أكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أنّه ما من مؤشرات توحي بحدوث مشاكل داخلية في لبنان، إذ لا مصلحة لأيّ طرف بإشعال الساحة الداخلية سوى “حزب الله” المنشغل حالياً بالحرب في الجنوب، مشدّداً على أن “الحزب” ضرب الديمقراطية في لبنان وشعبه و”فتح حرب ع حسابو”، بالرغم من أنّه ليس الحكومة، ولا يحقّ له التحكّم بمصير البلد من دون توكيل شعبيّ له.
جعجع، وفي حديث لوكالة “أسوشيتد برس”، قال: “”حزب الله” يدّعي أنه فتح جبهة الجنوب دعماً لغزة ومساندتها. فعندما بدأت الأحداث في 7 تشرين الأول، كان الوضع طبيعياً في لبنان إلى أن بدأ “الحزب” في الثامن منه بالمواجهة، مع العلم أن ما من أحد يحق له التحكم لوحده بمصير البلد من دون أيّ توكيل شعبي له. إن “حزب الله” ليس الحكومة، بل هو ممثل فيها فحسب، إلا أنه تخطاها كما المجلس النيابي وأكثرية اللبنانيين وفتح حرباً في الجنوب تحت ذريعة مساندة غزة”.
أضاف: “لنسلّم جدلاً أن “الحزب” لم يقم بردة فعل عسكرية في 8 تشرين، فهل كانت إسرائيل سترتكب جرائم أفظع من التي ارتكبتها؟ إذا الأمر سيّان، فقد أضرّ بلبنان ولم يُفد غزة، وبالتالي لا فائدة من العمليات العسكرية التي نشهد سوى مقتل المئات وتدمير القرى وتكبيد الشعب اللبناني خسائر اقتصادية مباشرة وغير مباشرة بالمليارات في الجنوب، وقد انسحبت إلى بعض المناطق الاخرى. حزب الله ضرب الديمقراطية اللبنانية وفتح “حرباً ع حسابو””.
وإذ أشار إلى أن “”حزب الله” يربط وضع لبنان بأوضاع المنطقة بشكل غير مقبول ومضرّ للبنان”، رأى جعجع أن “الحلّ واضح وصريح لجهة القرار 1701 الذي نطالب بتطبيقه اليوم، ليس لأن الولايات المتحدة والدول الأوروبية تريده بل لأنّه يناسب بلدنا”. وجدّد التأكيد على “وجوب توقف العمليات العسكرية في الجنوب، بأسرع وقت، خصوصاً أن الوضع قد يتفاقم. من هنا ضرورة انتشار الجيش اللبناني تطبيقاً للقرار 1701 في مقابل انسحاب “حزب الله” من الحدود”.
تابع: “لجهة ما يقوله “الحزب” إنه متواجد في الجنوب من أجل الدفاع عن لبنان. ثمّة سؤال، في حال انسحابه وانتشار الجيش في النقاط كلّها بدلاً منه، ألا نحمي لبنان؟ الجواب حتماً، والأكيد أنها الطريقة الوحيدة لحماية البلد ولا سيما الجنوب، كما ضبط الحدود بشكل شرعيّ، وذلك بإجماع الشعب اللبناني ودول العالم كلها”.
وعن سبب فتح “القوات اللبنانية” ملف النازحين في هذا التوقيت، أجاب: “هذا الموضوع بدأنا بطرحه منذ 13 سنة تقريباً، ففي الفترة الأولى عرضنا إقامة مناطق آمنة داخل سوريا بحماية الأمم المتحدة. ومنذ ذلك الحين، بدأنا بتقديم حلول عدّة، ولكن كنّا في أكثرية الوقت من ضمن صفوف المعارضة، ولو أننا شاركنا في الحكومات بشكل بسيط، أي لم يكن لدينا التأثير الكافي لمعالجة هذه المسألة. الحكومات المتعاقبة كلّها لم تطرح أيّ حلّ، ما أدى إلى تفاقم الموضوع تدريجياً، في ظلّ المعضلات الجمّة في البلد، إلى أن تمّ اغتيال المسؤول في “القوات” باسكال سليمان، فكانت “الشعرة التي قصمت ضهر البعير”، وسبقها جريمة في بيروت، حيث قتل رجل مسنّ على يد مخدومته، وبعدها حصلت جريمة أخرى في العزّونية”.
وأردف: “ولكن ليس هذا السبب الرئيسي في موضوع اللاجئين السوريين غير الشرعيين، بل إهماله أدّى إلى اختلاط المفاهيم. ففي القانون الدولي لا يعدّ لبنان بلد لجوء بل مرور، وقد كُرّس هذا المفهوم باتفاقية عُقدت عام 2003 بين الدولة اللبنانية والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، انطلاقاً من عوامل عدّة، منها حجم لبنان وديمغرافيته وإمكانياته؛ بمعنى أنه يترتب على المفوضية تأمين مكان ثالث لأيّ لاجئ خلال سنة فقط”.
وذكّر بأن “أكثرية اللاجئين دخلت في السنوات الثلاث الأولى من بدء الحرب السورية، وبالتالي كان على المفوضية معالجة هذه المشكلة في العام 2014، كأقصى حد، بينما في الحقيقة، تغاضت المنظمات الدولية عن الموضوع كما الحكومات اللبنانية المتعاقبة، ما أدّى إلى بقاء السوريين في لبنان”. ولفت ألى أن “مليوناً و700 ألف سوري يعيشون في لبنان بشكل غير شرعيّ، أي من دون إقامات أو إجازات عمل، فيما تخطّى بعض منظمات الأمم المتحدة القوانين الدولية واللبنانية، ومنح جزءاً منهم بطاقات لجوء من دون وجه حقّ”.
