ألقى المفتي الجعفري الممتاز سماحة الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، توجه فيها لكل اللبنانيين بالقول: إن البلد يعيش مخاضاً استثنائياً، والمشروع الأميركي يعمل على ابتلاع البلد والمنطقة، وما يجري في قطاع غزّة وصولاً للحرب المباشرة التي تخوضها أساطيل واشنطن ضد صنعاء يهدّد لبنان والمنطقة في الصميم. واليوم المعركة على ميزان المنطقة، وواقع دولها، وطبيعة مصالحها السيادية، ولبنان في قلب المعركة وضمن أخطر خرائط المنطقة، ولا يمكن أن نطمر رأسنا بالرمال، وإلا التهمتنا تل أبيب كما فعلت في العام 1982. من هنا فإن القتال السيادي على الجبهة الجنوبية هو وطني ووجودي بامتياز، ومن لا يريد أن يفهم ذلك هو جاهل أو متجاهل، والمحسوم في تاريخ هذا البلد أنه لولا المقاومة لما بقي من هذا البلد إلا المستعمرات الصهيونية، ولن يتصهين لبنان حتى لو خضنا حرب العالم، مشيراً إلى أنه في هذا السياق، لا يمكننا أن نفهم الهجمة السياسية المقصودة، التي تعمل على شيطنة القتال السيادي على الجبهة الجنوبية، وللبعض أحب أن أقول: المنطقة كلها على كف عفريت، والانقسام السياسي في المنطقة محموم، واللعبة كبيرة، وأي خطأ بدفاعات البلد الداخلية يعني كارثة بحجم وجود لبنان.
وأكّد أن المطلوب أن نحمي بلدنا، ومن لا يشارك في قتال المنطقة ستبتلعه حروبها، وتنهشه تسوياتها، ونحن لسنا بموقع ترك لبنان أو ترك سيادته أو عقد صفقات سياسية أو أمنية تنال من قرار لبنان الوطني، والنتيجة التي ستنتهي في قطاع غزّة بخصوص الأهداف المعلنة لها تأثيرها الواضح على واقع لبنان وجبهته ودرعه الوطني ومنعته السيادية… مضيفاً: وهنا لا يمكننا إلا الثناء على مواقف رئيس الحكومة التي تعكس حقيقة المصالح الوطنية والسيادية، ولتل أبيب أقول: بعيداً عن طاحونة تدمير الباطون، والإغارة على العزّل من النساء والأطفال والأبرياء، فإن الجيش الأسطورة هزم شرَّ هزيمة في غزّة، وما ينتظركم في لبنان قوّة لا سابق لها وقدرات وخيارات قتالية ستفاجئكم وتفاجئ العالم.
أما على مستوى الداخل اللبناني، توجه للحكومة بالقول: لا بد من الحضور بالمؤسسات والبرامج الاجتماعية وضمان العمالة الوطنية والأسواق، بل يجب الضرب بيد من حديد لمنع الجريمة التي تأكل البلد، وأذكّر بأن النزوح أصبح سرطانياً، ولم يعد بالإمكان الصبر عليه، وأوروبا بإصرارها على دعم النزوح إنما تتخذ مواقف عدوانية اتجاه لبنان، ونعود ونؤكّد أنه يجب فتح البحر وإغراق أوروبا بالنزوح، لأن لبنان اليوم مهدّد، والمصلحة الوطنية مهددة، ولا يمكن السكوت عن الطواحين الدولية والإقليمية، والإدارة الأمريكية ما زالت تصرّ على إغراق البلد بالأزمات، وتمنع من أي تقارب سياسي داخلي، بل تمارس أسوأ حصار دولي إقليمي على البلد، وهي اليوم تعيد لعبة الصفقات من خلال غاز مصر وكهرباء الأردن، مقابل إنهاء الجبهة الجنوبية، فقط لتأمين أمن تل أبيب وضمن سياق أكاذيب واشنطن الشهيرة زمن الترسيم البحري، والمطلوب الخلاص من لعبة الأكاذيب الأميركية، ويجب منعها من تمرير مصالحها سواء بالسياسة أو بالأمن، وما يمنع التسوية الرئاسية اليوم هو السم الأميركي، والحلّ بشراكة ميثاقية تنتهي بانتخابات رئاسية حفظاً للبلد وتأكيداً لوطنيته وسيادته.