هل نجح الرئيس السابق ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، في دفع حزب الله الى الموافقة الضمنية على الخيار الثالث في ملف رئاسة الجمهورية؟ وهل من لائحة اسماء يمكن التوافق عليها لاختيار الاسم الثالث من ضمنها؟
هذا السؤال فرضته التطورات الأخيرة التي أعقبت الزيارة التي قام بها وفد نيابي من حزب الله برئاسة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد، الى دارة الرئيس عون للوقوف على خاطره، عقب التصريحات التي أدلى بها لجهة معارضته الاعمال العسكرية التي يقوم بها الحزب في الجنوب لمساندة غزة. وكانت قد سبقتها وتبعتها تصريحات لرئيس التيار الوطني الحر، تصب في الاطار نفسه.
ورغم ان طبيعة المحادثات التي اجراها وفد الحزب مع عون لم يُعلن عنها، إلا ان التطورات اللاحقة، وما سمعه مقربون من باسيل، تفيد بأن توافقا مبدئيا حصل حول ملف رئاسة الجمهورية. ويبدو ان الوفد تعهد في خلال زيارة عون بمراعاة اوضاع باسيل، وتمّ الاتفاق مبدئيا على الذهاب الى الخيار الثالث، بما يعني عملياً تخلي الحزب عن الاصرار على مرشحه الاوحد سليمان فرنجية، أو على الاقل هذا ما يستنتجه المقربون من رئيس التيار الوطني الحر، من خلال ما يقوله امامهم في الغرف المغلقة.
وفي هذا السياق، يؤكد مصدر في التيار الوطني الحر، ليس على وفاق تام مع باسيل، ان كل ما قام به الاخير من مناورات وانتقادات لحزب الله كان يهدف الى الضغط على الحزب لجرّه الى التخلي عن فرنجية، والاتفاق معه على اسم بديل، وان باسيل يتباهى في مجالسه ضمن الحلقة الضيقة المحيطة به، بأنه نجح في هذه المناورة، وان الحزب “رضخ” للضغوطات ووافق على اسم بديل لفرنجية.
ويوضح المصدر نفسه، ان الحزب سوف يتولى بنفسه مهمة ايجاد السيناريو المناسب لاجراء هذه النقلة. وان التواصل بين باسيل وحزب الله يركّز على عدم الاعلان عن اي موقف واضح في هذه المرحلة، بانتظار ان يكون الحزب قد قرر الآلية التي سيتم اعتمادها لتنفيذ هذا الاتفاق المبدئي.
وفي المعطيات ان المصدر الذي ينقل هذه الاجواء يعتبر نفسه متضررا من الاتفاق، ليس لأن الحزب وافق على مبدأ الاسم الثالث، بل لأن الاسم الثالث هو من خارج دائرة التيار الوطني الحر، في حين ان شخصيات في التيار كانت تأمل ان تصل الى الرئاسة، من خلال تفاهم ما، يؤدي الى قبول باسيل بوصولها الى بعبدا، ما دام وصول رئيس التيار الوطني الحر شخصياً متعذراً.
ويشنّ المصدر نفسه حملة على الاتفاق، من زاوية ان اختيار الاسم الثالث جاء دون الطموحات، اذ يبدو ان اسهم سفير لبنان السابق في الفاتيكان، جورج خوري اصبحت مرتفعة، بحيث قد يكون الخيار الذي سيُتفق عليه للرئاسة. ومن المعروف ان خوري، وقبل تعيينه سفيرا، كان في الجيش، وتولى مديرية المخابرات، حيث نجح في بناء شبكة علاقات داخلية وخارجية. كما انه رسّخ علاقاته الخارجية من خلال عمله كسفير لدى الكرسي الرسولي، وبالتالي، اصبح يحظى برضى بكركي.
هذا الاختيار أغضب بقية المرشحين للرئاسة، ومن ضمنهم من كان يعتبر نفسه مرشحا غير مُعلن من داخل التيار الوطني الحر.
وفي المعطيات، ان باسيل الذي يرفض وصول فرنجية لاسباب تتعلق بوضعه الانتخابي في منطقة البترون، يتقاطع في هذا السبب مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي يرفض مبدئيا وصول رئيس محسوب على خط الممانعة، ومقرب من النظام السوري ومن حزب الله. كما ان وصول فرنجية بالذات قد يشكّل متاعب انتخابية لحزب القوات في منطقة الشمال، حيث يعتبر الحزب انه الاقوى هناك في المناطق المسيحية. ولكن هذا التقاطع في المصالح التي دفعت باسيل وجعجع الى رفض فرنجية، لا يعني ان القوات ستوافق على الاتفاق غير المعلن بين حزب الله والتيار الوطني الحر لايصال خوري الى بعبدا. وستكون هناك معركة وتجاذبات حول هذه النقطة بالذات.
في مقابل هذا المناخ، باشر المرشحون المتضررون من هذا التوجّه، تحركات تهدف الى محاولة قطع الطريق على انتقال هذا الاتفاق من توافق مبدئي الى التنفيذ الفعلي. والكل قلق من ان تتلقف اللجنة الخماسية هذا التوافق وتتبناه، وتجد فيه المخرج المناسب لانجاز الاستحقاق الرئاسي. فهل هذا ما سيحصل فعلا، ام ان ما يجري اليوم هو مجرد مناورات متبادلة سوف تنتهي الى نتائج مغايرة للتوقعات؟