مايو 10, 2024

اخبار ذات صلة

الراعي يحذر في عظة الأحد: السقف سينهار على الجميع

أشار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في عظته خلال قداس الاحد في بكركي، الى ان المرأة النازفة تمثّل كلّ إنسان ينزف من جرّاء معاناة في جسده أو روحه أو معنويّته أو أخلاقه. وتمثّل كلّ مجتمع ينزف في حضارته وتقاليده وقيمه، وكلّ وطن ينزف في سيادته وهويّته واقتصاده وأمنه وكرامته. إنّ شفاءها هو مثال لإمكانيّة شفاء كلّ شخص منّا، وشفاء مجتمعنا ووطننا بالنعمة الإلهيّة. هذا النزيف يحطّ من الكرامة ويؤدّي إلى الموت.

وقال: للكنيسة تعليم مميّز عن كرامة النساء وحقوقهنّ ورسالتهنّ، لما تمثّلن في حياة البشريّة: المرأة الأمّ قابلة الكائن البشريّ وهاديته، والمرأة الزوجة معطية ذاتها لزوجها من أجل وحدة الحبّ والحياة، والمرأة العاملة المساهمة في بناء المجتمع ثقافيًّا وروحيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا، والمرأة المكرّسة التي تقف ذاتها على خدمة الله وجميع الناس.

وتابع الراعي: الإيمان عطيّة مجّانيّة من الله لكلّ إنسان، لكي يستحضره في حياته، تأتي أفعاله في إطار الحقيقة والخير والجمال. هذا الإيمان يحتاج إلى إنمائه وتغذيته بكلام الله في الكتب المقدّسة، وإلى المحافظة عليه بالصلاة والممارسة الدينيّة. عندما يغيب الإيمان يكثر الشرّ. فبغيابه يُحجب وجه الله وكلامه، ويُستبدلان بعبادة الذات والمصالح والشهوات، والمال، وروح الشرّ، وحبّ السيطرة والإستبداد، والإستكبار، ومخالفة وصايا الله ورسومه، وكأنّها غير موجودة. هذا هو مكمن الشرّ عندنا في لبنان: تغييب الله، والحلول محلّه، يغلّبان الشرّ على الخير، والباطل على الحقّ، والظلم على العدل، والمصلحة الخاصّة على الخير العام، التشويه على التجميل. هذا كلّه، مع بعض الإستثناءات حاصل عندنا على مستوى الإداء السياسيّ، والمؤسّسات الدستوريّة، والإدارات العامّة. تشويهات في مضمون الدستور وتطبيقه، تشويهات في العيش المشترك، تشويهات في ميزة الوحدة في التنوّع. ولبنان في كلّ هذه الحالات آخذ في الإنهيار، والسقف ينذر بسقوطه على رؤوس الجميع. فعودوا إلى الله أنتم الذين تتسبّبون بكلّ هذه التشويهات.

وقال: ان التعمّد في إطالة عمر الفراغ الرئاسيكشف نوايا المعطّلين المستفيدين منه، فبتنا نشهد انهيارًا شبه كامل في مؤسسات الدولة واداراتها وفوضى عامة سمحت للعديد من المسؤولين بالتمادي والاستئثار بالسلطة الى حدّ التسلّط والتجبّر والاستنسابية ضاربين عرض الحائط بالميثاق الوطني وبنموذجيّة لبنان القائمة على التنوع في الوحدة والعيش الواحد فأطاحوا بالأصول والاصالة اللبنانية.
ان الاستمرار في هذا النهج المنحرف يهدد بشكل خطير الوحدة الوطنية التي نحن بأمس الحاجة اليها اليوم، وسلامة المجتمع اللبناني ويسيء الى كرامة الشعب المتروك بدون رأس لدولته. ان التمنّع والتباطؤ في انتخاب رئيس للجمهورية يشكل مخالفة فاضحة للدستور ويحمّل المتسببين به مسؤولية التفكك الحاصل والانهيار المستمر واستسهال مخالفة القوانين من قبل مسؤولين آخرين حتى باتت القوانين وجهة نظر او لائحة مواد يمكن الاختيار منها واستنساب ما يخدم مصالحهم وشعبويتهم ويناسب محسوبياتهم وطوائفهم، حتى لو أدى ذلك الى ادانة بريء او تبرئة مرتكب أو ظلم موظف كفوء لا يساوم على الحق واستبداله بآخر اقل كفاءة وموال لهم، والأخطر من كل ذلك حين يتم الاستبدال على قاعدة دينية او طائفية.

وأضاف: وما القول عن قضية الدوائر العقارية في جبل لبنان المقفلة منذ نحو عام ونصف. فالتأخير في اتخاذ الخطوات العملية والجدية لإعادة العمل الى طبيعته ينذر بما هو خطير ومرفوض وسط الكلام عن بيوعات وتجاوزات حاصلة تحت جنح الظلام. فضلًا عن الخسائر الناجمة عن هذا التعطيل التي تطال خزينة الدولة وأكثر من 63 مهنة وقطاع. اننا نحمّل المعنيين بهذا الشأن مسؤولية هذا التقاعس ونطالبهم بإعادة فتح الدوائر العقارية في جبل لبنان من أجل تأمين مصالح المواطنين وعودة هذا الشريان الحيوي الى طبيعته.

وتابع: وفي مجال آخر وبما ان معظم القوى السياسية متفقة على ضرورة إصلاح جهاز الجمارك نظرا لأهمية دوره وإيراداته للخزينة العامة، فإننا نطالبها بتحمّل مسؤولياتها الوطنية وإقرار الإصلاحات الجمركية اللازمة، والحؤول دون الشغور في الملاك المحدود للضابطة الجمركية، والمباشرة بملئه عبر مباراة تراعى من خلالها الكفاءة والمناصفة.
كل هذه المواضيع وغيرها من الإصلاح والمال والاقتصاد والإدارة تحتاج الى انتخاب فوري لرئيس للجمهورية يتولى قطع الطريق على أي معادلات داخلية وخارجية وتسويات قد تأتي على حساب لبنان وسيادته ومصلحة شعبه. فلنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات، لكي يوقظ الله الإيمان في جميع الناس، ولا سيما في قلوب حكّام الأرض والوطن، فيسير الجميع في هديه إلى كلّ خير.

Facebook
WhatsApp
Twitter

اقرأ أيضاً