التقى وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بو حبيب، على هامش اجتماع الدورة 161 لمجلس جامعة الدول العربية، الذي يعقد اليوم بمقر الجامعة في القاهرة، نظيره السوري فيصل المقداد، وتم البحث في الأوضاع التي تمر بها المنطقة، لا سيما الحرب على غزة وجنوب لبنان. كما تم التطرق إلى العلاقات الثنائية بين البلدين، بما فيها مسألة النازحين السوريين.
وكانت كلمة لوزير الخارجية في اجتماع الدورة الـ161 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، عبر فيها عن موقف لبنان من التطورات الراهنة، وقال: معالي وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الموريتانية السيد محمد سالم ولد مرزوك رئيس الدورة الحالية لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد أحمد أبوالغيط، أصحاب المعالي والسعادة، الحضور الكريم، يسرني أن أتقدم بالشكر لمعالي الأخ ناصر بوريطة وزير خارجية المملكة المغربية، على ما بذله من جهد خلال ترؤسه الدورة الـ160 من مجلس الجامعة الوزاري، وأتقدم بالتهنئة من معالي الأخ محمد سالم ولد مرزوك بمناسبة ترؤسه الدورة الـ 161 للمجلس، متمنيا له النجاح في مهمته. كما أتقدم بالشكر من معالي الأمين العام وجهاز الأمانة العامة على جهودهم في إدارة أعمال الجامعة.
أضاف: إننا نجتمع اليوم، ونحن على أبواب الشهر السادس من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي يشهد مرحلة جديدة من الجرائم والمجازر الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، مما يقوض أي فرصة لحل عادل وشامل يسمح بقيام دولة فلسطينية مستقلة استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وهي المبادرة التاريخية التي أقرت في قمة بيروت للعام 2002، والتي تتمسك بها دولنا العربية في حين يمعن الاحتلال الإسرائيلي في قتل وتهجير الشعب الفلسطيني ويستسهل خرق القانون الدولي الإنساني من دون حسيب أو رقيب.
وتابع: من هذا المنطلق، فإننا ندعو المجتمع الدولي إلى لعب الدور المطلوب والاعتراف الفوري بالدولة الفلسطينية كأمر واقع لإعطاء فرصة حقيقية لمسار السلام وإيجاد حل للقضية الفلسطينية، واعتماد معايير موحدة لوقف انتهاكات إسرائيل، من خلال اتخاذ مواقف دولية حازمة بامتثال إسرائيل، أسوة بغيرها من الدول، للقانون الدولي الإنساني.
وقال: إن لبنان، إذ يؤكد دعمه الدائم للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، يحيي صمود هذا الشعب وتشبثه في أرضه، ويحذر من أن تمادي إسرائيل في سياساتها التهجيرية، يهدد بتوسيع رقعة الصراع وزعزعة الأمن والاستقرار الإقليميين وتنامي التطرف.
اضاف: كما يجدد لبنان تأكيده رفض توطين اللاجئين الفلسطينيين، حيث يتواجد ما يقارب النصف مليون لاجئ فلسطيني على الأراضي اللبنانية في ظروف اقتصادية صعبة، كما يشدد لبنان على ضرورة دعم استمرارية وكالة الأونروا عبر مدها بالموارد المالية المطلوبة، لتتمكن من مواصلة توفير الخدمات اللازمة للاجئين تمهيدا لعودتهم إلى ديارهم.
وتابع: إن عدم وجود أفق لحل القضية الفلسطينية وعودة اللاجئين إلى أرضهم، يدفعهم إلى اليأس والتطرف، وأي أمل في مستقبل وحياة أفضل، ويضعف فرص السلام العادل والشامل، ويشكل تهديدا للأمن الإقليمي، ولأمن الدول المضيفة والمانحة على حد سواء.
