يوليو 4, 2024

اخبار ذات صلة

لماذا قرّر بري المشاركة في القتال في الجنوب؟


منذ اندلاع المعارك في الجنوب، في الثامن من تشرين الاول الماضي، وعلى خلفية مساندة جبهة غزة، حرص حزب الله، على ضمّ فصائل لبنانية وفلسطينية الى القتال، ولو بشكل رمزي. اذ كان معروفاً ان قدرة اي فصيل على القتال في الظروف القائمة على جبهة الجنوب، اكثر من متواضع. وحتى حزب الله، واجه صعوبات ميدانية لم يكن يواجهها في حرب تموز 2006. ويبدو ان هذه الصعوبات، والتي تكلف الحزب عددا لا يستهان به من الشهداء، ترتبط باستعدادات قام بها العدو الاسرائيلي في الحقبة الماضية، وترتبط كذلك بالتطور التكنولوجي الذي طرأ على اساليب القتال، ومن ضمنها الذكاء الاصطناعي.


هذه الحقائق يعرفها الحزب، ويعرف مدى هشاشة النتائج التي قد يحققها اي فصيل مقاوم غير مدرب مثل مقاتلي الحزب، وغير مُجهّز ايضا، في المعركة. ومع ذلك حرص على إشراك هذه الفصائل في اطلاق زخات من الصواريخ. وكان الهدف من هذه المشاركة بالنسبة الى حزب الله واضح: المعركة ليست محصورة بمحور الممانعة، والمحور الشيعي، بل انها معركة عربية وفلسطينية ضد المحتل الاسرائيلي.
طبعا، نجح الحزب نسبياً في هذه المعادلة، اذ كان واضحاً للرأي العام ان لا قيمة عسكرية حقيقية لمشاركة فصائل اخرى، وبالتالي، لم تؤد هذه المشاركة الرمزية الهدف منها، وبقي العنوان العريض للقتال، هو بين حزب الله والعدو الاسرائيلي.


في الفترة الماضية، ظهر عنصر جديد في الساحة، من خلال إشراك حركة “أمل” في القتال، وسقوط شهداء للتنظيم العسكري في الحركة، والمعروف باسم “افواج المقاومة”. وسرت تساؤلات عن الاهداف الحقيقية التي قد تكون دفعت رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى إشراك مقاتليه في المعركة، وكذلك الاسباب التي دفعت حزب الله الى الموافقة على هذه المشاركة، وإبرازها في الاعلام بشكل كبير.
في القراءات التي ركّزت على هذا الموضوع، تمحور السؤال الرئيسي على النقطة التالية: هل ان بري هو من اقترح إشراك انصاره في القتال، ام ان حزب الله هو من طلب ذلك؟
رغم ان الاجابة الواضحة غير متوفرة، الا ان المنطق يقود الى الاعتقاد، انه وبصرف النظر عن المُبادر الى هذه المشاركة، من المؤكد ان الطرفين وجدا فيها مصلحة، وإلا لما كانت تمّت.


وفي هذا السياق، يعتبر البعض ان الحزب يستفيد من هذه المشاركة امام بيئته الحاضنة، اي البيئة الشيعية تحديدا. اذ بدأت تُسمع اصوات في هذه البئية، وراء الجدران، تعترض على الحرب القائمة، والتي أدّت الى تهجير عدد كبير من سكان الجنوب، في حين ان بقية المناطق اللبنانية لا تشعر بوجود حرب تقريباً. وكثرت التساؤلات، عن مصلحة الشيعة في هذه الحرب، واصبحت مادة جدلية موجودة في النقاشات الداخلية. وبالتالي، صار الحزب يشعر انه يحتاج الى تغطية شيعية شعبية كاملة لمعركته، وان هذه التغطية يمكن ان تؤمّنها مشاركة حركة “أمل”، خصوصا ان اوساط الحركة الشعبية هي من يطرح تساؤلات حول مصلحة ابناء الطائفة في هذه الحرب. وهكذا، عندما تنضم “امل” الى المعركة، ويسقط لها شهداء، يصبح متعذرا على بيئة الحركة الاعراب عن اعتراضها على ما يجري في قسم من الجنوب.


في المقابل، لا يقدّم بري هذه “الخدمة” مجاناً الى حزب الله. وهو يدرك ان وجوده من ضمن محور الممانعة يحتاج الى تدعيم، ذلك ان رئيس المجلس، ورغم تحالفه التاريخي مع حزب الله، إلا انه كان يتميز عن الحزب بعلاقته المميزة مع النظام السوري، مقابل علاقة الحزب العضوية مع النظام الايراني. لكن بري فقد هذه الركيزة، بسبب موقفه الملتبس عندما بدأت الحرب الداخلية في سوريا، وخاض النظام معاركه الضارية ضد معارضيه. وقد تعرضت العلاقة المميزة بين بري والنظام السوري الى ضربة قاسية، ومنذ ذلك الحين لم يقم رئيس المجلس بأية زيارة الى دمشق.


اليوم، حتى لو أراد بري ان يعيد ترميم علاقاته مع النظام السوري، بات يعرف ان هذا النظام صار في موقف ضعيف نسبيا، ولم يعد يؤمّن توازناً مقابل علاقة حزب الله مع طهران. ومن هنا، عمد بري في المرحلة الأخيرة، الى تدعيم علاقته مع طهران. وتأتي مشاركته اليوم في القتال، ولو رمزياً، الى جانب حزب الله، في اطار دعم موقفه المتحالف مع الجمهورية الاسلامية، بحيث تكتمل الصورة التي تقول ان الثنائي الشيعي، حالة سياسية واحدة تقريبا، على المستوى الاستراتيجي، ولو انه يتصرف على اساس تقسيم الادوار على المستوى التكتيكي.

Facebook
WhatsApp
Twitter

اقرأ أيضاً