شارك المرشحان الأميركيان لرئاسة الولايات المتحدة جو بايدن ودونالد ترامب بالمناظرة الرئاسية الأولى، والتي نظمتها شبكة “سي إن إن”.
بداية، توجّه الرجلان للوقوف خلف منبرَيهما من دون أن يتصافحا. وأدار المذيعان جيك تابر ودانا باش المناظرة التي أجريت في أتلانتا بجورجيا، وهي واحدة من الولايات التي يُرجّح أن يكون لها تأثير في الانتخابات.
الاقتصاد
وانطلقت المناظرة بأسئلة تخص نظرة المرشحين للرئاسة الأميركية فيما يخص تحسين الأوضاع الاقتصادية.
وقال بايدن إن إدارته تسلمت “اقتصادا كان على وشك الانهيار” من إدارة ترامب، إذ كانت البطالة مرتفعة، وأعادت “إدارته الأمور إلى نصابها” للاقتصاد إذ أوجدت فرص عمل جديدة خاصة في القطاع الصناعي.
وأكد أن السياسات الاقتصادية لإدارته أكدت على عدم تأثير تحكم الشركات بالمستهلكين، مشيرا إلى أن ما كان يحصل في الإدارة السابقة “فوضى”، وعلى سبيل المثال تم خفض أسعار الأدوية مثل الأنسولين.
واتهم بايدن سياسات ترامب بأنها تركز على الأثرياء، وأنه في عهده زاد العجز والدين لأعلى مستوى في التاريخ الأميركي، منتقدا خفض الضرائب للأثرياء فقط، مشيرا إلى أنه يوجد عدد كبير منهم ويدفعون فقط 8 في المئة من الضرائب.
من جانبه، رد ترامب، أن إدارته سلمت إدارة بايدن “أعظم اقتصاد في التاريخ الأميركي رغم جائحة كورونا”، مؤكدا أن التوسع في الإنفاق كان ضروريا لتلافي الكساد.
وأوضح أنه خلال إدارته كانت السوق المالية في أفضل حالاتها، والوظائف التي يتغنى بها بايدن خلقها للمهاجرين وليس للأميركيين.
ودافع ترامب عن سياسات وضع رسوم جمركية، مؤكدا أن هذا سيوجد المال لتخفيض العجز ويعطي القوة للاقتصاد الأميركي، وحتى الإعفاءات الضريبية حفزت الشركات.
وقال المرشّح الجمهوري ترامب إنّ “التضخّم يقتل بلادنا”، واعتبر أنّ بايدن “لم يقم بعمل جيّد. لقد قام بعمل سيّئ. والتضخّم يقتل بلدنا. إنّه يقتلنا”.
حرب أوكرانيا
وانتقد ترامب سياسات بايدن تجاه حرب أوكرانيا، وقال: “لو كان هناك رئيس حقيقي يحترمه (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين لما غزا بوتين أوكرانيا”.
وأضاف “كان بايدن سيئا في أفغانستان، وبوتين راقب هذا وراقب عدم الكفاءة”، وعندما “شاهد بوتين ذلك، قال إنه سيذهب ليغزو أوكرانيا فهذا حلمه”.
وأكد أن “شروط بوتين غير مقبولة، ولكن الحرب كان يجب ألا تبدأ”، وأعطى بايدن “200 مليار دولار لأوكرانيا”، واصفا الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلنسكي، بـ”أفضل بائع” لأنه “كلما يأتي لواشنطن يحصل على المليارات”.
وقال موجها حديثه لبايدن: “ما كان يجب أن تنفق هذه المليارات”، وأكد أن الحرب “ستنتهي قبل استلامه لمنصبه”.
من جانبه رد بايدن بأن إدارته أخرجت “أكثر من 100 ألف وغيرهم من أفغانستان جوا”، وما يحصل في أوكرانيا كان بتشجيع “ترامب بوتين ليفعل كل ما يريد”.
وقال إن “بوتين أراد السيطرة على كييف في أيام، ولكنه لم يتمكن من ذلك وخسر الآلاف”.
ووصف بايدن بوتين بـ”مجرم حرب قتل الآلاف، ويريد إعادة الإمبراطورية السوفيتية ولن يتوقف عند أوكرانيا لو نجح في الحرب سيستمر إلى دول أخرى”.
وأكد ترامب أن شروط بوتين لحل القضية الأوكرانية “غير مقبولة”.
حرب غزة
وانتقد ترامب سياسات بايدن التي زعم أنها تسببت في حدوث هجوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، وذكر أن إدارته السابقة جففت كل الإيرادات لطهران، ما جعلها غير قادرة على دعم حماس أو أي جماعات مسلحة في المنطقة.