واستطرد: “كنّا وما زلنا من أشدّ المؤيدين للثورة السورية في ظل نظام ديكتاتوري ومجرم في سوريا، ولكن تأييد هذه الثورة شيء وتدمير بلدنا شيء آخر، علماً بأن لا وجود للناشطين السوريين من الثورة في لبنان، فهم غادروا إلى أنقرة والقاهرة والرياض، بعدما تمّ اغتيال بعض منهم، على يد حلفاء النظام السوري، فعلي سبيل المثال كان شبلي العيسمي أول ناشط سوري اغتيل في عاليه عام 2011”.
واعتبر “رئيس القوات” أن “99% من الوجود السوري هم “لاجئون اقتصاديون” يفضّلون الإقامة في لبنان كون الوضع فيه أفضل، كما أن المنظمات الدولية تقدم لهم المساعدات. من هنا، يتوجب علينا أن نحذو حذو فرنسا وأميركا وبريطانيا وإيطاليا في تطبيق القوانين وإعادة اللاجئين إلى بلدهم، كي لا يخسر لبنان هويته وثقافته وأرضه وشعبه ووطنيته”.
جعجع الذي ذكّر “بالانتخابات السورية الأخيرة التي صوّت فيها نحو 200 ألف مقيم في لبنان لبشار الأسد، شدّد على أن “لا مضطهدين سوريين في لبنان بل مستفيدين من الفوضى فيه ومن الوضعين الاقتصادي والاجتماعي إلى جانب المساعدات الدولية”.
أضاف: “ما من دولة في العالم بلغت نسبة اللاجئين فيها نحو 50% من نسبة مواطنيها، إذ إنّه يجب تصحيح هذا الوضع الشاذّ من خلال إعادة المؤيدين للنظام إلى المناطق التي يحكمها من جهة، وإعادة المعارضين إلى مناطق المعارضة من جهة أخرى، من دون أن ننسى أن 16 مليون سوري يقطنون في سوريا في الوقت الراهن”.
ورداً على سؤال، اعتبر جعجع أن “كل دولة تعمل من أجل مصلحتها، فقبرص مهتمة فقط بعدم دخول النازحين إليها من لبنان، أما الأوروبيّون فهمُّهم مماثل، وهم مستعدّون لدفع مئات ملايين الدولارات كي نقبل ببقاء السوريين لدينا”، موضحاً بأن “المشكلة أن بلدَنا يغرق باللاجئين غير الشرعيين ما لا يمكن لأيّ شعب تحمّله، وخصوصاً أن نسبتهم تخطت الـ50% فيما نسبة اللجوء في دول العالم كافة تبلغ أقلّ من 1%”.
وعن التحقيق في جريمة الشهيد باسكال سليمان، جدّد جعجع التأكيد على “عدم الإصرار على نظرية أو رفض أخرى، لأننا نتابع الوقائع كما هي والتي أظهرت أنها جريمة جنائية، إلا أن التحقيقات لم تنتهِ بعد”. وكشف أن “العناصر الأساسية في الجريمة أيّ رئيسَي العصابة هما اللبناني أحمد نون، والسوري زكريا قاسم، لم يتم اعتقالهما بعد، بل تم توقيف من نفّذ الجريمة فقط، وهو أمر جيّد ولكن ليس “بيت القصيد”، باعتبار أن الأساس يبقى في معرفة الخلفيّات، وبالتالي التحقيق لن ينتهي قبل توقيف رؤساء العصابة وبلورة دوافع الجريمة”.
وفي سياق الانتخابات الرئاسية، أعاد الإشارة إلى أن “”القوات اللبنانية” كانت في طليعة مَن أعرب عن الاستعداد للذهاب إلى خيار المرشّح الثالث، ولكن فريق الممانعة رفض ذلك وتمسّك بمرشحه”، معتبراً أن “هذا حق له كما يحق لنا أيضاً رفض مرشّحه وتأييد شخصيّة أخرى”.
وإذ رأى أن المشكلة تكمن في تعطيل فريق الممانعة الاستحقاق الانتخابي، تساءل جعجع عن “سبب عدم دعوة الرئيس نبيه بري إلى عقد جلسة انتخاب بدورات متتالية، كما هو وارد في الدستور، لينتخب عندها الفريق الآخر مرشّحه الوزير السابق سليمان فرنجية، وفي المقابل ننتخب كمعارضة الوزير السابق جهاد أزعور الذي يجسّد مشروعنا السياسي”.
وعمّا إذا تعرض لضغط أميركي من أجل التخفيف من حدة خطابه على إثر مقتل سليمان، اكتفى جعجع بالقول: “هذا كلام فارغ أطلقته جماعة الممانعة، فنحن طرف وطنيّ وقراراتنا بيدنا، رغم أننا نتحاور مع أميركا وسواها حول مشاكل مختلفة”.
ورداً على سؤال عن تخوفه من مشاكل داخلية، استبعد هذه الفرضية “إذ ما من مؤشرات توحي بذلك، وما من طرف له مصلحة في إشعال الساحة الداخلية، باستثناء “حزب الله” المنشغل بحرب الجنوب، وهو ليس بهذا الوارد.
جعجع الذي اعتبر أنه “في حال كان أيُّ طرف يفكّر في هذا الاتجاه فلا إمكانية لديه”، أشار إلى “عدم رغبة أي فريق لبناني بذلك، والدليل أنه على الرغم من كل الاحداث إلا أننا لم نشهد أيّ تطوّر أمني على الساحة الداخلية”.