مايو 9, 2024

اخبار ذات صلة

هوكستاين راجع…وسباق محموم بين الحرب والتهدئة


مع ظهور بوادر توحي بامكانية الوصول الى هدنة في غزة قبل بدء شهر رمضان، عاد الحديث الى الانعكاسات المتوقعة على الساحة اللبنانية نتيجة هذه الهدنة. واذا كان الانطباع السائد في بداية الحرب، ان الجبهة الجنوبية ستهدأ فوراً لدى وقف النار في غزة، فان هذا المشهد تغيّر مع الوقت، وصار هناك تساؤلات وشكوك في شأن مصير الوضع في لبنان، بعد الهدنة.
هذا التغيير فرضه السلوك الاسرائيلي المعادي الذي بادر الى رسم قواعد جديدة، مفادها ان وقف النار في غزة لا يعني انسحاب الاتفاق على الجبهة مع حزب الله، وان القتال هنا قد يستمر. بل ذهبت بعض الاصوات الاسرائيلية أبعد من ذلك من خلال الايحاء بأن وقف النار في غزة، قد يكون مناسبة لتصعيد عسكري في الجنوب اللبناني، يهدف، كما يدّعي الاسرائيلي، الى فرض انسحاب القوات العسكرية لحزب الله الى عمق عشرة كيلومترات بعيدا عن الحدود. وفي حال حصول حرب شاملة قد يتغير هذا الهدف، ليتحول شبيهاً بالهدف المُعلن في غزة، اي القضاء على القوة العسكرية لحزب الله.
وما زاد في المخاوف الداخلية، المواقف الاميركية التي وصلت الى مرحلة بدأ الحديث معها عن قلق اميركي حيال انتشار قناعة لدى قسمٍ من الحكومة الاسرائيلية بضرورة اجتياح لبنان عسكرياً، مع اعطاء تقديرات في شأن توقيت مثل هذا الاجتياح، بين الربيع المقبل أو مطلع الصيف.
هذا المناخ قفز الى واجهة الاهتمام في الفترة الاخيرة، وعاد الزخم الى النقاشات المتعلقة باستحقاق رئاسة الجمهورية، انطلاقا من مبدأ ان المصلحة العامة تقضي بتسريع حسم هذا الاستحقاق لكي يعود الانتظام السياسي الى البلد، ويصبح محصّناً اكثر في حال تعرّض لحرب شاملة. فهل ان الاجواء مؤاتية فعلا لانجاز الاستحقاق الرئاسي استباقا لاحتمالات الحرب؟
حتى الان، لا تزال مؤشرات ضبط الجبهة العسكرية اكبر من مؤشرات الانفلات والتفلّت نحو حرب شاملة. وهذا الاتجاه يظهر بوضوح في الرد العسكري الذي يمارسه حزب الله على ضربات طاولت العمق اللبناني. وبالتالي، لا يشير سلوك الحزب الى وجود قرار بالتوجّه نحو الحرب. وليس مؤكدا ان التهديدات الاسرائيلية المتكررة تهدف فعلا الى الوصول الى حرب شاملة، بل لا تزال نظرية التهويل بهدف الضغط للوصول الى اتفاق هي الطاغية حتى الآن.
هذا الواقع يفسر لماذا تراجعت الرهانات على تحركات اللجنة الخماسية، وزاد الاهتمام بالحركة التي قد يقوم بها الموفد الاميركي اموس هوكستاين في الايام القليلة المقبلة. اذ صار واضحا ان الاميركيين الذين قدّموا ما يشبه العرض المبدئي لحزب الله قبل فترة، سوف يعود موفدهم الى بيروت، لاستكمال مناقشة الافكار المطروحة مع امكانية تغيير او تعديل ما يلزم منها للوصول الى تفاهمات يمكن ان تؤدي الى نزع فتيل الحرب، وارساء وضع مستقر لفترة طويلة.
هذا الرهان على الدور الاميركي يقلق بلا شك افرقاء في الداخل، سبق وعبّروا عن مخاوفهم من ان ينجح حزب الله في مقايضة رسم الحدود البرية، وارساء الاستقرار على الجبهة الجنوبية، بتوسيع نفوذه السياسي في الداخل، بدءاً بمنحه القدرة على ايصال مرشحه الى رئاسة الجمهورية، ومن ثم الحصول على اوراق قوة اضافية في اللعبة السياسية في المرحلة المقبلة. طبعا، هذا الاحتمال ينفيه حزب الله تماما كما ينفيه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، شريك الحزب في “المعركة” السياسية والعسكرية. لكن هذا النفي لا يقنع كل الاطراف في الداخل، بحيث ان المعارضة، تعتبر ان الحزب لن يعلن بطبيعة الحال انه موافق على المقايضة، وبالتالي، لا قيمة فعلية للنفي الصادر عنه او عن بري.
في كل الاحوال، وفي حال بدأت الهدنة العسكرية في غزة الاسبوع المقبل، كما تشير بعض المعطيات، سيصبح من المتوقع ان يعود هوكستاين الى بيروت في النصف الاول من آذار الجاري. وفي خلال هذه الزيارة ستتوضّح اكثر العناوين الرئيسية للافكار التي يعرضها لارساء الاستقرار وترسيم الحدود البرية بين لبنان واسرائيل. وسيتبيّن ايضا مع الوقت اذا ما كانت الاتفاقات التي قد تُعقد تشمل فعلاً مكاسب سياسية من خلال توزيع الحصص في المشهد السياسي الداخلي، بدءا برئاسة الجمهورية.
وبالانتظار، هناك من يعتبر ان القوى المعارضة في الداخل، وان لم تُقر بذلك، باتت تخشى حصول اتفاق من هذا النوع اكثر مما تخشى اندلاع حربٍ شاملة، لأن نتائج الاتفاق المسبق قد تمنح حزب الله سيطرة كاملة على البلد بضمانة اميركية، في حين ان الحرب الشاملة قد تغيّر الوضع برمته، وقد تكون النتائج السياسية لاحقاً مختلفة تماما عن مشهد سيطرة حزب الله، التي يخشاها المعارضون اكثر من أي أمر آخر.

Facebook
WhatsApp
Twitter

اقرأ أيضاً