وقال بوحبيب: إننا مجتمعون اليوم على وقع التهديدات الإسرائيلية باستمرار هذه الحرب العبثية على لبنان من دون أفق سياسي واضح أو رؤية لاستقرار مستدام. ومنذ أكتوبر الماضي، تستخدم إسرائيل قنابل الفوسفور الأبيض المحرمة دوليا ضد مناطق مأهولة في جنوب لبنان، بالإضافة إلى استهدافها المدنيين والأطفال، والمسعفين، والمراسلين الصحافيين، ومراكز الجيش اللبناني في اعتداءات متكررة، سقط خلالها عدد منهم بين شهيد وجريح، ما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من مناطقهم المستهدفة، كما أدى إلى إحراق أراض زراعية على مساحة مئات الكيلومترات المربعة، وخسارة حوالي 40 ألف شجرة زيتون.
اضاف: فيما تستمر التهديدات والتصريحات لكبار المسؤولين الإسرائيلين بإعادة لبنان إلى العصر الحجري، يبقى جوابنا بأن لبنان لا يريد هذه الحرب ولم يسع اليها يوما، لا بل نعمل جاهدين لمنع تحقيق رغبة الحكومة الإسرائيلية بوقوع هذه الحرب وتوسعها، لأنها سوف تكون مختلفة عن سابقاتها، ولن توفر بقعة في الشرق الأوسط من تبعاتها. فعلى الرغم من الدمار الذي تهدد إسرائيل بإلحاقه في لبنان، إلا أن هذه الحرب لن تكون نزهة، وقد تتطور بسرعة إلى حرب إقليمية. إننا نريد الاستقرار على الحدود اللبنانية الجنوبية، ونريد إنسحاب اسرائيل الكامل من أراضينا.
وتابع: بقدر قلقنا من تدحرج رقعة الصراع إلى مختلف بقاع الشرق الأوسط، نرى دائما بقعة أمل لتحقيق استقرار وهدوء مستدام على حدودنا الجنوبية. إن رؤيتنا هذه تقوم على التطبيق الشامل والكامل لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 للعام 2006، وذلك ضمن سلة متكاملة بضمانات دولية واضحة ومعلنة، وفقا لما يلي:
- أولا: إظهار الحدود الدولية الجنوبية المرسمة في العام 1923 بين لبنان وفلسطين، والمؤكد عليها في اتفاقية الهدنة بين لبنان وإسرائيل برعاية الامم المتحدة عام 1949. وسوف يتطلب ذلك استكمال عملية الاتفاق على جميع النقاط الـ 13 الحدودية التي يختلف فيها الخط الأزرق عن الحدود المعترف بها دوليا، استكمالا للموافقة المبدئية على اظهار الحدود في سبعة منها، تحت إشراف قوات اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة. ويهدف ذلك إلى انسحاب إسرائيل إلى الحدود المعترف بها دوليا، ومن ضمنها انسحابها الكامل من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وخراج بلدة الماري.
- ثانيا: وقف نهائي للخروقات الإسرائيلية برا، وبحرا، وجوا، لسيادة لبنان وحدوده المعترف بها دوليا، والتي وصلت إلى أكثر من 30 ألف خرق منذ صدور القرار 1701 في العام 2006، بالإضافة الى عدم استعمال الاجواء اللبنانية لقصف الاراضي السورية.
- ثالثا: دعم الأمم المتحدة والدول الشقيقة والصديقة لبنان في بسط سلطته على كامل الأراضي اللبنانية من خلال تقوية الجيش اللبناني وانتشاره جنوب نهر الليطاني، وتوفير ما يحتاج إليه من عديد وعتاد ودعم مادي.
- رابعا: دعم عودة اللبنانيين الذين نزحوا من بلداتهم وقراهم الجنوبية بعد أحداث السابع من أكتوبر.
وتابع: على صعيد منفصل، وفي ظل تزايد أعداد النازحين السوريين في لبنان، مشكلين عبئا كبيرا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعاني منها لبنان أصلا منذ سنوات، إننا نعول على الأشقاء العرب والمجتمع الدولي لبلورة خارطة طريق تؤمن عودة كريمة وآمنة للنازحين إلى بلادهم وتؤمن الموارد اللازمة لتسهيل هذه العودة.
وختم: يبقى وقف العدوان على غزة المدخل لخفض التصعيد في المنطقة بالتوازي مع وضع رؤيتنا لاستقرار مستدام في الجنوب اللبناني موضع التنفيذ، وبالتزامن مع البدء بآلية سريعة لإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يحفظ الحقوق، ويؤمن العدل والأمن والسلام في منطقتنا.