من جانبه، قال بايدن إنه في عهد ترامب هاجمت إيران مئات الجنود الأميركيين وتسببت في إصاباتهم.
وأضاف أن “مجلس الأمن ومجموعة السبع وحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، وافقوا على خطة مقترحة بثلاث مراحل.. وحماس تريد استمرار الحرب”.
وأشار إلى أنه يـ”ضغط بشدة لجعل حماس توافق على الخطة”، ودافع بايدن عن قراره بتعليق إرسال قنابل تزن 2000 طن (أكثر من 900 كلغ)، لأنه من الصعب أن تستخدم في مناطق مأهولة.
وأكد أن الولايات المتحدة أكبر داعم لإسرائيل، مشيرا إلى أنه تم “إضعاف حماس” و”علينا القضاء” على الحركة.
ورد ترامب بدوره بالقول “بايدن يقول إن حماس هي التي لا تريد وقف إطلاق النار، ولكن إسرائيل هي التي لا تريد وقف إطلاق النار، عليهم إنهاء الأمر”.
ووصف ترامب بايدن بـ “الفلسطيني السيء”، في إشار لتأييد الرئيس الأميركي للفلسطينيين على حساب إسرائيل، وفق تعبيره.
ولم يجاوب ترامب على سؤال فيما لو كان سيؤيد دولة فلسطينية مستقلة لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، وقالت المذيعة: “هل ستؤيد خلق دولة فلسطينية مستقلة من أجل دعم السلام في المنطقة، ليرد الرئيس السابق بالقول: “سيتوجب علي أن أرى” الوضع حينها، لينتقل بعدها إلى الحديث عن اتفاقيات التجارة مع الدول الأوروبية، وفق ما نقلته “سي إن إن”.
الإجهاض
وانتقد بايدن سلفه ترامب بسبب تصرفه “الرهيب” ضد حق الإجهاض، في حين أشاد ترامب بإلغاء قانون “رو ضد وايد” الذي أتاح الإجهاض عبر الولايات الأميركية، ليترك الخيار لكل ولاية على حدة بإقرار إنهاء الحمل أو منعه.
وقال الرئيس الديموقراطي لخصمه الجمهوري خلال مناظرتهما في أتلانتا إن “ما فعلته هو شيء فظيع”.
من جانبه قال ترامب إن القضاة الذين عينهم خلال توليه الرئاسة تمكنوا من منع الإجهاض، مصرا على أن “مختلف الولايات لها الحق فيما يخص قضية الإجهاض والقرارات الواجب اتخاذها”.
واتهم ترامب بايدن والديموقراطيين بأنهم يقتلون الأطفال، وذكر أن قانون “رو ضد وايد” كان يتيح إنهاء الحمل بالشهر التاسع، إلا أن بايدن قاطعه قائلا إن ذلك ادعاء كاذب وأن القانون لا يعكس ذلك بتاتا.
أفغانستان
ووصف ترامب سحب بايدن للقوات من أفغانستان بأنه “اليوم الأكثر إحراجًا في تاريخ حياة بلادنا”. وقال ترامب: “كنت أخرج من أفغانستان، لكننا كنا نخرج بكرامة وقوة وقوة”.
كلام ترامب جاء ردا على بايدن الذي قال: “عندما كان رئيسا، كانوا لا يزالون يقتلون الناس في أفغانستان. ولم يفعل شيئا حيال ذلك.
تاريخية
ووصفت المناظرة بـ”التاريخية” لأنها فريدة من نوعها كونها هذه المرة ستكون بين رئيس حالي ورئيس سابق، ومدتها نحو تسعين دقيقة.
ويتواجه بايدن وترامب للمرة الأولى في سباق انتخابات 2024 في مناظرة تنظمها CNN لأول مرة، إذ كانت “لجنة المناظرات الرئاسية” تنظم تلك الفعاليات في دورات الانتخابات السابقة منذ عام 1988.
ويرى محللون بناء على سوابق تاريخية أن المناظرات الرئاسية يمكنها أن ترفع أو تخفض شعبية أي من المرشحين حسب أدائهما وتصريحاتهما في المناظرة، خصوصاً بين الناخبين الذين لم يحسموا رأيهم بعد.
ومن شأن المناظرة الأولى أن تشكل نقطة الذروة للحملتين الانتخابيتين اللتين صعدتا الهجمات الشخصية مؤخرا بشكل متزايد.
وتبدو انتخابات عام 2024 الأميركية متقاربة إلى حد كبير، رغم أن الاستطلاعات تعطي ترامب أفضلية طفيفة في جميع الولايات المتأرجحة في انتخابات يُرجح أن تحسمها بعض الولايات ومئات الآلاف من الاصوات فقط.