مايو 9, 2024

اخبار ذات صلة

هل يدخل «الحزبُ» الحربَ؟

العين على «الجبهة الشمالية» للكيان الإسرائيلي.. العين على «حزب الله». هل يفعلها الحزب؟ هل يتدخل بكل ثقله في الحرب الوجودية الآن الدائرة بين إسرائيل وحماس ومؤيديها؟ هل يتدخل لنصرة الناس، المدنيين، المقتولين ظلماً وعدواناً في غزة وفلسطين؟
السؤال شاغل الناس. من الولايات المتحدة الأميركية عبر الرئيس جو بايدن نفسه ومسؤوليه السياسيين والعسكريين، مروراً ببنيامين نتنياهو ووزير حربه وأركانها، وصولاً إلى اللبنانيين، المظلومين أيضاً قهراً وفقراً وضياعاً.

أميركياً، نقل الإعلامُ الغربي، ومنه صحيفة «نيويورك تايمز» قبل يومين أن «الدبلوماسيين الأميركيين طلبوا من نظرائهم العرب خلال اللقاءات العديدة التي أجروها بالشرق الأوسط المساعدة في إيصال رسائل إلى حزب الله، من خلال إيران، لمحاولة منع اندلاع أي مواجهة عسكرية بين الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله». وفي الوقت نفسه، نقلت الصحيفة أن المسؤولين الأميركيين متخوفون من «إصرار الأطراف المتشددة داخل كابينت الحرب الإسرائيلي باستهداف حزب الله بالتزامن مع العدوان على غزة» وأن الأميركيين أخبروا الإسرائيليين بالمصاعب التي تنتظرهم في حال فتح جبهة ثانية مع حزب الله بعدما أعربوا عن اعتقادهم أن إسرائيل ستجد صعوبة بالغة في التعامل مع جبهتين في الوقت نفسه، فضلاً عن إمكانية دخول الولايات المتحدة وإيران على خط المواجهات. يقال إن حاملتي الطائرات اللتين أرسلتا إلى المتوسط هي لردع الحزب من دخول الحرب، وردع إيران.

فرنسا من جهتها، أرسلت أكثر من إشارة صريحة لحزب الله من خطورة توسيع الحرب جنوباً ضد إسرائيل. الرئيس إيمانويل ماكرون أكّد أنّ باريس بعثت «بشكل مباشر للغاية رسائل إلى حزب الله من خلال سفيرنا وأجهزتنا، كما أبلغناها إلى السلطات اللبنانية» من أجل ثنيه عن الدّخول في النّزاع بين إسرائيل وحماس. والكل يذكر ما نقل عن اللقاء الذي جمع رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا في عين التينة قبل أيام. وقد نبّهت كولونا الرئيس بري (كما الرئيس نجيب ميقاتي في لقائها معه في السراي) إلى أخطار دخول لبنان في حرب مع إسرائيل. وقالت بالحرف:«لبنان سيدمّر إذا قاتل حزب الله إسرائيل». ومثل الفرنسية، جاءت وزيرة الخارجية الألمانية إلى لبنان لتنقل الرسالة نفسها: إياكم والحرب مع إسرائيل.

وطبعاً الحرب لا تخاض من جهة واحدة. فإسرائيل هي المعتدية، وهي المحتلة. ورغم أن حماس خاضت عملية في السابع من تشرين الأول، رأتها مشروعة لتحرير الأرض وفك أسر الفلسطينيين في سجون الاحتلال، فإن إسرائيل هي التي تعتدي منذ ٧٥ عاماً حتى اللحظة. إسرائيل في النهاية هي التي يمكن لها أن تتحكم بمجريات الحرب، إذا عادت إلى رشدها وأعادت الحق لأصحابه. لكن هذا الأمر غير مطروح – أقله مع حكومة بنيامين نتنياهو واليمين الأكثر تطرفاً المتحالف معه.
في الرد على السؤال: هل يدخل حزب الله الحرب؟ تقول مصادر عليمة إن دخول حزب الله الحرب سيحصل «أوتوماتيكياً إذا اعتدت إسرائيل بشكل درامي في لبنان». لكنّ «هذا القرار لا أحد يعرفه. ليس عند أحد سوى شخص واحد هو الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله. يدخل أو لا يدخل؟ هو يحسبها ويحسمها». والسيد نصرالله هو واحد من مسؤولين قلة لا يتعدى عددهم أصابع اليد الواحدة، الذين كانوا على علم بعملية حماس غير المسبوقة «طوفان الأقصى» قبل حصولها. من الذين كانوا يعلمون أيضاً، محمد الضيف (أبو خالد) والشيخ صالح العاروري (أبو محمد) وهما مسؤلان عسكريان في حماس.

