من الصعب تصديق الأسعار التي مهرها تجار الخضار واللحوم والدجاج والمواد الغذائية على بضائعهم في منطقة النبطية، تكاد لا تصدق، نسبة الارتفاع تخطت المعقول، حيث لا مبرر منطقي لها.
في غضون إسبوع واحد فقط سجل الدجاج أرتفاعا ناهز المئتي ألف ليرة ولا زالت أسعاره تتجه صعودًا.
أما أسعار الخضار، حدث ولا حرج فيها، إذ من غير المنطقي أن تصل «ضمة البصل الأخضر»، التي كانت قبل إسبوع فقط بأربعين ألف ليرة لتسجل رقما قياسيًا تجاوز التسعون ألف ليرة، هذا ماعدا أسعار باقي الخضار الذي ارتفعت، ما إن دخل شهر رمضان المبارك.
حتى اللحوم شهدت ارتفاعا أيضا، وصل سعر الكيلو الواحد إلى مليون ومئة ألف بعد أن كان قبل أسبوع مليون ليرة لبنانية فقط.
طبعًا، التساؤل يفرض نفسه عن سر هذا الارتفاع، وإن كان جوابه حاضرا «شهر رمضان» لطالما سجلت النبطية أعلى نسبة غلاء في لبنان، بل تعد الأغلى لبنانيًا، حيث يعتمد التجار هامش الربح الكلي، أي ما نسبته عشرون في المئة، في وقت يضع تجار حاصبيا مثلا هامش ربحهم خمسة إلى ستة في المئة، وهو أمر يرفع أسعار مدينة النبطية بشكل لافت.
اللافت أيضا، هو الفورة التي سيطرت على السوق، هذه المرة الحِجَّة جاهزة لتبرير الغلاء، وتتجلى بأزمة الشحن في البحر الأحمر، بمجرد سؤال التاجر أو اللحام عن سبب هذه القفزة في الأسعار يأتي الرد «أزمة البحر الأحمر». في جولة بسيطة على الأسواق في منطقة النبطية، يسجل فوارق لافتة في التسعيرة، بين محل وآخر، فكل واحد «فاتح على حسابوا»، كل جولات مراقبي وزارة الاقتصاد لم تلجم الأسعار التب تتفلت مع كل استحقاق معيشي، ويطغى الطمع والجشع لدى التجار.
ثمة ملاحظة لا يمكن تجاهلها فيمًا خص التلاعب في الأسعار، ركيزتها الأولى الاستغلال، تليها الرغبة في تحقيق ارباح على حساب الفقراء.
صحيح أن المواطن اعتاد فورة الأسعار مع بداية شهر رمضان، غير أن ما لم يكن في الحسبان، أن تطير الأسعار، في وقت تترنح الرواتب مكانها، الأكثر تأثرا هم الطبقة المعدومة، ومياومي القطاع العام، هؤلاء لا يتجاوز البدل اليومي لهم المئة وتسعة عشر ألف ليرة، يومية لم تعمد الحكومة إلى رفعها، وتحديدًا المتعلقة بعمال البلديات، هؤلاء متركون لمصير مجهول، وَسَط غابة السرقة والفساد.
في خضم الفورة الجنونية، يسأل عمال العديد من البلديات «كيف نعيش؟»، بل يذهب بعضهم للقول «نحصل على أدنى راتب، يترتب علينا كل أعمال البلدية، في نهاية الأمر يحصل الموظف على كل الحوافز، بالكاد تصل رواتبنا مع شحادة على الراتب إلى عشرة ملايين ليرة، وفوق هذا يقابلنا هذا الجنون في الأسعار، من ينصفنا».
الأخطر في سياق التلاعب، هو الحديث عن وجود دجاج مثلج يتم بيعه على أنه طازَج، وفق مصادر متابعة «يغزو الدجاج البرازيلي السوق، وهو دجاج مثلج، يجري تذويبه وبيعه للمواطن على أنه طازَج»، لا تستغرب المصادر هذه الظاهرة في ظل الفساد القائم، ما يستوقف المصدر «غياب الرِّقابة عما يحصل، وَسَط أرتفاع الأصوات المستغربة نوعية الدجاج الذي يغزو السوق المحلي».
تبعا للمصادر فإن هذا الصنف من الدجاج خطير، ويسبب أمراضا وأوبئة للمواطن، وبطبيعة الحال، هؤلاء بمعظمهم مدعومين، من النادر توقيف تاجر يتلاعب في صحة الناس.
وفقا للمصدر «هذه الأصناف تباع بسعر الدجاج الطازَج، الذي حلق وسجل أرتفاعا وصل إلى ٢٠٠ ألف ليرة، وتختلف التسعيرة بين محل وأخر، طالمًا السوق مفتوح على مصراعيه».
جولات مراقبي الاقتصاد اليوم في منطقة النبطية لم تتأخر، وطالت مختلف القطاعات المتعلقة بمائدة رمضان، غير أنها لم تسجل سوى محضرين فقط، وَفْقاً لـِ المعلومات لعدم أظهار الأسعار وليس لرفعها.