أفادت وكالة “رويترز” بأنّ مراسليها في دمشق عثروا على وثيقة في مقرّ المخابرات الجوية بالعاصمة السورية، تُظهر جانباً من الحالة التنظيمية السيّئة لقوّات الجيش السوري قُبيل سقوط النظام.
وأشارت إلى أنه “في 28 تشرين الثاني (نوفمبر)، أصدرت القيادة العامة للجيش والقوات المسلّحة أوامر لجميع القوات بأن تكون على أهبّة الاستعداد القتالي”، أي قبل 5 أيام من سقوط النظام في 2 كانون الأول (ديسمبر) 2024.
وبحسب “رويترز”، فإنّه “في مؤشّر على القلق الشديد الذي انتاب النظام السوري، اتّهمت الإدارة العامة للمخابرات الجوية السورية، وهي من الأجهزة الرئيسية المقرّبة من عائلة الأسد، رجالها بالتراخي في نقاط الحراسة في شتّى أنحاء البلاد بعد أن اجتاحت المعارضة المسلحة إحدى نقاط التفتيش في الجنوب في الأول من كانون الأول (ديسمبر)، وحذّرتهم من عقاب شديد إذا لم يقاتلوا”، وفقاً للوثيقة.
ونقلت الوكالة، في تقرير تحدّثت فيه عن سبب انهيار الجيش السوري، عن عدد كبير من المصادر قولها، إنَّه “رغم الأوامر والتهديدات، بدأت أعداد متزايدة من الجنود والضباط في الفرار، بدلاً من مواجهة المعارضة المسلّحة، وشوهد الجنود وهم يغادرون مواقعهم ويرتدون ملابس مدنيّة ويعودون إلى منازلهم. كما وجد صحافيو “رويترز” الذين دخلوا سوريا يوم الأحد (يوم سقوط النظام)، أنّ “الزّيَّ العسكري ما زال متناثراً في شوارع دمشق”.
ونقلت الوكالة أيضاً في تقريها، عن ضابط مخابرات عسكرية كبير في الخدمة قوله- من دون كشف هويته- إنَّ “الغضب في صفوف العساكر تصاعد على وجه الخصوص في العام المنصرم، مضيفاً أنه كان هناك سخط متزايد تجاه الرئيس السابق بشار الأسد حتى بين كبار مؤيديه المنتمين إلى الطائفة العلوية”، وفق تعبيره.
وأوضح اثنان من الضباط، أحدهما تقاعد في الآونة الأخيرة والآخر انشق، أن غضب الكثير من الضباط أصحاب الرتب المتوسطة تصاعد في الأعوام القليلة الماضية، لأنّ تضحيات الجيش وانتصاراته في أثناء الحرب لم تُترجَم إلى تحسين الرواتب والظروف والموارد، كما كان الفساد وضعف الروح المعنوية متفشّيَين في صفوف الجيش.
وفي أقل من أسبوعين، كان المسلّحون قد اقتحموا العاصمة دمشق، وأسقطوا نظام الأسد، بينما تلاشى جيشه ببساطة. وقد أنهت هذه الهزيمة المفاجئة صراعاً دام 13 عاماً أسفر عن مقتل مئات الآلاف من الأشخاص.
الحلفاء الأجانب
كما تحدثت “رويترز” إلى 12 مصدراً، بما في ذلك منشقّين عن الجيش السوري، وثلاثة ضباط كبار، واثنَين من قادة الفصائل العراقية الذين يعملون مع الجيش السوري، ومصدر أمني سوري، وآخر مطلع على تفكير “حزب الله”، أحد الحلفاء العسكريين الرئيسيين للأسد.
ورسمت هذه المصادر، إلى جانب الوثائق الاستخباراتية، صورة مفصّلة حول كيفية تفكك الجيش السوري الذي كان يُخشى منه سابقاً بسبب إحباط الجنود، والاعتماد الكبير على الحلفاء الأجانب، خاصة في هيكل القيادة، والغضب المتزايد بين صفوف الجيش بسبب الفساد المنتشر.
وطلب معظم المصادر عدم الكشف عن أسمائهم لأنهم لم يكونوا مخوّلين بالحديث إلى وسائل الإعلام أو لأنهم كانوا يخشون الانتقام.
ومنذ بداية الحرب في عام 2011، أصبح الجيش السوري يعتمد بشكل كبير على القوات الإيرانية وفصائل لبنانية وعراقية تموّلها إيران لتوفير أفضل الوحدات القتالية في سوريا، حسبما قال جميع المصادر.
وكانت الهيكلية التشغيلية للجيش السوري، بحسب المصادر، تُدار بشكل أساسي من قبل المستشارين العسكريين الإيرانيين وحلفائهم من الفصائل.
لكن العديد من المستشارين العسكريين الإيرانيين غادروا في هذا الربيع بعد الضربات الجوية الإسرائيلية على دمشق، وغادر البقية الأسبوع الماضي، حسبما قال قادة الفصائل العراقية الذين عملوا إلى جانبهم.
وكان مقاتلو “حزب الله” وقادته قد غادروا بالفعل في تشرين الأول (أكتوبر) للتركيز على الحرب في لبنان مع إسرائيل، وفقاً للمصدر المطلع على تفكير الحزب.
وأضاف ضابط سوري، واثنان من المصادر الأمنية السورية، ومصدر أمني لبناني مطّلع على الجيش السوري، أن مركز القيادة والسيطرة المركزي التابع للجيش لم يعًد يعمل بشكل جيد بعد مغادرة الضباط الإيرانيين و”حزب الله”، وأنّ الجيش لم يكن يملك استراتيجية دفاعية، لا سيما بالنسبة لمدينة حلب.