، بحيث تقلصت حصة الدولة من الارباح بنسبة كبيرة قياسا بما كان معروضا في البلوكين 4 و9. وهما البلوكان اللذان تمّ الحفر فيهما من دون العثور على مكمن تجاري للغاز.
وفي هذا المجال، تبيّن ان الدولة كانت تُلزِم في العقود السابقة الشركة المنقّبة عن النفط بحفر بئر على الاقل، امّا في دفتر الشروط الجديد فسَهّلت الدولة المهمة بحيث ألغت عدد الآبار الالزامية التي يجب على الشركة المنقبة ان تقوم بحفرها خلال فترة استلامها، واستبدلته بإعطائها مهلة عام تجري فيه دراساتها على البلوك مثل إجراء مسح زلزالي او اجراء دراسات معمّقة، على ان تبلغ الدولة في نهايتها اذا كانت مهتمة بالقيام بأعمال الحفر ام انها تريد الاستغناء عن البلوك. وهذا يعني ان الشركات ستتحكّم بمصير البلوكين وتحتجزهما بانتظار ان تقرّر اذا ما كانت تنوي الحفر ام لا.
هذا الوضع المستجد يعني ان الحفر الفعلي للتنقيب عن مكامن للغاز ستكون مؤجّلة حتى نهاية العام 2025، وبالتالي، لن تكون هناك فرص حقيقية لاستخراج الغاز والبدء في الاستفادة منه قبل العام 2033، هذا في حال أدّى حفر البئر الى العثور على الغاز هذه المرة.
ومع ذلك، هناك من يعتبر ان الدولة لا تزال قادرة على تحسين شروطها، سواء من خلال التفاصيل المتعلقة بالاتفاق، او من خلال دورات المزايدة على البلوكات الباقية. وهناك من يهمس ان التشاؤم السائد اليوم، قد ينتهي بسرعة قياسية في حال تغيّر المناخ السياسي المرتبط بتطورات الوضع الاقليمي والوضع في الجنوب. اذ سبق ان تحدثت المعطيات عن عروض اميركية لدعم لبنان في عملية التنقيب عن الغاز والنفط، في حال تمّ الاتفاق على الترسيم البري للحدود، وجرى تبريد الجبهة الجنوبية. وهذا الامر لا يزال وارداً بقوة في حال توقفت الحرب في غزة، وبدأت مرحلة المفاوضات للوصول الى اتفاقات ما يُعرف باليوم التالي.
وبانتظار هذه المرحلة، قد يكون من المفيد ان تتريث الحكومة في فتح دورات تراخيص اضافية، لأن الشروط التي قد تتقدم بها اية شركة عالمية تريد المشاركة، قد لا تكون افضل بكثير من العروض المجحفة التي قدمتها توتال للبلوكين 8 و10. وبالتالي، اذا ارادت الحكومة ان تفتح دورات جديدة للمزايدات على البلوكات الباقية، قد يكون من المفيد تحسين الشروط، وزيادة حصة الدولة، طالما انه من المرجّح ان لا تتقدم شركات الى المزايدة. وهذا يحفظ حق الدولة في الدورات المقبلة، عندما تتغير الظروف، ويصبح البلد جاذباً للاستثمار النفطي.

Facebook
WhatsApp
Twitter

اقرأ أيضاً