تقول مصادر مقربة من الثنائيّ إن «حزب الله إذا أراد أن يتدخل في الحرب فإنه سيتدخل للحسم». وإذا ظهر الأمين العام على شاشات التلفزة فإنه سيفعل ذلك «إما لإعلان النصر الذي تحققه المقاومة الفلسطينية أو لإعلان الحرب نصرة لغزة. وإذا أعلن الحرب فإنه سيعلن بداية النصر على إسرائيل وتغيير ملامح المنطقة». يعني؟ «إسرائيل لن تبقى كما يعرفها العالم». وتشير إلى أن الحزب الآن يشتبك مع الإسرائيليين «في أرض لبنان» ضمن قواعد الاشتباك في منطقتين:
الأولى في القطاع الغربي. يرد على الاعتداءات الإسرائيلية فيقصف مواقع إسرائيلية أي على قاعدة «تقتل لنا نقتل لك».
الثانية في القطاع الشرقي التي لا يشملها القرار ١٧٠١(الغجر، تلال كفرشوبا ومزارع شبعا). هو يبادر إلى قصف مواقع إسرائيلية لكنه لا يخالف البيان الوزاري من حيث حق المقاومة في تحرير الأرض. والمناطق التي يقصفها تحتلها إسرائيل وكل لبنان متفق أنها مناطق محتلة.

في رأي المصادر أن دخول حزب الله الحرب من بابها الواسع – إذا حصل- له منافع، منها دعم المقاومة في الداخل الفلسطيني وتحديداً في غزة، وتثبيت مقولة إن «المقاومة موحدة» في كل الجبهات.
كما أن اشتراك حزب الله في «طوفان الأقصى» سيعيد تثبيت اللحمة الداخلية الإسلامية السنية الشيعية في القضايا الاستراتيجية. قضية فلسطين تجمع المسلمين سنة وشيعة ودروزاً. وهذا هو موقف وليد جنبلاط المشرّف في موضوع فتح المناطق الدرزية في الجبل أمام النازحين من الجنوب، إذا توسعت الحرب.

في المقابل، صار واضحاً للعيان أن أكثرية الشعب اللبناني لا تريد توسيع الحرب نحو لبنان. هؤلاء متضامنون مع غزة «حتى النخاع» لكن عندهم مخاوف كثيرة. منها أن لبنان غير مستقر سياسياً اليوم بغياب رئيس الجمهورية و«سبات الدولة العميق» على الصعيد السياسي. هذا الأمر مرده إلى انقسامات سياسية عميقة تصيب المسؤولين والشعب على السواء. لبنان اليوم منقسم في السياسة ومنقسم في دعم «مقاومة» حزب الله. فكيف إذا قام الحزب بمحاربة إسرائيل بالصواريخ والمعدات الحربية المتاحة له. أي أنه أخذ قرار الحرب من دون رأي الدولة والناس. عندها سيتعمق الانقسام السياسي أكثر فأكثر إلى حدود لا تحمد عقباها. كل ذلك في واد، وإحصاء القتلى والجرحى والخسائر المادية في واد آخر. عندها سترتفع أصوات منددة بالحرب وبدخول حزب الله فيها أكثر فأكثر. فأساساً، لبنان منهار اقتصادياً ومالياً ولم يخرج من أزمة الانهيار الذي فيه. فكيف يدخل في أزمة جديدة قد يُعرف أولها ولا يُعرف آخرها.

النقطة الأهم في هذا المجال، أن ظروف حرب العام ٢٠٠٦ تختلف عن العام ٢٠٢٣. أميركا تدعم إسرائيل مهما ظلمت وعربدت. أميركا حذرت لبنان من دخول الحرب. فرنسا دعمت إسرائيل وحذرت لبنان. العالم العربي، الخليجي خصوصاً، لن يساعد لبنان. لن نجد أحداً ينجد لبنان، ولن تشارك دولة في إعمار لبنان إذا تهدّمت مؤسساته وشوارعه، لا قدّر الله. لبنان الرسمي لن يستطيع أن يحقق شيئاً في ظل الظروف المعروفة. أما قدرات الجيش اللبناني، فهي محدودة. لكل هذه الأسباب، فإن على الحزب، وأمينه العام السيد حسن نصر الله خصوصاً، أن يعيد التفكير في دخول الحرب الشاملة، مرتين.

Facebook
WhatsApp
Twitter

اقرأ أيضاً