يبدو العالم على موعد هذا الصيف مع الفيروس “فليرت” FLiRT ، وهو أحد الأشكال المتحوّرة المشتقّة من فيروس كورونا. بالأحرى، إنّ “فليرت” هو اسم العائلة المتفرّعة من كورونا، ويحمل أحد أفرادها اسم “كي بي 2″ PK2، وقد بات الشكل المتسيّد لموجة الإنفلونزا التي تتسبّب بها هذه العائلة الفيروسية، بعد أن وصلت نسبة الإصابات بـ”كي بي 2” إلى 28 في المئة، في أميركا. وبالتالي، فقد “استحقّ” أن يحمل اسم العائلة كلّها!
صيف “الإثارة”
في أميركا، لا تصعب رؤية الأجواء المثيرة التي برز في خضمّها “فليرت”، خصوصاً منذ آذار (مارس) 2024، حيث تختلط أجواء السياسة المضطربة مع انهيار تاريخي في الاتصالات المعلوماتية وترجرج في أحوال البورصة، ومع ترقّب متقلّب للأزمة مع الصين والحرب في أوكرانيا وغيرها.
ويزيد أجواء الإثارة أنّ العلماء يعملون في الصيف على صنع لقاحات للإنفلونزا الموسمية في الشتاء، وجاء صعود “كي بي 2” في عائلة “فليرت” المتحورة أصلاً، ليزيد في الطين بلّة.
يحقّق “فليرت” الذي يذكر اسمه بمعنى “الإثارة”، انتشاراً واسعاً في مختلف دول العالم، مع زيادة معدلات السفر والرحلات من دول تزيد فيها معدلات انتشاره، ما يساهم في ارتفاع نسب الإصابات.
ويحذّر الخبراء من أنّ هذا المتحوّر يتميّز بقابليته للانتشار، قد يتوسع في موسم الصيف مع تزايد الحفلات، واحتمالات نقل العدوى عبر الاختلاط الاجتماعي، ما يزيد إمكانية توسّع عدوى فيروس “فليرت”، خصوصاً في غياب إجراءات الوقاية التي كانت معتمدة في فترة انتشار الجائحة، مثل استخدام الكمامة. في مثل هذه الظروف، تُطرح علامات استفهام حول مدى خطورة هذا المتحور الجديد، وما إذا كانت اللقاحات المتوافرة قادرة على توفير المناعة.
هل تختلف أعراض المتحوّر الجديد عن تلك المرافقة لمتحوّرات فيروس كورونا الأخرى؟
يبدو المتحور الجديد مشابهاً إلى حدّ ما لباقي متحورات كورونا. فمنذ بداية ظهور فيروس كورونا، حذر الأطباء من إمكان ظهور متحورات عدّة في مختلف المراحل، كما يحصل عادةً مع مختلف الفيروسات.
ووفق ما توضحه طبيبة الأمراض الجرثومية الدكتورة رولا حصني سماحة، من المتوقع أن يحقق أيّ متحور جديد انتشاراً من خلال حضور إمكانية السفر. وفي مختلف المراحل، هناك احتمال لوجود متحورات عدّة مع سيطرة لأحد المتحورات دون غيرها. ويبدو متحوّر FliRt المسيطر حالياً، ومن الطبيعي أن يكون موجوداً في لبنان حالياً، نظراً لانتشاره الواسع في مختلف دول العالم وقدوم الكثير من المسافرين. ففي مثل هذه الظروف، من الطبيعي أن ينقل القادمون من بلاد أخرى العدوى إلى ذويهم وأصدقائهم في غياب إجراءات الوقاية.
وتشير سماحة إلى أنّ المرضى الذين يثبت الفحص إصابتهم بالفيروس يؤكّدون بالفعل مخالطتهم أحد القادمين من الخارج. ولا يتوفر فحص خاص حتى اللحظة، لتأكيد الإصابة بالمتحور جديد أو أيّ متحور آخر، لكن من المتوقع أن يكون المتحور الجديد منتشراً أيضاً في لبنان كما في الدول الأخرى.
من جهة أخرى، تشير سماحة إلى أنه في مقابل ارتفاع قابلية المتحور الجديد للانتشار، يبدو أنّ معدلات الوفيات تنخفض إلى حدّ كبير. فتؤكّد أنّ وجوده لا يدعو للهلع، لاعتباره لا يسبّب مضاعفات خطيرة، ويتطلّب اتخاذ المزيد من الإجراءات الوقائية عند المسنّين ومن يعانون ضعفاً في المناعة وحدهم، باعتبارهم الأكثر عرضةً للخطر. أمّا بالنسبة إلى أعراض المتحور الجديد، فلا يبدو أنها تختلف عن تلك المرافقة لباقي المتحورات إلى حدّ كبير، بل هي مشابهة لها، باستثناء أن المتحور الجديد قد يسبب المزيد من الإحساس بالتعب وارتفاعاً أكبر في الحرارة.
هل يؤمّن لقاح كورونا الحماية من المتحوّر الجديد؟
لا يؤمِّن لقاح كورونا الأصلي الحماية من المتحور الجديد، ما لم تكن قد أُخِذَتْ الجرعة التذكيرية منه، التي طوِّرت لتؤمّن الحماية من المتحورات الجديدة. وكذلك لا يجدي أخذ اللقاح الأصلي الآن.
ووفق ما توضحه حصني، من المتوقع أن تؤمّن شركة “فايزر” لقاحاً جديداً للكبار في السن ومن يعانون ضعفاً في المناعة، يؤمّن الحماية من المتحور الجديد.
في المقابل، تشير الدكتورة حصني إلى أن الشباب الذين يلتقطون الفيروس، يصبحون مساهمين في تأمين مناعة القطيع في المجتمع. إنهم يصابون بالفيروس من دون أن يسبّب لهم مضاعفات تدعو للقلق بشكل عام، خصوصاً في ما يتعلق بالمتحورات الجديدة.
هل من إجراءات خاصّة مع المتحوّر الجديد؟
- في حال إصابة أحد الاشخاص بأعراض كورونا من المهمّ الحرص على الحَجر المنزلي لأيام قليلة تجنّباً لنقل العدوى إلى الآخرين.
- على المسنين ومن يعانون ضعفاً في المناعة بشكل خاص، أن يحرصوا على إجراءات الوقاية، كاستخدام الكمامة في الأماكن التي يمكن أن يلتقطوا فيها العدوى، أو بوجود قادمين من السفر. ومن الأفضل أن تكون التجمعات بالنسبة إليهم في أماكن خارجية مفتوحة، وليس في أماكن مغلقة داخلية. وبالنسبة إلى من يعانون ضعفاً في المناعة كمرضى السرطان مثلاً، فمن الممكن ألّا يشكّل المتحور الجديد خطورة عليهم، إنّما على الأقل سيساهم حتماً في تأخير علاجهم لمدة أسبوعين أو أكثر بحسب الحالة، وبالتالي، لا بدّ من زيادة الحرص تفادياً من التقاط العدوى.