مايو 18, 2024

اخبار ذات صلة

موسم السياحة الشتوي أول ضحايا الحرب

رغم ان القيمين على القطاعات الاقتصادية يركّزون في هذه الحقبة، على المخاطر التي قد تنتج عن احتمال توسّع حرب غزة في اتجاه لبنان، إلا ان الاضرار التي قد تنتج عن استمرار الوضع كما هو عليه اليوم لفترة طويلة، قد يخلّف بدوره اضرارا جسيمة على الوضع الاقتصادي الهش.
وفي هذا الاطار، بدأت مؤشرات الخسائر في الظهور في القطاعات الاكثر حساسية حيال الاضطرابات والحروب، وفي مقدمها القطاع السياحي، الذي تحول في موسم الصيف الى قطاع شبه مزدهر، وحقق ارقاما جيدة، ساهمت في انعاش الوضع الاقتصادي برمته، رغم استمرار الانهيار، والمراوحة في موضوع معالجة الأزمة الاساسية، المرتبطة بالانهيار المالي المستمر منذ اربع سنوات.
وفي هذا السياق، يمكن القول ان الموسم السياحي في الصيف ساهم بشكل كبير في تخفيف الضغط على سعر صرف الليرة، من خلال ارتفاع حجم المعروض من الدولارات في السوق. والى جانب اللبنانيين العاملين في الخارج، والذين أمضى قسم كبير منهم، عطلة الصيف في لبنان، تم رصد حركة سياح عراقيين متنامية، ونسبة مرتفعة منهم تمتلك قدرات مالية تفوق قدرات السائح الاوروبي. وبالتالي، كان هناك عمليات انفاق جيدة دعمت سوق الصرف بكميات من الدولارات التي كانت كافية لمساعدة مصرف لبنان على الحفاظ على استقرار سعر الصرف طوال الاشهر الثلاثة الماضية. وساهم هذا الاستقرار في تخفيف الضغط المعيشي عن شريحة واسعة من اللبنانيين.
وفيما كان القيمون على القطاع السياحي يستعدون، مع اختتام موسم الصيف، لموسم الاعياد الشتوية، سيما في حقبة الميلاد ورأس السنة، حيث يتدفق عدد كبير من اللبنانيين في الخارج الى البلد، كذلك يتم تسجيل حركة سياح عرب واجانب، جاءت ظروف حرب غزة، والاشتباكات المرافقة على الحدود اللبنانية في الجنوب، لتضرب هذا الموسم قبل ان يبدأ.
في هذا السياق، بدأت تظهر عمليات الغاء الحجوزات في الفنادق وبيوت الضيافة وسيارات الايجار وشركات السفر التي كانت قائمة قبل اندلاع الحرب في 7 تشرين الاول. هذه الالغاءات كانت خفيفة في الايام الاولى للحرب، على اعتبار ان كثيرين راهنوا على انها قد تكون حربا سريعة. لكن، وبعدما تبين لاحقا انها قد تطول، وان خطر توسعها في لبنان سيبقى قائما، طالما انها لم تنته في غزة، بدأت حركة الغاء الحجوزات في الاتساع.
يؤكد القيمون على القطاع السياحي ان حركة الغاء الحجوزات هي رأس جبل الجليد الذي يظهر الى العلن، فيما المشكلة في عمقها اخطر من عدّاد الغاء الحجوزات، ذلك ان القسم الاكبر من السياح، لا يُقدم على الحجز في وقت مبكر، وغالبية الزوار يحجزون قبل ايام من قدومهم الى البلد. وبالتالي، فان الخسائر الفادحة ترتبط بالحجوزات التي لن تحصل قبل الاعياد، اكثر من مسألة الغاء الحجوزات القائمة اليوم.
لكن النقطة الاكثر ضررا تتعلق ايضا بقدوم اللبنانيين الى البلد في موسم الشتاء والاعياد. وهذا الامر يزداد صعوبة كلما طال أمد الحرب. وفي هذا السياق، تؤكد مصادر القطاع السياحي، ان احتمال قدوم اللبنانيين هذا الموسم، تبقى قائمة حتى منتصف تشرين الثاني 2023، لتضمحل بعدها تدريجيا. وسيكون ذلك بمثابة استثناء، على اعتبار ان اللبنانيين اعتادوا القدوم الى البلد، حتى في الظروف التي كان يغيب فيها السائح الاجنبي.
طبعا، سيؤدي غياب الزوار الاجانب هذا الموسم، الى تراجع كبير في الحركة الفندقية، فيما سيؤدي غياب اللبنانيين العاملين في الخارج، الى تراجع في الحركة المطعمية، وفي مجمل الحركة الاقتصادية في الاسواق. وستتأثر قطاعات كثيرة جراء هذا الغياب.
وبصرف النظر عن التداعيات المرتبطة بغياب الزوار من الخارج في الموسم الشتوي، فان جمود الحركة الاقتصادية يرتبط ايضا بمزاج المستهلك في حقبة الاضطرابات والقلق والحروب. هذا المزاج يميل دائما الى خفض الانفاق الى مستويات متدنية جدا. وهذا الامر غالبا ما ينعكس على مجمل الحركة الاقتصادية، ويؤدي الى مزيد من الركود والتضخم.
في الوضع اللبناني، تبدو الصورة اكثر سوادا، خصوصا ان الاقتصاد مشلول من دون “جميلة” الحرب، ولو ان البعض يعتبر ان الانهيار القائم له جانب “مريح” في زمن الحروب. اذ أن الاضطرابات الشبيهة في الحقبات التي كان فيها الوضع المالي والاقتصادي طبيعيا، كانت ترافقها حالات هلع حيال احتمال هروب رؤوس الاموال من البلد. اليوم، انتفى هذا القلق، والمصارف لا تخشى هروب الاموال من لبنان، طالما انها لم تعد موجودة في القطاع، في حين ان الاموال المخبأة في المنازل والخزنات، والتي تقدّر بمليارات الدولارات، ستبقى موجودة في القسم الاكبر منها.

Facebook
WhatsApp
Twitter

اقرأ أيضاً